موسم الطرب يــتجدد بعد الدراما في رمضان

نانسي تغلبت على موسمية سوق «الكاسيت» بحفلات غنائية وأعمال للأطفال. أ.ف.ب «صورة الغلاف: مصطفى قاسمي»

بعد أن أنهوا شهر رمضان بصيام فني اضطراري، بسبب كساد أسواقهم لمصلحة الدراما التلفزيونية، دخل معظم المغنين موسم رواج مصغراً، خلال عطلة عيد الفطر التي أحيوا خلالها حفلات فنية متنوعة نشطت في عواصم ومدن عربية، خصوصا في القاهرة وبيروت ودبي، استعداداً لموسم أكبر يشهد حالة طوارئ فنية، من أجل طرح عشرات الألبومات الغنائية بشكل سنوي، في الفترة التي تشمل إجازة عيد الأضحى، وتمتد حتى عطلة الربيع في المدارس والجامعات التي يشكل طلابها الشريحة الأهم لشركات إنتاج الألبومات الغنائية، فيما يدخل معظم الممثلين في إجازات مفتوحة، بعد أن استكملوا وأتموا متابعتهم أعمالهم في مسلسلات رمضان.

وفي الوقت الذي توقفت فيه الأخبار التي تترد من المكاتب الإعلامية ومديري أعمال معظم الفنانين خلال شهر رمضان تحت شعار «الفنان.. في فترة استجمام»، تنشط الجهات نفسها حاليا في السعي إلى تسليط الاهتمام على أخبار الأصوات التي تعمل لترويجها. وفي محاولة لتعويض الخفوت الإعلامي الاضطراري لنجوم الفن، تتواتر أخبار أهل الطرب عن المحطات الغنائية التي توقفوا عندها خلال عطلة عيد الفطر، فيما عمد بعضهم إلى نسج وسيلة الدعاية التقليدية لبعض أغاني الألبوم الجديد، تحت زعم سرقة مجهولين لها، وترويجها على شبكة الإنترنت، قبل طرح الألبوم في الأسواق.

صيام فني
الصيام الفني الجماعي للمطربين لم يستثن منه سوى الأصوات التي ارتبطت بالأناشيد الدينية، مثل الفنان سامح يوسف الذي تخللت أغانيه فواصل كثيرة في المحطات التلفزيونية خلال الشهر الفضيل، لاسيما أنه استبق الموسم الرمضاني أيضاً بعمل جديد. وقال لـ«الإمارات اليوم»، «لا أعترف بفكرة المواسم في أعمالي، ولا أخطط لتوقيت بعينه قبيل طرح ألبوم ما في الأسواق، الغناء بالنسبة لي حالة شعورية، ولا يمكن أن أسجل أعمالا، ثم أرجئ طرحها في الأسواق، لأسباب تتعلق بالتنافسية، أو ظروف سوق الكاسيت».

ولمدير أعمال الفنانة اللبنانية نانسي عجرم، بشكل خاص، علاقات قوية مع الدوريات الصحافية المهتمة بأخبار الفنانين. وفي حين يسعى جيجي لمارا دائماً لتوزيع الأخبار المتعلقة بفنانته بالتساوي، وبشكل لا يخل بمتانة تلك الشراكة، فإن أخبار عجرم في العيد دائماً ما تحتل لديه أهمية خاصة، بعد فترة الكساد الإجبارية، إلا أن نانسي لم تغب تماما عن رمضان، حيث قدمت أغنية مسلسل «ابن الارندلي» الذي كان له حضوره الجماهيري الخاص.

ويقاوم المكتب الإعلامي لهيفاء وهبي قوة لمارا بإرسال المزيد من الأخبار المشفعة بصور كثيرة، لا فارق بينها سوى تعدد فساتين الفنانة التي قالت لـ«الإمارات اليوم» «ليس عيباً أن يكون هناك موسم للفن وآخر للدراما، وهو أمر يتعلق دائماً بظروف السوق التي تحكمها أيضاً ظروف الجمهور واحتياجاته». مشيرة إلى أن «وقت طرح الألبوم يلعب دوراً ربما يكون مقرباً لجودته الفنية في تحديد نجاحه».

استثناء
ويمكن القول بأن المصرية شيرين شكلت استثناء عن قاعدة الغياب الرمضاني، لغنائها أكثر من ثلاثة تترات لمسلسلات مختلفة بأسعار قياسية هذا العام، في الوقت الذي كانت فيه النجمة المصرية أيضاً أبرز المطربين الذين استفادوا من إحياء الحفلات الفنية في عطلة عيد الفطر، من خلال عدة حفلات، أبرزها حفل مسرح «البالاديوم» في مدينة دبي للإعلام في ثاني أيام العيد، ضمن فعالية «العيد في دبي».

وعن العلاقة بتباين حضورنجوم كل من الطرب والدراما على فترات موسمية تبادلية على مدار العام، رأت شيرين أن «نجوم الدراما ليسوا منافسين للمطربين على اهتمام الجمهور والدراما، لأن كلا منهما يخاطب جانبا مختلفا لدى المتلقي، فالطرب تعشقه الأذن قبل أي حاسة أخرى، أما الدراما فهي فن مرئي في المقام الأول، أُبدع ليشاهد لا ليُسمع»، مؤكدة أنه «من المنطقي أن تكون هناك مواسم بعينها، يفضل المتلقي هذا النتاج أو ذاك».

جمهور
الحضور الجماهيري الكبير لحفلات «العيد في دبي»، في مقابل اهتمام جمهور عريض بمتابعة المسلسلات التلفزيونية خلال شهر رمضان، يؤكد أيضاً ظاهرة الاهتمام الموسمي التي يجيد نجوم كلا المجالين التعامل معها واستثمارها، حتى الذين مازالوا في مستهل مشوارهم الفني، مثل المطرب المغربي الشاب عبدالفتاح الجريني الذي أبرزته بشكل خاص الحفلات لـ«العيد في دبي» العام الماضي، قبل أن يعود ويستفيد من التظاهرة نفسها، لتأكيد المكاسب الفنية التي حصل عليها، بعد أن أكسبته ثقة الغناء أمام جمهور شديد التباين في الميول الطربية ما بين الخليجي والمصري واللبناني.

 كساد  
على الرغم من أن قنوات فضائية دخلت مرحلة حسابات ما بعد الموسم الدرامي الرمضاني، ما بين جلد للذات على أعمال فوجئ المتعاقدون عليها بسذاجتها على الشاشة، وأخرى أثبتت نجاحها على الرغم ن ممحدودية ميزانيتها وخلوها ممن يصنفون بـ«نجوم الصف الأول»، فإن شؤون وشجون نجوم الدراما طويت بانتهاء موسمهم الأبرز، وهو شهر رمضان الفضيل، لمصلحة موسم الطرب الذي يهل دائماً متزامناً مع إجازات الأعياد، ممتداً في ما يتعلق بأسواق الألبومات الفنية بعدها بأسابيع، وهو ما اعتبره فنانون استطلعت آراءهم «الإمارات اليوم» بمثابة «آلية عادلة، تفرضها بتلقائية سوق الفن، بعد موسم كساد الطرب في رمضان».

 
انفعال مردود 
لم يستحسن جمهور الحفلات الفنية لفعالية «العيد في دبي» ضجر الفنانة شيرين عبدالوهاب، وشكواها الدائمة من مشكلات فنية متعلقة بالصوت، عقب كل أغنية تؤديها، وهو ما لم يشك منه الفنان المغربي الشاب عبدالفتاح الجريني الذي استهل الليلة الطربية، أو الفنان السعودي المخضرم رابح صقر الذي اختتمها بعدها.

أشارت شيرين أكثر من مرة إلى أنها قد لا تحتمل الاستمرار في ظل «مشكلات الصوت» هذه من دون أن تتذكر أن هناك فارقاً كبيراً بين إمكانات أستوديو التسجيلات الصوتية و«تحسيناته» وبين الحفلات المباشرة مدفوعة الأجر التي ينتظرها الفنانون، لتأكيد موهبتهم الفطرية وقدرتهم على تحمل عوامل كثيرة، قد لا تكون مواتية تماماً، من أجل لقاء المتلقي الذي يمثل في الأخير أيضاَ شريحة من الجمهور المستهدف شراؤه الألبومات الفنية.

ولم يحقق الجريني النجاح إلا بعد أن عرفت قدماه طريق حفلات ليالي العيد، وكانت أولى أوراق اعتماده من خلال برنامج استكشاف مواهب على قناة «إم بي سي»، قبل أن تضم صوته شركة «بلاتنيوم» ضمن أصوات مشتركين آخرين في البرنامج في ألبوم غنائي خاص، إلا أن معرفة الجمهور القوية بالجريني ظلت مرهونة بالميلاد الموسمي لمطربين كثيرين، وهو الحفلات الغنائية، وبشكل خاص ما يتعلق منها بليالي العيد.

واستهل عبدالفتاح الجريني حفلات ليالي العيد في دبي التي بدأت ثاني أيام عطلة العيد بغنائه باللهجة المغربية ونغمات من المغرب العربي، قبل أن تصعد شيرين على المسرح مقدمة عدداً من أشهر أغانيها، ليكون الختام مع المطرب السعودي رابح صقر الذي ألهب المدرجات بأدائه الخاص الذي تفاعل معه الجمهور الذي حضر من أنحاء الخليج كافة لمتابعة الحفل، وأطال بشكل ملحوظ في الوقت المحدد لفقرته الزمنية، بعدما علم أن بعض الحضور جاء خصيصاً إلى دبي من أجل حفلة يحيي صقر جانب منها، لاسيما أن من الحضور من وصل إلى الحفل بعد الواحدة ليلا في أثناء غناء صقر الذي اختتم الليلة الطربية الأولى لفعالية «العيد في دبي»، لتكون الليلة التالية جامعة على المسرح نفسه ثلاثة مطربين آخرين على خطى التنوع الفني نفسه، هم التونسي صابر الرباعي واللبنانيين نانسي عجرم وفارس كرم.
تويتر