«روستام» يصارع ظلال «موت الشتاء»

المعرض ليس سياسياً بل هو شاعري. تصوير: باتريك كاستيلو

بخلاف ما هو معهود في لوحات الفنانين الإيرانيين، لم يظهر تأثر التشكيلي الإيراني فيريدون أف بالأوضاع السياسية في بلاده، في معرضه الجديد «روستام في موت الشتاء»، و افتتح أول من أمس في «بي 21 غاليري» في دبي، إذ حملت لوحات أف هماً إنسانياً عاماً، ظهر من خلال مراقبته لدورة الحياة، ومحاولة إبرازه الخط الفاصل بين الموت والحياة، معتمدا على روستام كشخصية أساسية في جميع لوحاته، والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بالأساطير الإيرانية القديمة . كما اعتمد أف على الألوان الهادئة التي جاءت فوق الخلفية البيضاء، ليتمكن من ابتكار جو خاص باللوحات، مركزا على الظلال السود التي تبعاً للأساطير تعتبر الفاصل بين الحياة والموت.

واهتم أف بإظهار جو الشتاء والموت في لوحاته، أكثر من تركيزه على الألوان، فكانت الخلفية البيضاء، ثم الظلال السود، الأساس في جميع لوحاته. ولم يأخذ روستام وضعيات مختلفة في جميع اللوحات، فهو دائما يسير إلى الإمام، فاتحاً ذراعيه وكأنه متجه إلى معركة ما، ويرتدي ملابس أشبه ما تكون بملابس المصارعة. وتجلت دورة الحياة القائمة على الموت والحياة والبدء من جديد من خلال النسور التي كانت تحتل المساحات العليا من اللوحات، وكانت تارة هادئة تنتظر موت فريستها من فصيلة الذئاب وتنتشر في أسفل اللوحات، وتارة ثائرة وجشعة تريد الفوز بفريسة من أجل الاستمرار بالحياة.

الفنان.. رادار
وقال أف لـ«الإمارات اليوم»، «عادة ما يكون متوقعاً أن كل ما ينبثق عن المجتمع الإيراني، لابد أن يكون سياسياً، إلا أنني أؤكد أن المعرض ليس سياسياً، بل هو شاعري»، معتبرا أن الفنان يجب أن يكون مراقبا للمجتمع من حوله، ثم عليه أن يتبع الخطوات المنطقية للمراقبة، بحيث يخرج كل ما راقبه من داخله بطريقة مختلفة وجديدة.

وأكد أن الفنان «يجب أن يكون راداراً يلتقط كل ما يدور حوله، لأن المرء لاشعورياً يهتم، ويتأثر بالأمور التي تدور حوله». مشيراً إلى انه في معظم تراث المجتمعات هناك رجل أو شخصية أساسية، مثل هركليز في اليونان، وهاملت في القصص الشكسبيرية، وروستام في إيران، وأكد أنه اختار روستام كشخصية أساسية للوحاته، لأن «الرجل دائما يكون منخرطا في المجتمع، ويطرح العديد من الأسئلة حول ما يدور في الحياة، لذا روستام لا يجسد نفسه في اللوحات ولا حتى إيران، بل يجسد كل رجل». وذكر أن الحياة ليست سهلة، لكنها تكون فعلا مدرسة مهمة وتجربة مميزة إن تعلم الإنسان منها، لأننا إن عشنا الحياة واستمعنا وراقبنا من دون أن نتكلم، صدقاً سنتعلم الكثير مما نراه.

 فهم الذات


يرى الفنان الإيراني فيريدون أف، والذي يعمل على رسم ما راقبه من شخصيات منذ ،1999 أن رسم الرجل يساعده على فهم شخصيته كفنان، لاسيما أن المرء يفهم نفسه أكثر من أي إنسان آخر، وبالتالي، فالمرأة يمكن أن تفهم نفسها إن رسمت امرأة. ويقول «رسمي للرجل لا يعني أني لا أفهم المرأة، لأني إن فهمت الرجل فهذا حكما سيمكنني من فهم المرأة التي تكمل الرجل، وذلك من خلال فهمي للأعمال التي يقوم بها الرجل من أجل المرأة».
وعن ارتباط اللوحة بدورة الحياة، أوضح أف أن كل ما يرسمه يرتبط بعملية التتابع التي تأخذها الأمور في الحياة، ف «عندما ينتهي أي فصل من فصول السنة، ندرك أن فصلاً جديداً سيبدأ». وأضاف «يمكن القول إن هذه القاعدة هي الأساس الذي اعتمدته في لوحاتي، والجو الذي أردت إظهاره من خلال موت الشتاء».

ودعا الفنان الإيراني إلى ضرورة كسر التابوهات في المجتمعات، موضحاً «هناك دائماً أمور يجب ألا نقوم بها في كل مجتمع وقد تختلف بين ثقافة وأخرى، لكن المرء يشكل شخصيته من خلال كسر التابوهات، فهذا يساعده على تكوين ذاته. لذا، بالنسبة إليّ أركز على هذه التفاصيل، كي أظهرها في لوحاتي، لأنها تهم كل فرد».
تويتر