‏‏‏في الأمسية الثانية من «أنغام من الشرق»

«عروبة» قعبور تلتقي «أصيل» في أبوظبي‏

قعبور غنى للعروبة وفلسطين والتحرر. من المصدر

‏جاءت الأمسية الثانية من أمسيات «أنغام من الشرق» في قصر الإمارات في أبوظبي؛ معبرة عن روح المهرجان التي تميز بها منذ انطلاقته، وتفرد بها بين الفعاليات الموسيقية، إذ جمعت الأمسية بين نمطين مختلفين من الأنماط التي تشكل تجارب متميزة على الساحة الفنية، فحضرت أنغام عازف العود المصري مصطفى سعيد، مع أغنيات الفنان اللبناني أحمد قعبور لفلسطين والعروبة والتحرر، ما يعكس التنوع الكبير الذي تتمتع به الموسيقى العربية.

التجربة الموسيقية الأولى التي شهدتها أمسية مساء أول من أمس من المهرجان الذي تنظمه هيئة ابوظبي للثقافة والتراث، والتي تعد مفاجأة يقدمها المهرجان لعشاق الموسيقى والغناء الأصيل، وللساحة العربية، كانت للشاب المكفوف مصطفى سعيد وفرقته «أصيل»، إذ استطاع سعيد خلال فقرته أن يقيم جسور تواصل ومحبة مع الجمهور، ليس فقط من خلال ما قدمه منفرداً أو مع فرقته من فقرات موسيقية وغنائية مبدعة، ولكن من خلال حواره مع الجمهور، موضحاً بعض المعلومات عما يقدمه من مقامات وقصائد، والتي عكست وعياً كبيراً وخفة روح استطاع بهما تجاوز إعاقته (كف البصر).

عزف ومشروع

عزف سعيد في البداية بمشاركة عدد من طلبة بيت العود في أبوظبي، والذي يقدم فيه ورش عمل أثناء المهرجان، ثم قدم عزفاً منفرداً على العود، انضم إليه بعده كل من غسان سحاب، وعلى الرق والألماني جوس تيرنبول على الإيقاع، ليقدم الثلاثي حواراً موسيقياً استقبله الجمهور بحفاوة. عقب ذلك انضم عازف الناي محمد عنتر والمغني أسامة عبدالفتاح إلى الثلاثي، ليكتمل بذلك الشكل النهائي لفرقة «أصيل» التي أسسها سعيد عام 2003 بهدف تقديم الموسيقى العربية الاصيلة، ليقدموا معاً وصلة تضمنت فقرات من ألبومي «رباعيات الخيام» و«أصيل»، من بينها قصائد «كانت لقلبي» للحلاج، و«أنا قتيل الهوى» للمتنبي، والتي غناها أسامة عبدالفتاح، بينما غنى مصطفى سعيد قصيدة «أراك عصي الدمع» لابي فراس الحمداني، والتي غنتها من قبل أم كلثوم من ألحان الشيخ ابوالعلا محمد، ثم لحنها ثانية رياض السنباطي، وهي التي رسخت في أذهان الجمهور، ما يجعل تقديم القصيدة من جديد بإسلوب مغاير، كما قدمها الفنان الشاب، مغامرة تتطلب الكثير من الثقة بالنفس، وبالفعل نجح مصطفى سعيد في تقديم القصيدة بأسلوب أضفى عليه خصوصيته، ونمطه الخاص الذي يعتمد فيه على الارتجال المدروس.

وعن مشروعه الموسيقي الذي يسعى إلى تحقيقه، أوضح سعيد (27 عاماً والحاصل على الماجستير في الموسيقى)، انه يسعى إلى تطوير الموسيقى العربية من الداخل دون استعانة بعناصر خارجية، واعتبر سعيد أن التجريب أمر أساسي في مشروعه، وفي أي مشروع «فليس هناك من لا يجرب، كما أن التجريب ليست له حدود».

 

كوفية

في الجزء الثاني من الحفل، كان موعد الجمهور مع تجربة موسيقية مغايرة، صاحبها الفنان اللبناني أحمد قعبور، الذي ما إن اعتلى وفرقته خشبة المسرح حتى استقبله الجمهور بالهتاف والتصفيق، رافعاً الكوفيات الفلسطينية، وظلت الأجواء الحماسية مسيطرة على قاعة المسرح حتى نهاية الحفل، وتعالت حدتها مع الأغنيات التي اشتهر بها قعبور في مسيرته الغنائية وارتبطت بالدفاع عن القضية الفلسطينية، ووصلت الحماسة إلى ذروتها مع أغنية «أناديكم» التي غناها الجمهور مع قعبور وقوفاً، بينما حمل مجموعة من الشباب العلم والكوفية الفلسطينيين، وعقب الانتهاء منها تعالى هتاف الجمهور مطالباً بإعادة تقديم الأغنية، وهو ما فعله قعبور في ختام الحفل. وقبل أن يقدمها أشار الفنان اللبناني إلى أن هذه الأغنية استطاعت ان تتنقل عبر أنحاء العالم دون الحاجة إلى جواز سفر أو إقامة، لأنها تحمل قضية وتدافع عن حق، حيث قام فنانون من دول مختلفة بغنائها مثل بورتوريكو في أميركا اللاتينية، والنرويج وتركيا والبوسنة. كما غنى أغنية «حق العودة» التي قدمها في احتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية، ولروح صديقه الإعلامي اللبناني سمير قصير، الذي خسره ـ كما أشار ـ لأنه كان يؤمن بالكلمة والحرية والحق والحقيقة. وقدم أغنية «بدي اغني للناس». وللعروبة ولكل من يتعامل معها باعتبارها تعني الحرية والثقافة والحداثة والتحرر، وليس مجرد شعار نردده، قدم أغنية «احلف بسماها وبترابها» لعبدالحليم حافظ، اتبعها بأغنية الموسيقار سيد درويش «الحلوة دي». كما قدم إحدى أغنيات الشيخ إمام. وحرص قعبور خلال الحفل على تقديم التحية لروح المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، لما قدمه للإمارات والأمة العربية، «فهو لم يعقد مؤتمرات صحافية أو يرفع شعارات، ولكنه كان يأخذ قراراته من قلبه الكبير الذي كان يتسع للجميع».‏

تويتر