الأزمات تحاصـر فضائيات عربية

ديون استوديوهات «اوربت» تجاوزت 15 مليون جنيه مصري.              أ.ف.ب - أرشيفية

تعاني كثير من الفضائيات العربية أزمة مالية واضحة تهدد بإغلاقها أو تقليص عدد قنوات الشبكات الكبرى ومكاتبها في العواصم المختلفة، وأحدثها أوربت التي أصدرت مدينة الإنتاج الإعلامي بمصر أمس، قراراً بإغلاق مكاتبها والاستوديو الخاص بها، نظراً لتراكم الديون عليها. وقالت مدينة الإنتاج إن الشبكة السعودية مدينة بمبالغ تتجاوز 15 مليون جنيه مصري «أقل من ثلاثة ملايين دولار»، وإنها قامت بتوجيه العديد من المطالبات لإدارة القناة بدفع المستحقات المتأخرة لكنها لم تستجب ما أضطرها للتهديد بإغلاق الاستوديو الخاص بالشبكة الذي يبث منه يومياً برنامجا «القاهرة اليوم» و«على الهواء». لكن البرنامجين الشهيرين ظهرا على الهواء أول من أمس، بعد تدخل الرئيس المصري حسني مبارك شخصياً حسب قول الإعلامي عمرو أديب على الهواء، مضيفاً أن الرئيس طلب من مدينة الإنتاج منح مهلة لأوربت لتوفيق أوضاعها ودفع المستحقات المتأخرة عليها، ولولا ذلك ما ظهر برنامجه المعروف الذي يتم بثه منذ 10 سنوات بشكل متواصل ويشهد هجوماً واسعاً على السياسات الحكومية المصرية.

بينما أكدت «أوربت» على لسان عدد من العاملين فيها أمس، أنه تمت تسوية الأزمة وتحويل المستحقات المالية الخاصة بمدينة الإنتاج والتي تأخرت فقط بسبب الإجازات بين مصر والسعودية، مؤكدين أن البرامج التي تبث من مصر لن تتوقف أو يجري على مواعيدها أو تفاصيلها أي تعديلات.

في المقابل بات واضحاً أن الأزمة المالية العالمية أثرت بشكل واسع في فضائيات عدة، حتى حذر كثيرون بينهم المتحدث باسم وزارة الثقافة والإعلام السعودية عبدالله الجاسر من خطورة الوضع، مطالبا الشبكات السعودية أخيراً بالتكتل لضمان بقائها.

وأكد مشاركون في المنتدى السنوي الخامس لجمعية الإعلام والاتصال السعودية الذي اختتم الخميس الماضي أن نصف القنوات الفضائية العربية العاملة مهددة بالتوقف عن البث بفعل غياب الضوابط الناظمة وقلة الكفاءات الإعلامية ونقص البرامج، داعياً إلى إنشاء هيئة عربية متخصصة تعنى بشؤون الإعلام العربي تفرض قانوناً يتيح للاستثمارات الإعلامية العربية الاستمرار والقدرة على الموازنة بين الاستمرارية وضبط المحتوى.

وكانت شبكة راديو وتلفزيون العرب «إيه أر تي» السعودية، باعت أخيراً ستا من قنواتها الرياضية لقناة الجزيرة القطرية، فيما وصفه مراقبون بمحاولة للخروج من الأزمة المالية التي تعاني منها الشبكة. كما تعيش شبكة قنوات «روتانا» أزمة مماثلة دعتها إلى إعادة هيكلة الكيان بالكامل وإغلاق قناتين أخيراً لعدم جدواهما اقتصاديا كما نقلت الكثير من برامجها إلى القاهرة باعتبارها أقل تكلفة من عواصم عربية أخرى بينها بيروت ودبي.

وقال الإعلامي السعودي عبد الهاجري إنه «من المعروف أن العقل والمال السعوديين هما المسيطران على الاعلام العربي، وهذه مفخرة لكل سعودي ولا يوجد لديها أي أزمات مالية فشبكــة تلفزيون الشرق الأوسط «إم بي سي» حققت نفس دخل عام 2008 دون حساب الشهر الجاري و«إيه أر تي» لم تبع سوى ست قنوات رياضية في صفقة تغري فعلاً بالتوقيع». ورفض الهاجري الدعوة للمطالبة بالتدخل الحكومي السعودي قائلاً إن «السعودية تسعى لأي عقل سعودي وتساعده، ولكن المطالبة بالتدخل هنا غريبة وليس لها أي تبرير مالي والمجموعات الاعلامية لاتزال قوية مالياً وانتاجياً».

وقالت الإعلامية اللبنانية ندى سعيد إن انعكاسات الأزمة المالية العالمية لم تصب فقط الفضائيات السعودية، بل كل وسائل الإعلام الخليجية والعربية دون استثناء، لكن بنسب مختلفة وعمدت كل مؤسسة على انتهاج سياسة تقليص النفقات والاستغناء عن العناصر غير الفاعلة ووضع خطط طويلة المدى للوقاية من أية أزمة مقبلة، مشيرة إلى أن هذا كان أمراً حتمياً، نظراً لظهور لاعبين أقوياء جدداً في سوق التلفزيون المدفوع.

وأضافت أنه «يجب على كل الدول العربية التدخل في حال عانت أي قنوات ضخمة من خطر الانهيار، لأن القطاع الإعلامي يعتبر اليوم من أهم القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لأي دولة في العالم». ولفت الإعلامي المصري محمد عبدالرحمن إلى أهمية أن يفكر أصحاب القنوات الخاصة في المرحلة المقبلة، في إعادة النظر بدقة لما قاموا به من سياسات في السنوات الخمس الأخيرة فمواجهة الأزمة تحتاج إلى تنظيم البيت من الداخل، وهو ما تفعله روتانا حالياً، حيث قامت بدمج عدة قنوات وإلغاء البعض الآخر، وكأنه لم تكن هناك دراسات حقيقية قبل إطلاقها.

تويتر