خالد تاجا: «سجادة القاهــــــــــرة» ممنوعة على السوريين
اشترى قبراً وكتب على شاهده «مسيرتي حلم من الجنون كومضة شهاب زرع النور في قلب من رآها لحظة ثم مضت». حقق رقماً قياسياً باشتراكه في 13 مسلسلاً في عام واحد، ثم عاد إلى صيغة التقشف في الإطلالة التلفزيونية، لقّبه الراحل محمود درويش بـ«أنطوني كوين العرب»، مع أنه يرفض بالأساس غير أن يكون ذاته، الممثل السوري خالد تاجا، الذي عشق الرسم الهندسي فقاده إلى إجادة الفن التشكيلي، وبعد حياة امتدت في فن الدراما نحو أربعة عقود قدم فيها عشرات المسلسلات والمسرحيات والأفلام، يرى أن الفنان الذي لا يستطيع أن يكون واقعياً في كل مشاهده، متلبساً ثوب شخصيته، لا يصلح لأن يؤدي دور كومبارس.
صراحة تاجا التي حافظ عليها في حواره مع «الإمارات اليوم» تنبع، حسب توصيفه، من غيرته الشديدة على الأعمال التي يشترك فيها، وهو ما رسخ منه شخصية مشاغبة بشكل خاص في المهرجانات العربية التي وصف كواليسها بـ«الموبوءة»، مؤكداً أن «ما يتم طبخه تحت الطاولة أكثر بكثير من المعلن فوقها»، مؤكداً أنه أُجبر هو والفنان جمال سليمان على تسلم جائزتين رفضاهما بسبب ظلم تحكيمي مُورس ضدهما في القاهرة، في حين أن تواطؤاً تم بين مخرجة مسلسل «زمن العار» رشا شربتجي ومنتجه أدى إلى استبعاده من الصعود إلى منصة التكريم في دبي، بعدما فاز المسلسل الذي أدى أحد أدوار البطولة فيه بالمركز الأول لجائزة محمد بن راشد للدراما العربية.
الخبز الحرام
تاجا الذي ظهر أخيراً في حوارات تلفزيونية متتالية، كان آخرها مع برنامج «اليوم» على قناة الحرة في فقرة استضافته فيها الإعلامية فاتن عزام كشف عن أن بعض إشكالياته مع شربتجي كانت بخصوص عدم واقعية حدثين من أحداث «زمن العار»، أولهما أن حادثة الحمل لبطلة المسلسل لا يمكن أن تقود 75٪ من أحداث المسلسل، في حين كان بإمكانها، ببساطة، الخضوع لعملية إجهاض، أما الحدث الثاني فهو مشاعر الاستغراب والاستهجان الشديدة التي تم فرضها على الشخصيات بعد إقدام بطل العمل على الزواج رغم مرور 10 سنوات على رحيل زوجته، وهو الذي حينما قام ببيع بيته لم يبعه لنزواته الخاصة بل قام بتوزيع ثمنه على أبنائه، وهو ايضاً أمر لا يدعو إلى كل تلك الجلبة التي أثيرت حوله في القصة الدرامية للعمل، الأمر الذي رأى تاجا أنه «يخل بمبدأ الواقعية ويحرض المشاهد على عدم تصديق الأحداث». |
ويضيف تاجا الذي يتحدث للمرة الأولى عن أسباب عدم صعوده على منصة تكريم «زمن العار»، رغم وجوده في أروقة مدينة جميرا التي استضافت الحدث في يناير الماضي «أثناء التصوير كان هناك اختلاف في وجهات النظر بيني وبين المخرجة، قامت بتطويره هي إلى خلاف شخصي، رغم أنه بالنسبة لي لم يخرج عن طبيعته الفنية، لكن يبدو أن الأمر ترك أثراً في نفس رشا شربتجي إلى الحد الذي جعلها تتناسى أني أحد أكثر الفنانين الذين مهدوا لها مشوارها في مجال الإخراج، فتواطأت مع منتج العمل بهدف استبعادي من حصاد كنت أحد الفاعلين في زراعة بذرته بكل دأب».
واستطرد تاجا «المسؤولون في تلفزيون دبي كانوا خارج سياق هذه المشكلات، لكني حرصت على توضيح ما حدث لهم، بعدما شكل غيابي القسري عن منصة التكريم التي تمثل تشريفاً حقيقياً لمسيرة أي فنان، علامة استفهام مبهمة، لكن هذا هو الواقع العربي الذي يجب ألا يثنينا عن مواصلة العطاء المخلص، ومقاومة آفة تدخل مواقف شخصية في خيارات ينبغي أن تكون مهنية».
وأضاف «ما لا يعرفه الجمهور أن هناك أموراً كثيرة تتم في كواليس المهرجانات العربية عبر صفقات مشبوهة، وهو الأمر الذي يصب لمصلحة حضور نجوم بعينهم، لكنه قطعاً لا يخدم الدراما العربية التي تعيش كواليسها تفاصيل موبوءة»، مضيفاً «في مهرجان القاهرة السينمائي لم يسمح لنجوم الدراما السورية بالمرور على السجادة الحمراء، وتم إدخالهم من باب خلفي، وهو أمر لم أتعاط معه وحولته إلى إشكالية كبرى لم تنسها إدارة المهرجان التي حرفت ما أجمع عليه الحضور في العمل السوري المشارك (التغريبة الفلسطينية) بأنه كان الأفضل على الإطلاق، وأصرت على تقاسم الجائزة مع عمل مصري آخر في صيغة توازن وليس لمقاييس فنية، وقررت منحنا جائزتين، رفضت أنا والفنان جمال سليمان تسلمهما، فتم إجبارنا على تسلمهما في سورية، بعد أن أُرسلتا عن طريق السفارة إلى مقر إقامتنا بدمشق».
وأضاف تاجا «أمر مشابه تكرر في مهرجان الإعلام العربي بالقاهرة عندما استبعدت من جائزة أفضل دور أول عن مسلسل (زمن العار) من أجل أن يفوز به صديقي الفنان نور الشريف، وعرضت عليّ لجنة التحكيم جائزة أفضل دور ثان، رغم أن دوري لم يكن ثانياً، وهي فضيحة نقدية في التعاطي مع الأدوار التمثيلية، قبل أن تكون فضيحة تحكيمية. وفي مهرجان أبوظبي السينمائي خرج فيلم (الليل الطويل) الذي شاركت في بطولته من دون أي جوائز رغم حصده الكثير منها في مهرجانات متعددة خارج الوطن العربي، في مفارقة أيضاً تبدو عصية على التبرير النقدي».
وحول درجة الإقناع الكبيرة التي يخلفها في مختلف أدواره لدى المتلقي قال تاجا «أنا مؤمن بفنيات المدرسة الواقعية في التمثيل، وحقيقة أن تلك المهنة تقترب إلى حد كبير من مهمات التحليل النفسي للشخصية، فالممثل يجب أن يقرأ الشخصية ويغوص في أبعادها وتاريخها سواء الماضي منها أو الحاضر، بحيث يستطيع أن يجسدها من لحم ودم حقيقةً أمام المتلقي».
لكن تاجا حذر في هذا الإطار من وقوع الممثل في فخ النمطية بديلاً عن الواقعية، مشيراً إلى أن الاتجاه للواقعية هو سر تفوق الدراما السورية في المرحلة الحالية، بما في ذلك واقعية التصوير بعيداً عن الاستوديو في الأماكن الطبيعية، وبكاميرا وحيدة تسمح غالباً للمخرج بتقطيع المشاهد وجعلها أكثر اقتراباً من المشهد الواقعي».