مها محمد: الطفل العربي أصبح «متعولماً»

مها محمد: محلياً لانزال نسير باتجاه الشهرة. تصوير: لؤي أبوهيكل

تلعب الرسوم المتحركة دوراً مهماً في تكوين شخصية الطفل، ويعطي العمل في هذا المجال فرصة واسعة للانطلاق والخيال لرسم شخوص متخيلة، وتجسيدها على الرغم من أنها غير موجودة في الواقع. وهذا ما تؤكده المنتجة المنفذة الإماراتية في شركة «أماري تونز» لإنتاج أفلام الرسوم المتحركة مها محمد التي قالت في حوار لـ«الإمارات اليوم» إن «أفلام الكرتون تحتل مكانة خاصة في تشكل ملامح الأطفال، لأنها تقدم لهم كل ما تهفو إليه نفوسهم من عوالم ساحرة يحلمون بها، أو قصص جذابة تدور أحداثها في أجواء من الخيال. ومن خلال ذلك، ينجذب الطفل إلى الرسوم، ويرتبط بها، وينتظر وقتها بفارغ الصبر، فإذا جلس أمام الشاشة نراه مشدوداً إليها، منجذباً إلى أحداثها بتركيز وانفعال شديدين»، وتضيف إن «الطفل العربي أصبح متعولما» .

وقررت مها محمد الاتجاه إلى عالم (الأنيميشن)، بعد أن حصلت الشركة التي تعمل فيها على الجائزة الذهبية في الإخراج في مهرجان كاليفورنيا للرسوم المتحركة. وهي ترى أننا نعيش الآن نهضة هذا الصناعة، والتي جاءت متأخرة كثيراً، موضحة أن أطفال العالم تعلقوا بالرسوم المتحركة من حكايات والت ديزني والحكايات اليابانية، ولم يتعد دورنا كعرب دبلجة تلك الأعمال، مع أننا نملك كل المواصفات والمواهب التي تؤهلنا لأن ندخل سوق المنافسة العالمية، بحسب مها محمد التي تشكر المخرج الإماراتي مبدع مسلسل (فريج) محمد سعيد حارب «الذي أدخل هذه الصناعة إلى الإمارات، وعلق كل الجمهور العربي بقصص (فريج) التي أصبحت جزءاً من أيامهم الرمضانية».

إخفاق الإعلام

وتذهب مها إلى أن التنافس مع أفلام والت ديزني والأفلام اليابانية يشكل أكبر عقبة أمام الانتاج المحلي، وتقول «هذا النوع من الفنون صعب جداً، على عكس ما يعتقده عملاء كثيرون يطالبون المخرج والمنتج بالانتهاء من صناعة أي فيلم في شهر واحد». وترى أن عدم فهم الشارع الإماراتي لصناعة أفلام الأنيميشن هي العقبة الأولى في كمية الإنتاج. وتوضح أن صناعة عمل واحد بمواصفات عالمية تحتاج من سنة إلى خمس سنوات للانتهاء منه، وهذه الفترة حسب كاتبة سيناريو مسلسل (دواي في مخباي) لا يتحملها أي عميل يريد شراء العمل، لعدم فهمه أساسيات هذه الصناعة. وترى أن على الإعلام بمختلف وسائله الاهتمام بتسليط الضوء على ماهية تلك الصناعة.

وتجد مها محمد أن الإعلام أخفق كثيراً في دعم تلك الصناعة محلياً، وتذكر إن شركة أماري تونز، وهي شركة محلية وعمرها ثماني سنوات، حصدت جوائز عالمية، ووقعت أخيراً عقداً لمدة خمس سنوات تحت عنوان (اعرف أُمتك) مع جنوب إفريقيا، وستعرض حلقات المسلسل على شاشاتهم المحلية. وقالت «عملنا أيضا في إنتاج أول كتاب مدرسي يستخدم رسوم الكرتون بمادتي الجغرافيا واللغة العربية، لتسهيل عملية استقبال الطفل للمعلومة، وكان هذا إنجازاً كبيراً بدعم من وزارة التربية والتعليم التي ارتأت أن تجرب هذا النوع من بث المعلومات في المواد العلمية كالرياضيات والفيزياء»، مؤكدة أن الإعلام لم يعن بالاشارة إلى هذا الإنجاز، ولو بخبر صغير، إضافة إلى (شعلة وقطورة) لهيئة الكهرباء والماء في دبي، و(دواي في مخباي) لوزارة الصحة، وهو عمل شاركت مها محمد في كتابة السيناريو له إلى جانب نورة علي، و«غيرها من الأعمال التي تركت بصمة لدى المتلقي». وقالت «على الرغم من نجاحنا عالمياً والاحتفاء بنا، إلا أننا لم نلق ذلك النوع من الدعم محلياً»، مشيرة إلى أن فريقهم في (أماري تونز )عمل على انتاج مسلسل كرتوني بث على قناة «إسلام شانيل» في بريطانيا، وهدفه توعية العرب في بريطانيا بألا ينسوا عاداتهم وتقاليدهم.

نحتاج إلى الثقة

وقالــت مها محمد «معظم الذين يريدون المضي في صناعة أفــلام (الإنيميشــن) يتوجهون إلى الهند أو الأردن أو مصر، لأن التكاليف فيها أقل بكثير مما في الإمارات التي تعتبر الأغلى ثمناً في العالم»، وأضافــت «لــو توافرت الأستوديوهات بسعر جيد في الدولة، لما اضطررنا إلى الذهاب خارجــاً، والاستعانة بآخرين ليحركوا لنا رسومنا». وأوضحت أن «الفنان الاماراتــي في هذا المجــال ممتاز في كل شيء، بدايــة من الفكــرة، ومروراً بكتابة السيناريو، وانتهاء بالرسوم، إلا أنه محدود جداً في عملية تحريك تلك الرسوم، فيلجأ إلى الخارج لعدم توافر الإمكانات المكانية والمادية في الدولة». وأبدت استغرابها من أنه «إذا كانت الدولة حريصة على المضي نحو العالمية، خصوصاً في مهرجاناتها السينمائية التي تخصص جانباً مهماً ضمن فعالياتها لعروض أفلام (الإنيميشن)، فلماذا لا يكون لنا دور في هذا المجال، وتفتح تلك الفعالية بأفلام إماراتية 100٪؟».

الأطفال أذكياء

وترى مها محمد التي تخرجت في الجامعة الأميركية في دبي بشهادة في نظم المعلومات والتسويق أن سبب تعلق الطفل بأفلام الكرتون أن «شخصيات أبطالها ثابتة لا تتبدل من مسلسل إلى آخر، وتحافظ على أنماط السلوك نفسها، وطريقة التفكير، وموقفها من الحياة، بعكس الأبطال في أفلام ومسلسلات الكبار، الذين تتغير أدوارهم من فيلم إلى آخر، ومن مسلسل إلى آخر، وهذا ما يريح الطفل نفسياً، ويتناسب مع سنه ووعيه». وتؤكد أن «الأطفال العرب، وبعد تعلقهم بديزني، من الصعب أن يتقبلوا أعمالاً عربية لا تكون بمواصفات ديزني والأفلام اليابانية، فهم أذكياء إلى درجة لا يتنازلون فيها عن إبداء آرائهم في نوعية أي عمل كرتوني، لذا، فإن إنتاج أعمال عربية للرسوم المتحركة ليس أمرا سهلا، لأننا نخاطب جيلاً متعولماً ومطلعاً على ثقافات الآخر المتقدم علينا كثيراً».
تويتر