الأعظمي.. مصارع يحيي «المقام العراقي»
يسعى مطرب المقام العراقي الأول حسين الاعظمي الى احياء موسيقى كانت تستمع اليها النخب في العراق قبل مئات السنين، من خلال تنظيم جولات فنية عالمية وكتابة البحوث للتنقيب في «منجم اسرار» هذه الموسيقى التي تكاد تكون في طي النسيان.
وسيتوجه الأعظمي الى باريس اليوم بمرافقة فرقته من اجل احياء حفل في قصر الاليزيه بحضور الرئيسين العراقي جلال طالباني والفرنسي نيكولا ساركوزي. وعن ذلك يقول «الدعوة وجهت لي من قبل المركز الثقافي الفرنسي في عمان وأبلغوني بأنني سأغني في قصر الاليزيه بحضور الرئيسين طالباني وساركوزي»، مشيراً الى انه سيجعل منها «حفلة العمر».
والأعظمي كان بطلاً للعراق في المصارعتين الحرة والرومانية الى ان اقنعه منير بشير اشهر عازف عود عرفه العراق، عام 1975 بترك حلبة المصارعة والتفرغ لإحياء تراث المقام العراقي بعد ان استمع اليه يغني في حفلة خاصة. وبدل ان يسافر الأعظمي في ذلك العام مع بعثة المنتخب الوطني العراقي للمصارعة الى تركيا للمشاركة في احدى البطولات ارسلته الدولة في جولة اوروبية استمرت 45 يوماً، احيا خلالها العديد من الحفلات في بريطانيا وفرنسا وسويسرا وبلجيكا والنمسا وهولندا وألمانيا وفتحت له ابواب الشهرة على مصراعيها.
لكن الرجل (57 عاماً) يصر على انه غير نادم على قراره هذا. ويقول من منزله في عمان حيث يعيش منذ نحو ثلاث سنوات «عندما اغني المقام العراقي اشعر بسعادة غامرة ولا يساورني تعب او جوع ولا عطش ولا ملل».
وأحيا الأعظمي منذ انطلاقته الأولى عام 1975 حتى الأن اكثر من 370 حفلة في 74 بلداً في مسارح ومهرجانات عالمية حتى انه بات اسمه في العراق «سفير المقام العراقي».
وترافق الأعظمي الذي يتمتع بصوت قوي مميز في حفلاته فرقة «الجالغلي البغدادي» التي تتألف من خمسة اشخاص غالباً ما يرتدون الملابس البغدادية الشعبية القديمة المعروفة بـ«الصاية واليشماغ». ويرى الأعظمي، وهو من اسرة دينية من حي الأعظمية في بغداد كانت تمارس الأداءات المقامية في الشعائر الدينية أبا عن جد من دون احتراف، ان «قارئ المقام لابد ان يكون قد تربى في بيئة يتوافر فيها اداء المقام بشكل دائم، اضافة لامتلاكه صوتاً قوياً ذا طاقة كبيرة يمتد لمساحة جيدة من القرارات والجوابات في آن معاً». ويؤكد الأعظمي الذي ألف العديد من الكتب عن اصول المقام العراقي تعد مرجعاً، ان «المقام العراقي ربما مرت عليه اربعة قرون وأن سبب اطلاق صفة العراقي عليه تميزه عن مقامات موجودة في دول اخرى مثل تركيا وايران، اضافة الى انه نشأ وترترع في بغداد». تخرج الأعظمي من معهد الدراسات الموسيقية في بغداد مطلع سبعينات القرن الماضي ليعمل فيه معيداً، ثم استاذاً، ثم عميداً حتى استقالته عام ،2005 وهو يقول إن «الموسيقى تهذب المشاعر والأحاسيس والتفكير وإذا لم تعمل الموسيقى على هذا النحو فإنها ليست هي الموسيقى المقصودة». ويضيف ان «الإنسان لو استطاع ان يفهم المعنى الحقيقي للموسيقى لن يخطئ وسيبقى انساناً مستقيماً طوال حياته». لكن الأعظمي الذي يدرس في المعهد الوطني للموسيقى في عمان، اعرب عن الأسى عن حال المقام العراقي بعد الآثار المدمرة التي خلفها الاحتلال الأميركي للعراق ،2003 ويقول «الدولة الآن منشغلة في كثير من الأمور ولم تعد تفكر في الموسيقى والغناء، خصوصاً المقام العراقي الذي يمر بفترة انحسار». وعلى الرغم من هذا يؤكد «أنا لم أغن في مطعم أو نادٍ أو ملهى ليلي على الرغم من كل الظروف الاقتصادية الصعبة التي مرت بي بعد ،2003 فأنا معلم ومربي اجيال في الفن والموسيقى والغناء المقامي».