«العرس الفلسطيني».. دراما مشبعة بالدموع
في إطار جهودها الحثيثة لربط التعليم بالأنشطة اللامنهجية، قدّمت مدرسة الفرير الثانوية في القدس بحضور هيئات وطنية ودبلوماسية ومؤسسات مقدسية وأولياء أمور الطلبة ولفيف من أصدقاء المدرسة عملاً درامياً بعنوان «العرس الفلسطيني - فرح إلنا» على مدى ثلاثة أيام الأسبوع الماضي، وشارك فيه 70 طالباً وطالبة من مختلف الأعمار، وجسّدوا من خلاله لوحات فنية تراثية تقوم أساساً على الحركة الجماعية والرقص الفلوكلوري والإيقاع الموسيقي الخاص.
ولم يكن «العرس الفلسطيني» هذه المرة كبقية الأعراس في أنحاء أخرى من العالم، حيث امتزجت فيه الفرحة بالدمعة، وظل الراقصون والراقصات يعبّرون عن فرحهم بالصوت والحركة والأهازيج والزغاريد الشعبية التي لا تنفصل عن حدث من هذا النوع. غير أن لوحة الفرح تتبدّل ألوانها في نهاية العرس، عندما تستشهد العروس، فيقف من حولها الجميع مشدوهين مما جرى، ويصنعون بصمتهم الذي ترافق مع إيقاع موسيقي حزين لوحة تتوشح بالحزن والغضب.
تلك هي حكاية عرس لم يكتمل بعد، بذل القائمون عليه جهوداً كبيرة بأسلوب يجمع بين الأضداد، ويروي حكايتنا الحزينة وحكاية الأجداد. هذا النسيج الدرامي من دون «دراما مكتوبة» هو الأساس الذي تعتمد عليه الدراما التعليمية هذه الأيام، وقد بدا خلال العرض مترابطاً على صعيد الصوت والحركة والإندماج الجماعي في الحدث. وكان لمشاركة الجمهور وقع آخر وصدى كبير على المؤدين، فالدموع التي سكبها بعض المشاركين جعلت الحضور يغرق في الصمت ويخيّم من حوله الحزن الشديد، بعد أن شارك الطلاب والطالبات فرحهم على المسرح.
هذا العمل هو نتاج تجربة، ما كان لها أن تكون لولا جهود كبيرة وحّدت عشرات المشاركين والجنود المجهولين، تمثيلا وإبداعا وتدريبا وتصميما وإخراجا وإشرافا وغير ذلك. حيث قضى هؤلاء أكثر من ثلاثة أشهر، وهم يبنون عملهم لكي تتناغم الحركات بين الصغار والكبار، ويفهم كل منهم دوره ويؤديه في سياق العرس الفلسطيني. وشدّ الحضور كثيراً أن يروا أطفالاً لا تتجاوز أعمارهم أربع سنوات، يتحركون على المسرح، ويغنون ويغضبون ويحزنون، بحسب ما تتطلبه اللوحة المتجسّدة على المسرح.
يُذكر أنه تم إنجاز العمل بدعم جزئي من مشروع كنعان، وبالشراكة مع مركز عوشاق للفنون ومركز سبافورد للأطفال. ومن أبرز الجنود المجهولين الذين صنعوا الحدث من خلف الستار : السيناريو والإخراج مثقال جابر الفكرة، تصميم الرقصات والأزياء وطن كيال، الموسيقى والتسجيل وائل أبو سلعوم، المدير الإداري نبيل عبدالله، عاهد إزحيمان وأمجد غنام الديكور، مدير المنصة إبراهيم الأفغاني، تقنيات الصوت زكي هزو ويوسف كتلو.
جدير ذكره أن التظاهرة الفنية التي افتتحها عريف الحفل غسان رفيدي حظيت برعاية مدير المدرسة الدكتور سليمان ربضي الذي رحب في كلمته بالضيوف، وركز على أهمية العرس الفلسطيني وربطه بالتراث، في وقت يتزامن فيه العرض مع اعتبار القدس عاصمة للثقافة العربية. وتلا ذلك كلمة بالإنجليزية لمنسقة دائرة اللغة الإنجليزية التي رحّبت بالضيوف الأجانب، مشددة على أهمية دعم المرافق الحيوية للأنشطة اللامنهجية في المدرسة، حتى تواصل عطاءها المنشود.