مليحة: كلمات «لطيفة» حفزتني لاستئناف الغناء

مليحة: الحياة ليست فناً وطرباً فقط. من المصدر

تأتي أغنية «لاموني» للتونسية مليحة في إحدى الإذاعات، وتُظهر فضائية ما إحياءها حفلة ما في دار الأوبرا المصرية، أو حفلات ليالي أضواء المدينة الشهيرة، وربما أحد المهرجانات العريقة مثل صلالة العماني، ومهرجان الموسيقى العربية في أعمال تتعاون فيها مع كبار الملحنين مثل عمار الشريعي وزياد الطويل وخالد البكري، فيتساءل البعض أين ذهبت تلك المطربة التونسية مليحة، التي أنجزت ثلاثة ألبومات غنائية، ونافست بقوة مواطنتها لطيفة، وجارتها في الموطن سميرة سعيد، وأيضاً أصالة السورية وجيلهن، قبل أن تبتعد سبع سنوات متتالية، طوت خلالها اتصالاتها مع الوسط الفني الذي قالت عنه إن «أحواله التي سيطر عليها البرود أحالتها إلى صفوف الجمهور»، قبل أن تظهر هذه الأيام في دبي مجرية أول حوار صحافي لها بعد العودة إلى الطرب مع «الإمارات اليوم» التي التقتها في مقر شبكة قنوات «نجوم» في دبي.

وأشارت مليحة إلى أن كلمات محرضة من المطربة لطيفة هي التي أرجعتها ثانية إلى ساحة الطرب، واستئناف الغناء مرة أخرى بعد غياب طويل.

مليحة التي شكل ظهورها في حد ذاته ضمن فريق من الفتيات التونسيات اللائي كن يدرسن حينها في المرحلة الثانوية لُقب بـ«الجواهر الست»، ظاهرة فنية، قبل أن تُنهي دراستها النظرية مُتخرجة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية، وتلجأ إلى دراسة أكاديمية في المعهد العالي للموسيقى في تونس، وصلت إلى أوج تألقها الفني في أواخر التسعينات وبدايات القرن الجديد، قبل أن تستقر 10 سنوات في بيروت، حصلت خلالها على الجنسية اللبنانية، ومارست فيها تجربة الكتابة الصحافية عبر مجلة «الشبكة» اللبنانية، لكنها فقدت الكثير من فرص المنافسة الفنية التي استثمرتها مواطنتها ومنافستها لطيفة التونسية في القاهرة.

حياة خاصة
«الحياة ليست فناً وطرباً فقط»، كانت إجابة مليحة عن سر هذا الاختفاء الطويل الذي تزوجت خلاله الموسيقار المعروف عزيز المصري، مضيفة «الاهتمام بالحياة الخاصة، وتكوين أسرة مستقلة، ورعاية الأبناء هي أيضاً ضرورات يجب أن تتقدم على الرهان على الفن في مراحل كثيرة من حياة الفنان».

حصول مليحة على الجنسية اللبنانية، لا يعني تنازلها عن لقب «مليحة التونسية» الذي اقترن بها، وشرارة العودة إلى الغناء جاءت من صديقة اليوم، منافسة الأمس لطيفة التي التقتها في بيروت، محفزة إياها على الرجوع إلى الوسط الفني، والاشتغال على تجربة جديدة تستثمر بها رصيدها الذي مازال موجوداً لدى جمهور الأغنية العربية، حسب مليحة التي أضافت «رغم أن هناك الكثير من الأصدقاء والصديقات الذين دفعوني كثيراً باتجاه العودة، فإن كلمات لطيفة كانت أبعد أثراً لاسيما وأنها توجت حديثها بعبارة موجزة بالغة الأسى والفاعلية بالنسبة لي، قالتها طبعاً بلهجتها التونسية الجميلة «نموت لو ما بتغني».

لكن مليحة تكشف مزيداً من أسباب الانقطاع عبر استرسال الحوار، لاسيما وأنها كانت حققت وجوداً ملموساً على الساحة الفنية سابقاً فتقول «شهدت بدايات الألفية الجديدة ظاهرة أشبه بحالات البرود الفني، والفوضى العارمة في مجال الأغنية العربية بكل أشكالها، فأصبح من اليسير أن يقوم أي فرد بالغناء، ليس عبر ظاهرة الأغاني المصورة التي أسيء استغلالها فقط، بل من الممكن أيضاً أن يكون إنتاج ألبوم غنائي كامل أمراً مفيداً بالنسبة إليه في سبيل الوصول إلى ربح مادي، وبعض الشهرة».

مزيج ثقافات  
وصفت الفنانة التونسية مليحة التي تألقت في تسعينات القرن الماضي في القاهرة، ثم انتقلت للاستقرار في بيروت حاصلة على الجنسية اللبنانية، قبل أن تُقرر العودة إلى الطرب بثوب الأغنية الخليجية، نفسها بـ«مزيج ثقافات عربية»، مؤكدة أن اشتمال ألبومها الجديد على لهجات «خليجية تسود الألبوم، ومصرية ولبنانية وعراقية وتونسية» هو انسجام صادق مع ذاتها بعيداً عن حسابات الإنتاج التي تسعى دائماً إلى فتح مناطق تسويقية متعددة في مختلف الأقطار العربية.

وأضافت «كوني فنانة تنتمي بالأساس إلى منطقة المغرب العربي يمنحني قدرة الغناء بلهجات متعددة، لأن اللحن المغاربي يتميز بإيقاعاته المركبة»، نافية في السياق ذاته أن تكون لهجتها في غناء الكلمات الخليجية مناظرة للمهارة نفسها التي يؤدي بها المطربون الخليجيون من حيث تمثل الكلمة الخليجية.

وتواصل مليحة «كان قرار الانسحاب من الوسط الفني هو الأنجع بالنسبة لي، لاسيما في ظل غياب العروض التي يمكن أن أقبلها من حيث الكلمات والألحان، إلا أن تلك الفترة التي طالت لسبع سنوات مكنتني من استيعاب الكثير من الخبرات التي أسهمت في إنضاج شخصيتي الفنية».

دعم
اختارت مليحة دبي لتكون نقطة انطلاقتها الفنية الجديدة وتعاونت مع شركة «نجوم» للإنتاج الفني من أجل إنتاج ألبوم خليجي الهوية، حسب تعبيرها، يحمل أغنيات باللهجات المصرية واللبنانية والتونسية والعراقية، إلى جانب اللهجة الخليجية، وهو ما فسرته بقولها «صادفت هنا دعماً فنياً من قبل فريق شديد الاقتناع بقدراتي الغنائية، وتوافرت لي ظروف استثنائية للعودة من جديد تمثلت في أسماء تتمتع بقدر هائل من الاحترافية سواء في مجال كلمات الأغاني أم الألحان والتوزيع، وسائر التفاصيل الخاصة بعملية الإنتاج، وكلها مقدمات من دون شك تؤشر إلى أنني أسير على الطريق الصحيح.

تعدد اللهجات بشكل لافت في الألبوم الذي قالت مليحة إنها انتهت من تسجيل كامل أغنياته، وأصبح شبه جاهز للطرح إلى الجمهور كان أيضاً محور تساؤل أجابت عنه المطربة التونسية بقولها «غنائي كل تلك اللهجات لن يكون صعباً بالنسبة إلي لأن اشتغالي على الغناء يكون دائماً من خلال الجملة الموسيقية، وليس الكلمة المكتوبة كما هو سائد فنياً، فضلاً عن أنني تونسية عشت فترة طويلة من بداياتي الفنية في القاهرة، وظللت 10 سنوات في بيروت دون أن تنقطع رحلاتي إلى دول الخليج العربي التي أقيم فيها الآن».

وراهنت مليـحة بثـقة الفنان المتـمكن من أدائه على الألبوم المقـبل، مضيفة «كل كلمة من أغنيات الألبوم قمت بغنائها من أعماقي، وإذا كان الانسحاب من الساحة الغنائية على مدار سبع سنوات هو خياري السابق، فإن تقديم أعمال ذات قيمة فنية كبرى تعوض تلك المرحلة السابقة هو هدفي الجديد الذي يبدأ بهذا الألبوم، دون أن أدري خط نهاية محدداً له، لذلك فإن يوم طرح ألبوم العودة هذا للجمهور بالنسبة إلي سيكون يوماً شديد الخصوصية أترقبه وأطمح أن يكون حاملاً مفاجآت سارة بالنسبة لجمهور الأغنية العربية».
تويتر