أمسية بنكهة خاصة في «أنغام من الشرق»

فخري.. حارس التراث الموسيقي

صباح فخري ألهب حماسة جمهور «أنغام من الشرق». من المصدر

أثبت الفنان صباح فخري أن الغناء ليس مجرد حفلة طرب، إنما حالة روحانية ترقى بالإنسان إلى أعلى درجات السمو الجمالي والأخلاقي وأنه واحد من حراس التراث. صوته أصيل، وجمالياته نادرة ومدهشة، إضافة إلى استناده إلى ثقافة موسيقية واسعه. ومن هنا اتسمت الأمسية التي أحياها صاحب الحنجرة الماسية صباح فخري في مهرجان «أنغام من الشرق» في أبوظبي بنكهة خاصة استطاعت استقطاب جمهور كبير غصت به قاعة مسرح «قصر الإمارات» ولم يجد الكثير منهم بداً من حضور هذا الحفل المميز إلا وقوفاً.

قدّم فخري مجموعة مختارة من أغنياته التي ألهبت الجمهور، وأعطت لمتذوقي الموسيقى الشرقية والغناء الشرقي مساحة من الحنين للماضي الفني المشرق. وأعاد هذا الفنان الكبير الجمهور إلى مرحلة من أروع مراحل الغناء العربي من خلال باقة من الموشحات والأدوار القديمة، التي تحمل نكهة فنية دائمة لا يزيدها الزمن إلا جمالاً وتوهجاً، والقدود الحلبية هي من الفنون الموسيقية السورية المنشأ، وتحديداً مدينة حلب التي ولد فيها هذا الفنان، وقد تأثر بهذا الفن الذي اندمج أيضاً مع الموشحات والموال.

جمهور هذه الأمسية الذي لم يتوقف عن التصفيق والتفاعل مع فنان لديه قدرة خاصة على الولوج إلى وجدان المتلقي، عاش بضع ساعات من الفرح. ولم يقتصر الجمهور على الكبار بل كان واضحا تفاعل الشباب، ما يؤكد أن الطرب والفن الأصيل يمكن أن يجد آذانا صاغية من الشباب في حال وجد من يقدمه إليه بذكاء وخبرة في السيطرة على الصالة.

أكد حفل فخري أن قديمنا الموسيقي لا يموت، بل يزداد توهجاً مع الزمن، لأنه ببساطة فن أصيل ينبع من صميم الحس الانساني، معبراً عن أجمل مشاعر الانسان. كانت سهرة لا تنسى تضمنت مجموعة من أجمل القصائد والموشحات التراثية التي قام فخري بتجديدها، وعرف عنه أنه أول من عمد إلى تطوير التراث الغنائي الحلبي بما يتناسب مع الذائقة العصرية، وتميز بهذا الفن وأبدع فيه على مدى سني تجربته الفنية التي أسس فيها مملكة فنية خاصة تربع على عرشها.

نقل صباح فخري التراث الحلبي الغنائي في رحلته ليس فقط من خلال صوته الأخاذ بل من خلال حضوره القوي على المسرح الذي يكشف عن أصالة صوته وعمق معرفته الموسيقية وقدرته الاستثنائية على جذب المستمع إلى صوته ساعات طويلة، من دون ملل أو تذمّر، في عصر صارت فيه الأغنية لا تتجاوز الدقائق القليلة.

 

تويتر