عذب الكلام
قصيدة «لكل شيء إذا ما تم نقصان» لأبي البقاء الرندي:
لكل شـــيءٍ إذا مـــا تم نقــــــصانُ
فلا يُغـرّ بطيـــب العيــش إنـــسانُ
هي الأيــامُ كــــما شـــاهـدتها دُولٌ
مَن ســَرهُ زَمـــــنٌ ســاءَتهُ أزمــانُ
وهــذه الـــــدار لا تُبــقي على أحـد
ولا يـــــدوم عــــلى حــالٍ لها شانُ
يُمزّق الــــــدهر حتماً كل ســــابغةٍ
إذا نبـــت مشـــــْرفيّاتٌ وخُرصــانُ
وينتـــضي كــــلّ سيف للفناء ولــوْ
كــان ابـــنَ ذي يزَن والغـمد غمدان
أين الملــوك ذَوو التــيجان من يمـنٍ
وأيـن منـــهم أكــــاليلٌ وتيــجانُ؟
وأيـــن مـــا شاده شــدادُ فــي إرَمٍ
وأين ما ساســـه في الفــرس ساسانُ؟
وأين ما حـــازه قـــارون من ذهـب
وأيــن عـــادٌ وشـــدادٌ وقحـــطانُ؟
أتى عــــلى الكُلّ أمــر لا مــَردّ لـه
حتى قَضــَوا فــكأن القــوم مـا كانوا
وصار ما كـــان مـن مُلك ومــن مَلِك
كــما حـكى عن خيال الطّيفِ وسْنانُ
دارَ الزّمـــانُ عـــلى (دارا) وقاتِلِه
وأم كســــرى فــــــما آواه إيـــوانُ
كأنما الصعب لم يســـْهُل له سـببٌ
يومــاً ولا مَلــكَ الدُنــيا سُليمــــانُ
فجائعُ الدهــــر أنــــواعٌ مُنوّعـة
وللزمــــان مســــرّاتٌ وأحــــــزانُ
وللـــحوادث سُــــلوان يسهــــلها
ومـــا لما حـــلّ بالإســـلام سُلـوانُ
دهــــى الجزيرة أمــرٌ لا عـزاءَ له
هــــوى له أُحــــدٌ وانهــــدّ ثهلانُ