‏‏‏طالب بتوطين مهنة تجارة الأسماك

علي الشحي.. بائع سمك المالح في بيته 5 جامعيات‏

الشحي: تجربة الاعتماد على العمالة الوافدة لم تكن مقنعة. الإمارات اليوم

‏‏«أمة تأكل المالح لن تجوع»، بهذه العبارة استهل تاجر سمك المالح، علي عبدالله إسماعيل الشحي حديثه، مؤكداً أن رأس الخيمة تنفرد بأنها واحدة من المناطق التي تنتج أجود أنواع المالح، لذلك يقصدها العديد من الناس، ليس من داخل الدولة فحسب، بل أيضاً من دول خليجية أخرى مثل الكويت والبحرين وقطر.

وقال الشحي لـ«الإمارات اليوم» إن سمك المالح «صناعة غذائية خليجية اكتسبت أهميتها من كونها الأرضية الغذائية الآمنة التي أسهمت في درء المخاطر الغذائية التي كانت تتهدد المجتمع في سنوات الضنك وشظف العيش، لذلك لا غرابة أن يحرص الآباء والأجداد على توريثها للأبناء».

وتابع أنه «من حسن الحظ فإن سمك المالح بما له من نكهة شهية مميزة يعتبر وجبة مرغوبة لا تغيب عن موائد أبناء الدول الخليجية، وباعتقادي أن أمة تأكل المالح لن تجوع أبداً، لأن خليجنا العربي يزخر بجميع أنواع الأسماك التي يمكن الاستفادة منها في صناعة المالح».

وشرح «قد يبدو تصنيع سمك المالح في ظاهره عملية سهلة، بمقدور كل شخص القيام بها، لكن في واقع الحال ليس الأمر كذلك، بل يتطلب تصنيعه الكثير من الخبرات والمهارات، وهو ما يعني أنه ليس بوسع كل إنسان الادعاء بأنه يستطيع ممارسة تصنيع المالح إلا من لديهم الخبرة العملية». وبحسب الشحي فإن عملية صناعة سمك المالح الذي يقبل على شرائه الناس من كل فج عميق بشهية مفتوحة يبدأ باختيار أصناف الأسماك المرغوبة غذائياً مثل القباب، الكنعد، الصدا، البياح، وغير ذلك، ثم وضعها في إناء يحوي كمية من الملح، بالاضافة الى مجموعة من الحصى تفيد في الضغط على الأسماك داخل الاناء لتخرج ما فيها من الماء فتصبح على درجة من الصلابة، ومن ثم القيام بتغطية الاناء باحكام لمدة 70 يوماً تقريباً. وعند فتح الاناء تكون الأسماك غارقة في محلول الملح وقد اكتسبت الرائحة والمذاق المطلوبين.

والشحي البالغ من العمر 64 عاماً، صاحب خبرة واسعة في مهنة سمك المالح، اكتسبها من العمل صياداً للأسماك في مرحلة مبكرة من العمر، ويقول «عندما توفي والدي كنت في الرابعة من العمر، ومن حسن الحظ كان في الأسرة أشقاء ذكور أكبر مني، قاموا برعايتي وتوجيهي، وكان لهم الفضل بعد الخالق عزوجل في أن يأخذوا بيدي على النحو الذي جعلني أنهض مبكراً كشخص مسؤول يمكن الاعتماد عليه في القيام بأعباء الحياة بشكل طبيعي».

وكغيره من الناس وقتذاك، فقد حرص الشحي على أن يستهل مشواره في الحياة بتعلم مهنة الصيد، فكان يخرج الى الصيد بمعية اخوانه، في طراد خشبي يتحرك بالمجداف، وعندما يعود تكون بحوزته كمية كبيرة من الأسماك المختلفة الأصناف. وحسبما يذكر الشحي نفسه فإن «ما كان يصطاده أصحاب الطرادات لا يلجأون لبيعه إلا بعدما يتأكدون من أن جميع أهل الفريج حصلوا على حصتهم منه».

ومثل غيره، قبل الطفرة الاقتصادية التي تحققت باكتشاف النفط، سافر الشحي للعمل في الكويت عام ،1957 إذ مكث بها زهاء 20 عاماً، قبل أن يعود ليسهم في تأمين الغذاء لأبناء وطنه من خلال العمل في تجارة السمك المملح، لكنه لم تنقطع علاقته بالكويت التي يزورها بين الفينة والأخرى.

وفي رأى الكثيرين فإن الشحي يمكن أن يكون تجربة عملية ناجحة لمشروع توطين مهنة تجارة الأسماك في الدولة، إذ يذكر هو نفسه أن المهنة التي مارسها أكثر من 30 عاماً جاذبة ومغرية، وألا لما قضى فيها كل تلك المدة الطويلة، إضافة إلى أن صناعة سمك المالح ينبغي الحرص على الحفاظ عليها لأنها أحد أهم مصادر الغذاء التي يتناولها المجتمع الاماراتي، كوجبة غذائية شهية، الى جانب كونها مهنة تجلب لمن يمارسها مكاسب مادية مجزية، تعين الأسرة على تصريف احتياجاتها».

وأنجب الشحي 10 من البنين والبنات، والأهم أنه قام من غير تردد بارسالهم جميعاً الى دور العلم، فكانت النتيجة الممتازة المتمثلة في حصول خمس من بناته على مؤهلات جامعية، وهن الآن يشاركن في دفع عجلة تطور بلادهن من خلال قيامهن بشغل وظائف في مواقع عمل مختلفة .

وعندما تسأل الشحي عن أهمية توطين مهنة تجارة الأسماك فإنه يؤكد وبإصرار أهمية ذلك، ويشرح بأن استمرارية المهنة، من غير مشكلات تقتضي ركوب المواطن طرادات الصيد، وأيضاً الوقوف خلف دكة البيع، لافتاً الى أن «تجربة الاعتماد على العمالة الوافدة لم تكن مقنعة، بل ألحقت أضراراً واسعة ومؤذية بالمهنة»، لكن الشحي نفسه يبدو غير متفائل بنجاح توطين سوق السمك، وقناعته هي ان «فئة من المواطنين تنظر إلى المهنة بعيون كارهة ومشمئزة، بينما آخرون ينصب جل تركيزهم على الحديث عبر أجهزة (الموبايل) ومشاهدة محطات التلفزة الفضائية، لذلك ليس عندهم سانحة فراغ يقضونها خلف دكة البيع في أسواق الأسماك».‏

تويتر