روجر ماغوف.. 50 ديواناً شعرياً في 71 سنة
بعد أن بلغ أهم شعراء بريطانيا المعاصرين روجر ماغوف عامه الحادي والسبعين، قال في إحدى قصائده «بعد أن بلغت من العمر عتياً، بين المولد والموت، أفكر في كل الأخطاء التي لم ارتكبها وفي كل الفرص الضائعة»، وهو الأسلوب المعروف عن هذا الشاعر، الذي اتسم بالفكاهة والتلاعب بالألفاظ مع مزج السخرية بالكآبة.
ويعيش ماغوف في برانيز، وهي من ضواحي لندن، ولكن ليفربول تظل موطنه الروحي. ونظراً إلى عرض مسرحية له بعنوان «هايبوكوندرياك» في تلك المدينة، فقد دأب على التنقل من منزله في لندن إلى مكان العرض مستخدماً القطار، لإن ايقاع حركة القطار يساعده على الكتابة، كما أنه لا يتقن قيادة السيارة. وهو يقول «ليفربول مكان صغير والجميع يعرفني هناك، وعندما قدمت بعض النقود لعازف موسيقى يعزف للناس في الشارع قال لي، شكراً روجر، وقبل فترة عزف أحد الموسيقيين أغنية، السوسنة الوردية، عندما مررت من جانبه».
وكانت هذه الأغنية التي أدتها فرقة سكافولد قد وصلت إلى المرتبة الأولى في عام .1968 وكان ماغوف قد أسس هذه الفرقة مع ماكب ماكارتني، وهو شقيق المغني الشهير بول ماكارتني. ولكن قلب ماغوف معنيّ أكثر بالشعر وليس بأغاني البوب. وعندما نشر مجموعته الشعرية الأولى حققت نجاحاً كبيراً، وباع منها أكثر من مليون نسخة. وقد ألف أكثر من 50 ديواناً شعرياً. ولكن مغازلة ماغوف لأغاني البوب سمحت له التعبير عن مشاعره ليس مع المطربين هندريكس وديلان فقط، وانما مع فرقة البيتلز أيضاً، والتي كتب لها بعضاً من الحوار للفيديو الكليب الذي يحمل اسم «الغواصة الصفراء»، وقال ماغوف «أتذكر أننا كنا تحت ضغط الوقت وعلينا أن ننهي العمل بسرعة، لأنه كان ثمة شعور مفاده انه في نهاية العام لن يكون من هو مهتم بفرقة البيتلز. فهل تصدقون ذلك؟».
العمر الأخرق
وترجع صداقة ماغوف مع فرقة البيتلز الى مدينة ليفربول بداية الستينات، وقال ماغوف «كان جون (أحد افراد الفرقة) مع زوجتي الأولى في المدرسة. وكنت أشعر بالغيرة منه ومن بول، لأنهما كانا يبدوان في وضع جيد، كما أنهما كانا يكسبان المال»، وهناك قصيدة عن بول مكارتني في ديوان الشعر الجديد بعنوان «ذلك العمر الأخرق» وعن بنطلون مكارتني، الذي ارتداه ذات يوم عندما ادت الفرقة أغنية «رجاءً، رجاءً أنا»، والذي وجده لاحقاً في علية منزله وقد أكله العث، قال ماغوف «كتبت القصيدة وأخذت البنطال ووضعته في علبة وهو الآن في المتحف العام في ليفربول».
ويرى ماغوف أن سمعة مكارتني قد طبقت الآفاق، وقال «المشكلة في بول أنه محاط بمجموعة من الناس الذين يعملون عنده، ولا يمكن لأحد ان يقول له انت مخطئ في هذا العمل أو ذاك، مخافة طرده من العمل».
وكتب ماغوف أخيراً قصيدة عن الاطفال الذين كانوا يسألونه دائماً عن كمية المال الذي يكسبه، ولطالما قرأ ماغوف الشعر لطلاب المدارس، ويقول إن المدرسين يدعونه الى طلابهم الذين يكرهون الشعر، ويقول «لدي شعور دائماً بأنهم يقولون لي استمر في إلقاء الشعر واجعلهم يحبونه».
العيش في فقاعة
وتأتي أفكار ماغوف من كل مكان، و أحياناً بعيداً عن الأمكنة، وهو لا يجلس عادة من أجل كتابة القصيدة، وإنما يقوم دائما بكتابة كلمات بسرعة أثناء حياته اليومية. وأحياناً تكون هذه الكتابة متسقة مع بعضها تماماً، ويشعر بأنه يقرؤها ولا يكتبها. ويقول «لا يدرك المرء أين ستكتب القصيدة ولا الموضوع الذي تتركز عليه القصيدة حتى تصل إلى النهاية»، وعند سؤاله ما إذا كان يواجه صعوبة في عيش هذه الحالة قال ماغوف «بالعكس فأنا أشعر بالسعادة في عيش هذه الحالة»، وأكد أنه لا يمكن لأي ازعاج أن يصرف انتباهه عن الفكرة، وقال «تلاحظ زوجتي أحياناً أنني في فقاعتي، وعادة ما أنتقل فوراً الى غرفتي أثناء مشاهدتي للتلفاز كي أكتب الفكرة التي أريدها». ولا يهتم ماغوف بالملذات مثل المال والأملاك، فهو لم يتعلم قيادة السيارة ولم يطبخ أي طعام، ولم تكن لديه أية هوايات. وهو يتحدث وكأنه يكتب، بجمل قصيرة تتداخل مع بعضها، ومن ثم تتبخر بسرعة. وبالمقارنة مع صوته الإذاعي الدافئ على إذاعة الرابعة في برنامجه «الشعر من فضلك» فإن ماغوف شخص يتلعثم في حديثه، ويبتلع كلامه أحياناً، ويقول ماغوف عن ذلك «يتوقع الناس مني التحدث بطلاقة في أية محادثة، ولكني لست كذلك في معظم الأوقات، وأعتقد أني لهذا السبب أصبحت شاعراً، حيث إنني أستطيع السيطرة على كلماتي أكثر».