«قتلة المدينة الجدد».. لعبة القتل القديمة

ما الجديد في أن يكون القتلة جدداً؟ هل هي المدينة؟ الشاشة الكبيرة تفيض بالقتلة، ويمكن سماع إطلاق النار في أي لحظة، وإضافة قتلى جدد إلى قائمة لا تنتهي منهم، إلى درجة صارت فيها أفلام كثيرة تقدم القتل لمجرد القتل، المهم أن يقتل عدد لا بأس به من البشر بسبب أو من دون سبب، بمبررات درامية أو نفسية أو من دونها، المهم أن يقوم الأشرار بملاحقة الأخيار، وتبادل اللعنات والرصاصات، وإراقة كمية لا بأس بها من الدماء.

فيلم New Town Killers (قتلة المدينة الجدد) المعروض حالياً في دور العرض المحلية، مستوف للشروط سابقة الذكر، وليس له أن يكون معنياً بأي شيء سوى سعيه المحموم إلى تشويقنا، والاستعانة بكل ما أوتي من قدرات، وهي قليلة وشحيحة، لجعلنا نتابع ما يحصل أمامنا، دون أن نعرف لمَ هو حاصل أساساً، وترك ذلك إلى النهاية التي بدورها تضعنا أمام مزيد من الحيرة أيضاً، كأن نتساءل ما الذي وصل بنا إليها.

قد تدفعنا الكاميرا وحركتها التي أرادها مخرج الفيلم ريتشارد جوبسون على قدر كبير من التوتر والحركة، إلى تعقب بعض الأسئلة البسيطة المتمثلة في ما قد يتورط به الإنسان مقابل حاجته إلى المال، أو السؤال مثلاً عن الابتكارات التي يخرج بها من يملك هذا المال ومعه شهوة للقتل والاستعباد، أسئلة سرعان ما يمحوها الفيلم المخصص أصلاً لجعلنا نتابع ملاحقات لا تنتهي من قبل قاتل لا يعرف الرأفة ــ من الضروري أن يكون كذلك ـ وهو يلاحق الفتى شون «جيمس بارسون»، الذي يقع الخيار عليه من قبل القاتل أليستر «دوغري سكوت» ومعه شريكه جيمي «أليستر مكنزي» ليكون هدفهما، لكن مهلاً، ليس لنا أن نعرف أسباب اختيارهما أي شيء، سوى حاجة شون إلى المال ونحن نراه مستعداً لفعل أي شيء لتحصيله بما في ذلك تعرضه للجنس من قبل رجل عجوز، الأمر الذي يرفضه قبل الوقوع به، كما أن حاجته إلى المال تأتي من وقوع أخته في ورطة تكلفها 12 ألف باوند للخروج منها.

ماذا يبقى بعد ذلك، تبقى اللعبة، بمعنى أن أليستر وجيمي يقابلان جيمي ويسألانه الاختباء، بينما يقومان بملاحقته، هما سيفعلان أي شيء لمنعه من الحصول على المبلغ الذي ينتظره إن نجح ونجا منهما، وعليه سرعان ما تعود إلى الذهن أفلام كثيرة لها أن تحول القتل إلى لعبة، يخسر من يخسر ويربح من يربح حتى إن كانت الدماء تسيل وتتدفق، إنهم يلعبون، وثلاثة أرباع حياتنا لعب، لعب بالأرواح ربما!

لا نريد أن نقارب الفيلم بعيداً عنه، وتحميله ما لا يحمله أصلاً، لكن هناك مطالب شرعية لدى مشاهدة أي فيلم، ألا وهي الدوافع والأسباب ومعها بالتأكيد المنطق الدرامي للفيلم، ولنخلص في النهاية إلى أننا مع هذا الفيلم الانجليزي أمام مطاردة مطولة، سرعان ما ينجو منها جيمي وينقلب الأمر على أليستر الذي تتضخم لديه شهوة الدم، لدرجة يقتل فيها شريكه، ولنعرف في النهاية أنه من القتلة الجدد على وزن المحافظين الجدد، له أن يكون مصرفياً في حياته العادية، رب عائلة، ولعل الجديد الذي لا يحمل جديداً إلا أنه كذلك، أنه يستثمر قدراته المالية في خدمة تعطشه للقتل، يا له من اكتشاف! لنا أن نجد بعض العزاء ونحن نجهد للوصول إليه في إيقاع الفيلم، ربما الإيقاع المجاني، ومع اللعب على كلمة «إيقاع» يبدو الفيلم محاولة للإيقاع بنا في فخ التشويق ومهما كلف الأمر بما في ذلك عناصر الفيلم نفسها.

تويتر