رفع «الراية البيضاء» تاركــــاً أكثر من 40 مسلسلاً
عكاشة.. صـــائغ الحياة الشعبية
يمثل رحيل الكاتب المصري أسامة أنور عكاشة، الذي وافته المنية أمس عن (69 عاماً)، خسارة كبيرة لمبدع عربي وكاتب درامي، اتسمت أعماله بصياغة جديدة للحياة الشعبية ببعد روائي وملحمي لخص فيها تفاصيل دقيقة في تحولات المجتمع المصري منذ بدايات القرن الماضي. وأطلق عليه لقب أبو الدراما التلفزيونية العربية.
صاحب «الراية البيضاء» الذي شيّع جثمانه عصر أمس من مسجد محمود في ضاحية المهندسين غرب القاهرة، عانى في الفترة الأخيرة من أزمة صحية ألمت به طوال الشهرين الماضيين، وكان يتلقى العلاج في مستشفى وادي النيل الذي نقل إليه إثر إصابته بضيق في التنفس، بسبب معاناته من مياه على الرئة، قبل أن يصدر قرار من الرئيس المصري حسني مبارك، بعلاجه على نفقة الدولة المصرية، وأجرى الراحل من قبل عمليتي قلب مفتوح، بسبب ضيق في شرايين القلب، الأولى كانت عام ،1998 والثانية قبل ثلاثة أعوام.
إنجازات كتب أسامة أنور عكاشة أكثر من 40 مسلسلاً تلفزيونياً إضافة الى عدد من الأفلام السينمائية والمسرحيات التي حفرت اسمه في الذاكرة كمؤلف مصري، وقد جاءت شهرته الحقيقية مع مسلسل «الشهد والدموع»، الذي حقق نجاحاً مبهراً. توالت بعد ذلك المسلسلات التي كتبها عكاشة، والتي نالت شهرة واسعة، ونجحت في تغيير شكل الدراما التلفزيونية، كان من أهمها «المشربية، ليالي الحلمية، زيزينيا، وقال البحر، ريش على مفيش، أنا وأنت وبابا في المشمش، لما التعلب فات، عصفور النار، أرابيسك، امرأة من زمن الحب، أميرة في عابدين، كناريا وشركاه، عفاريت السيالة، أحلام في البوابة، الحب وأشياء أخرى، رحلة السيد أبوالعلا البشري، الحصار». وفي مجال السهرات الدرامية كتب عكاشة نحو 15سهرة درامية، كان من أهمها «تذكرة داود، العين اللي صابت، الشرير، الكمبيوتر، البراءة، مشوار عيد، الملاحظة، الغائب، سكة رجوع، حب بلا ضفاف». وفي مجال السينما كتب عكاشة مجموعة من الأفلام السينمائية الناجحة، لعل من أهمها «كتيبة الإعدام، الهجامة، تحت الصفر، دماء على الأسفلت، الطعم والسنارة، الاسكندراني |
كتب عكاشة أكثر من 40 مسلسلاً، إضافة الى عدد من الأفلام السينمائية والمسرحيات التي عالجت أكثر من عصر، وتضمنت قراءة ذكية لجملة التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وفق خلطة درامية حملت نكهته، وجمع فيها بين الأدبي والفلسفي والسياسي والتاريخي. تميزت أعماله التي ارتبط بها جمهور عريض على امتداد الوطن العربي بأنها خارجة من الحياة اليومية، التي يجيد مراقبتها والخروج منها بمشاهد شعبية جداً، لكنها لا تخلو من موقف واضح من أزمات الهوية، وقيم التوحش والفساد السياسي الذي انتشر في المجتمع العربي، إضافة إلى قضايا كثيرة مثل الاستبداد والفقر والرأسمالية الجديدة، ويعتبر أول من دق ناقوس خطر ضياع دور مصر وريادتها.
ولد صاحب «ليالي الحلمية»، وهو أول عمل درامي عربي من أجزاء، في عام ،1941 وكان والده يعمل في التجارة في محافظة كفر الشيخ، حيث تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي، ثم التحق بكلية الآداب قسم الدراسات الاجتماعية والنفسية في جامعة عين شمس التي تخرج فيها عام .1962
فور تخرجه في الجامعة عمل اخصائياً اجتماعياً في مؤسسة لرعاية الأحداث، ثم مدرساً في إحدى مدارس محافظة أسيوط، ثم انتقل للعمل بإدارة العلاقات العامة في كفر الشيخ، وبعدها في رعاية الشباب في جامعة الأزهر ، الى أن جاء عام 1982 ليغير مجرى حياته تماماً، حيث قدم استقالته من العمل مع الحكومة، ليتفرغ للكتابة والتأليف.
عرف عن عكاشة أنه ناصري التوجه وفدي الهوى، إضافة إلى تصديه في أعماله بشكل واضح للسلفية والتكفيريين، ورفضه هيمنة رأس مال المنتجين على هوية وجوهر الدراما المصرية، ما تسبب له في صدامات عدة مع قنوات كبرى كانت ترفض التعاقد على أعماله. وإضافة إلى شهرته في الدراما، فإنه كتب المقال الصحافي سنوات طويلة في صحيفتي «الأهرام» و«الوفد» المصريتين، وطالب في مقال شهير له بحل جامعة الدول العربية وإنشاء منظومة «كومنولث» للدول الناطقة بالعربية، مبنية على أساس التعاون الاقتصادي.
قدم عكاشة للناس في أرجاء الوطن العربي بهجة خاصة، وينظر إليه كثير من النقاد على أنه روائي كبير ذهب إلى التلفزيون أو روائي الدراما التلفزيونية، وإذا كانت ثلاثية نجيب محفوظ قدمت تاريخ مصر من نهايات القرن 19 إلى مشارف الحرب العالمية الثانية، من خلال أسرة متوسطة للسيد محمد عبدالجواد، فقد بدأ أسامة أنور عكاشة سلسلة التاريخ من خلال طبقات المجتمع المختلفة في حي الحلمية، التي جمعت الباشوات مع الطبقة الوسطى، وقدم حتى الثمانينات خمسة أجزاء، تبدو كأنها استكمال لثلاثية نجيب محفوظ، ومن المفارقات أنه «في الوقت الذي كان فيه نجيب محفوظ يرى أن الأشكال الأدبية مثل القصة والرواية تتغير بتأثير التلفزيون، كان أسامة أنور عكاشة يبدأ مشواره نحو صياغة دراما إنسانية كبيرة».
ومن خلال أعماله المتلاحقة قدم الراحل الصراع الإنساني بواقعية، من دون خطابة أو ادعاء، «الراية البيضاء»، «الشهد والدموع»، «أرابيسك»، «عصفور النار»، «قال البحر»، «رحلة أبوالعلا البشري»، «مازال النيل يجري»، «ضمير أبلة حكمت»، «أرابيسك»، «زيزينيا»، «عفاريت السيالة»، «المصراوية» وغيرها. وقد ارتبط الراحل بتوأمه المخرج إسماعيل عبدالحافظ الذي ساهم بنصيب في هذه المسيرة الإبداعية.
في مجال السينما كتب عكاشة مجموعة من الأفلام السينمائية الناجحة، لعل من أهمها «كتيبة الإعدام، الهجامة، تحت الصفر، دماء على الأسفلت، الطعم والسنارة، الاسكندراني». وفي المسرح كتب «القانون وسيادته»، «البحر بيضحك ليه» لفرقة الفنانين المتحدين، ومسرحية «الناس اللي في التالت»، «ولاد الذين». ومن أعماله الأدبية مجموعة قصصية بعنوان «خارج الدنيا » عام 1967 صادرة من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، ورواية «أحلام في برج بابل» عام ،1973 رواية «منخفض الهند الموسمي» عام ،2000 ورواية «وهج الصيف» عام .2001 ونال العديد من الأوسمة والجوائز، أهمها جائزة الدولة للتفوق في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة في عام ،2002 جائزة الدولة التقديرية في الفنون في عام .2008ئ
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news