خـبــراء يوصـون بدمـــج التراث في المناهج
أوصى الملتقى الدولي الرابع للتراث بضرورة دمج التراث في المناهج التعليمية لتوصيل التراث المحلي والوطني، وأكد الملتقى الذي اختتم أعماله أول من أمس في أبوظبي، بعد أربعة أيام متواصلة من جلسات النقاش والتباحث بين أكثر من 60 أكاديمياً وخبيراً وباحثاً في التراث والتعليم من أكثر من 30 دولة حول العالم، أكد ضـرورة توسيع مفهوم التراث لدمج البعد النفسي والذهني فيه.
وأشار المشاركون في الملتقى إلى أن الإيقاع السريع للحياة وما يصحبها من تحولات اجتماعية واقتصادية، والعولمة، وغيرها كلها تؤثر في المجتمعات التقليدية وهويات أبنائها بطرق عدة، لافتين إلى أن هناك قصوراً في الاستراتيجيات الحديثة لتعليم التراث من ناحية ندرة المعلمين المؤهلين، وعدم تشجيع بيئات التعليم حالياً الطالب على تعلم التراث. وفي ما يتعلق بالمتاحف ودورها في تعليم التراث رصد المجتمعون تغيراً في الدور التقليدي للمتاحف، الذي أصبح أكثر تفاعلياً ويتيح للزوار الدخول في تجارب حية، ما يجعلها أماكن ملائمة جداً لتعلم التراث وتمريره للأجيال المقبلة.
أما وسائل الإعلام ودورها في تكريس التراث وتعليمه فاعتبره الملتقى حيوياً وشاملاً لجماهير عريضة، غير أنها أدوات تحمل في طياتها تحديات كبيرة عند استخدامها. وحث الخبراء على الاطلاع على التجارب العالمية في تعليم التراث عبر المؤسسات المتخصصة التي قدمت نماذج ناجحة للحفاظ على التراث الإنساني وتعليمه.
وناقش الخبراء في جلسة صباحية أول من أمس، موضوع دور المنظمات الدولية والإقليمية في تعليم التراث، وترأسها خبير التدريب الدولي الدكتور عارف محمد العاجل.
وتحدث في الجلسة مدير مركز الجزيرة الإعلامي للتدريب والتطوير في قطر الدكتور عبدالعزيز علي الحر، عن الهوية والتعليم، إذ وجد تضارباً في مفهوم الهوية لدى المؤسسات التعليمية في دول الخليج. وقال «بالإضافة إلى ذلك تعاني الأنظمة التعليمية من عدم وضوح الرؤية والهدف، ولذلك لا تتم الاستفادة من الخبرات الأجنبية التي لا يتم التدقيق على خلفياتها ومرجعياتها قبل استقدامها، ويتولى عملية التخطيط التعليمي لدينا من هم ليسوا ذوي خبرة». وقدمت مديرة مكتب الـ«يونسكو» في الأردن آنا بوليني، عرضاً لأسلوب الـ«يونسكو» في مزج التراث بالتعليم، وأشارت إلى المعاهدات الدولية التي أطلقتها الـ«يونسكو» لحماية وصون التراث الإنساني بكل أشكاله، وركزت على معاهدة حماية ثقافة العالم والتراث الطبيعي، التي تشمل عناصر التراث المادي من مبان أثرية ولقي، إلى جانب المواقع الجيولوجية والكائنات المهددة بالانقراض.
وتطرقت بوليني إلى مشروع الـ«يونسكو» العالمي لتعليم التراث العالمي للصغار، الذي يهدف إلى إشراك صغار السن في عملية حفظ تراثهم المحلي عبر مجموعة أدوات تعليمية تم توفيرها لمجموعة من المدارس عبر القارات، معتبرة أن ذلك ضمان للمستقبل، حيث يتشكل وعي صناع قرار الغد في وقت مبكر.
أما مديرة جمعية بروكلين التاريخية في الولايات المتحدة ديبورا شوارتز، فعرضت لتجربة الجمعية التي تأسست عام 1863 في الحفاظ على تاريخ بروكلين الشفهي الممتد لـ 400 عام.
وعرضت الدكتورة شيلا واتسون من جامعة ليستر في بريطانيا لدور الجامعة في إشراك الجماهير المستبعدة تقليدياً في المؤسسات الثقافية، وخلق اهتمام بتراثها عبر إشراكها في عمليات التنقيب الأثري.
وكان الملتقى الذي نظمته هيئة أبوظبي للثقافة والتراث قد أقيم تحت عنوان «التراث والتعليم.. رؤية مستقبلية» اختتم فعالياته في فندق بارك روتانا بأبوظبي بكلمة شكر توجه بها مدير إدارة التراث المعنوي في الهيئة الدكتور ناصر بن علي الحميري، للمشاركين في الملتقى، نيابة عن الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان، رئيس هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، وقال «إننا إذ نعتز بوصولكم إلى نتائج وموجهات وتوصيات تقود عملنا مستقبلاً، نؤكد لكم أننا سنستفيد من تجاربكم الثرية في صون التراث وإحيائه ونقله إلى الأجيال، عبر مؤسساتنا التراثية والتعليمية».
وتقدم الحميري بالشكر لضيوف الملتقى وإلى كل الجهات التي شاركت في الملتقى والمتمثلة في منظمة الـ«يونسكو»، ووزارة التربية والتعليم في الإمارات، ووزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، ووزارة الداخلية، ومتحف اسموثنيان.