التقاليد في السعودية تعطي للعيد بهجته

الزينة تستقطب النساء. أ.ب

لم يتغير شيء بشأن العيد في السعودية هذا العام، سوى أحاديث الناس عن المال وأزماته، فالأسواق مليئة بالمتسوّقين، والخراف سمينة وغالية كما كانت في السنوات السابقة، وحركة البيع والشراء في حراك ملحوظ. وككل عيد، انشغل الناس بالحديث عن الأضاحي وأسعارها.

ومع أن الحديث كثر عن تأثر الأسواق بالأزمة المالية، إلا أن المتسوّقين والباعة لم يشعروا بها، وهو ما أوضحه (أبوسليمان) الذي كان يقف أمام سيارة أغنام، وقال «الأسعار كما العام الماضي، والمبيعات لم تتغير عما اعتدنا عليه، ويعد هذا عادياً أمام السواد الأعظم من السعوديين الذين يمكن وصفهم بالمواظبين حتى درجة التشدد في ما يخص بأداء شعائر عيد الأضحى التي تبدأ بنحر الأضحية، وتمر بتوزيع اللحوم على الفقراء والجيران والأصدقاء».

ولا تتوقف بهجة السعوديين في العيد على الأضاحي، إذ تستعد العائلات لإقامة الولائم التي يُدعى إليها الأقارب والأصدقاء، وتقام احتفالات تُزيّن بالألعاب النارية، ما يبرر حركة الأسواق الأخرى، وسط ازدحام ملحوظ داخل المجمعات التجارية. وقال أحمد الغامدي، وهو يعمل في أحد المحال الشهيرة وسط الرياض، إن «المتسوّقين يحرصون على شراء ملابس جديدة، ولم يلحظ أي تغيير في حجم المبيعات، أو في الأسعار، سواء كان ذلك التغيير صعودًا أو هبوطًا».

وكانت المظاهر التقليدية التي تسبق عيد الأضحى واضحة للعيان، ومنها ما يمكن تمييزه في وجوه السعوديين، في انتظار ذبح الأضحية قبل الحلاقة والتزيين للاحتفال بالعيد. وتقدر عدد أضاحي عيد الأضحى المبارك، المتوقع نحرها في المدن السعودية، تسعة ملايين رأس، ما يبين التزام السعوديين بالمناسبة، إذا ما تمت مقارنته بدول إسلامية تفوق السعوديـة تعداداً سكانياً، إذ يقدر عدد الأضاحي في تركيا مثلاً، والتي يتجاوز عدد سكانها 70 مليون نسمة بمليوني أضحية، والمغرب التي قدر عدد الأضاحي فيها في العام الماضي بسبعة ملايين رأس. والمتتبع للعائلات السعودية، يدرك أن هناك عادات ثابتة كثيرة، وهي الزيارات بين الأهل، والهدايا التي تقدم للأطفال، إضافة إلى عودة سكان المدن، القادمين من الأرياف والقرى، لقضاء الإجازة هناك. وارتبط عيد الأضحى بمظاهر شعبية تشكل في مجملها عناصر الاحتفالية الدينية المهمة في السعودية، مثل العادات المرتبطة بالحج، كالمحمل والاحتفاليات التي عُرف بها على مدى التاريخ، وعادات توديع الحجاج واستقبالهم وارتباطها بمظاهر البهجـة والفرح، والترحيب والتهنئة بسلامة وصوله.

ومن العادات والتقاليد المرتبطة بالعيد، ويحرص عليها السعوديون بعد شراء الأضحية، عادات تتعلق بنوعية الأطعمة الشعبية التي تعتمد على لحمة الأضحية بشكل مباشر، مثل الطبق المعروف بالفتة واللحم المشوي.

واتخذت عادات وتقاليد الذبح مظهراً احتفالياً تمثل في تجمع الأسرة والأطفال لمشاهدة عملية النحر. بعد ذلك، يجتمع أفراد الأسرة عند كبير العائلة، ليتعاون الرجال في ذبح ذبائحهم، ومن ثم تجهز النساء الفطور، ويضعن القليل منه لمعايدة الجيران والأهل. أما غداء يوم العيد فسيكون بتخصيص جزء من الأضحية.

وذكر مؤذن مسجد في حي الروضة شرق الرياض أن من العادات التي يحافظ عليها السعوديون، خصوصاً في الديرة (القرية)، افتراش الشوارع لعمل موائد عامرة من كل بيت، إذ تقدم كل أسرة الطبق الخاص بها، أو الذي صنعته لإهداء الجيران وحتى المارة، ويتم فتح البيوت الكبيرة (الدواوين) تحت رئاسة شيخ كبير يمثل رأس العائلة، ويتم تقديم الشاي والقهوة العربية والتمر والحلوى والأكلة السعودية (المعصوب)، وتتكون من الدقيق والسمن والعسل، والاكتفاء بها كمظاهر أولية للاحتفال بالعيد بعد صلاة العيد مباشرة، أو بعد ذبح الأضاحي.

وفي اليوم الثاني، تبدأ المعايدة بين الأهل والأقارب، بالتجمع على الغداء أو العشاء، وتذوق أضحية كل قريب. أما الحاج فهو لا ينسى، إذ يدخر أهله جزءا من لحم العيد له، لطبخه عند وصوله من الحج في احتفالية أخرى.

وتشهد الرياض والمدن السعودية بشكل عام أنشطة مسرحية وترفيهية وثقافية عديدة، احتفالاً بالأعياد التي عادة ما تنظمها المحافظة.

تويتر