أقباط القدس.. شركاء الهم

عندما يذكر الأقباط تذكر مصر.. وعندما تذكر مصر تذكر الحضارات القديمة والتاريخ العريق.. وعندما تذكر الحضارات القديمة في مصر تذكر الحضارة الفرعونية.. مفردات وأماكن وشعوب مرتبطة ببعضها بعضاً. اسم مصر القديم كان يلفظ «ايجبتوس» واللفظ جاء من كلمة أقباط، كما أن الإسلام عندما دخل إلى مصر في القرن السادس الميلادي كان شعبها يسمون «القبط».

وللدخول في تفاصيل الطائفة القبطية في القدس والأراضي الفلسطينية يشرح سكرتير بطريركية الأقباط الأرثوذكس في القدس الأب أنطونيوس الأورشليمي «الأقباط يعيشون في الأراضي الفلسطينية منذ 2000 عام على الأقل، وعددهم فيها يفوق 2500 نسمة، ولنا حي خاص في البلدة القديمة وكنيسة خاصة ودير يرعى مصالح الطائفة قرب كنيسة القيامة إضافة إلى العديد من الكنائس والأملاك في القدس والأراضي الفلسطينية والمناطق المحتلة من قبل اسرائيل، فهم ليسوا بمصريين فقط، ولا ينحصر وجودهم في مصر». ويضيف الأب أنطونيوس أن «أعداد الأقباط في الأراضي المحتلة يتجاوز 1500 نسمة وذلك لأن القائد سليمان القبطي جاء مع الحملة الفرنسية من مصر وعاش في الشمال وكون الطائفة القبطية هناك». وتعرض الأقباط شركاء الهم لأنواع المضاياقات من قبل جنود الاحتلال الإسرائيلي.

إلى التاريخ
وقال الأب أنطونيوس «يرتبط تاريخ الأقباط بالعهد والعصر الفرعوني، فهو الجيل الذي جاء بعد هذا العصر حيث اعتنقوا المسيحية بعد دخولها الأراضي المقدسة في القرن الأول»، وفي رواية أن السيد المسيح جاء إلى مصر صغيراً هارباً من بطش هيرودوس «الذي أمر بذبح الأطفال الذكور الذين يولدون في بيت لحم عندما علم بولادة السيد المسيح»، لذلك فإن الكنيسة القبطية احتفلت بمرور 2000 عام على دخول السيد المسيح أرض مصر عام .2000 والأقباط يعتقدون بالمعتقدات الفرعونية ذاتها من ناحية الإيمان بالحياة بعد الموت والخلود في العالم الآخر، فقبول الناس آنذاك للمسيحية كان سريعاً.

هجرة
وأوضح أن «هجرة الأقباط لأنحاء مختلفة من العالم لم تكن شائعة إلا خلال السنوات الأخيرة، وتحديداً منذ نحو 70 عاماً لأن الأقباط عموماً لا يحبون ترك بلادهم، إلا للبحث عن العمل وطلب الرزق حيث هاجروا إلى العديد من البلدان، وكانت هجرتهم الأكبر إلى مدينة القدس لمكانتها الدينية وقدسيتها، إضافة إلى أن المواصلات كانت آمنة وسهلة بين القدس ومصر عبر غزة، فكانت الهجرة طبيعية»، وفي عام 1973 أصدر البابا شنودة الثالث في مصر قراراً يقضي بمنع الأقباط من الهجرة إلى القدس حتى يحل السلام في الأراضي المقدسة.

لغة
آلاف السنين تفصلنا عن الفراعنة.. لكن الأقباط مازالوا يستعملون اللغة والكتابة من الحروف الفرعونية المصورة الأبجدية، وحتى اليوم تعلم للأقباط وتستخدم في الصلوات والكنائس. ويحتفل الأقباط برأس السنة في 11 سبتمبر، حيث كان عيد الفيضان الذي يحيي أرض مصر هو أول أيام السنة، واستمر المصريون القدامى يحيون هذا العيد حتى عهد الإمبراطور الروماني دقلديانوس الذي تولى الحكم سنة 284 للميلاد، وفي عهده ذاق الأقباط العذاب، وذبح منهم أعداداً كبيرة، ولم يكن لهم ذنب سوى أنهم رفضوا عبادة الأوثان وارتضوا عبادة الله الواحد، وهنا فكر الأقباط بأن يجعلوا رأس السنة الزراعية رأسا لتقويم جديد أسموه «تقويم الشهداء» والتقويم القبطي، واستبدلوا ذكرى فيضان النيل بذكرى فيضان دماء الشهداء، ويأكل في رأس السنة القبطية الجوافة والتمر. كما يحتفل الأقباط بشم النسيم في الربيع وأصبح في مصر عيداً قومياً، يزداد فيه أكل سمك الفسيخ والبيض.

 انتماء 
قال سكرتير بطريركية الأقباط الأرثوذكس في القدس الأب أنطونيوس الأورشليمي إن «الأقباط هم شركاء الشعب الفلسطيني في المعاناة والوجع والمشكلات وصعوبة التنقل، ولهم انتماء لبلادهم وللمكان الذي يعيشون فيه، وهم يزاولون السياسة بمشاركة الأحزاب السياسية المختلفة في انتمائها في حل القضية الفلسطينية، كما أن الكنيسة القبطية تحاول في القدس تقريب وجهات النظر لإحلال السلام.


اهتم الأقباط بالتعليم في مدينة القدس وكانوا من أوائل من أسسوا المدارس بالمدينة، وحتى هذه الأيام هناك بعثات تعليمية للقدس بدعم من الحكومة المصرية، وهناك مدرستان وكلية، حيث لا تقتصر على تعليم أبناء الجالية، بل الجميع، وتعلم أبناء الجالية القبطية في المدارس اللغات العربية والفرنسية والإنجليزية والعبرية إضافة إلى القبطية. ويعتبر الفول المدمس والكوشري (العدس والأرز والشعيرية) من أشهر المأكولات القبطية، لاسيما أنها مشهورة في مصر أيضاً، ومن أشهر المشربوبات الشاي الثقيل.

الأكثر مشاركة