موسيقى وأغنيات بلغات قديمة في العين وأبوظبي
أحيا كل من الفنان السوري إبراهيم كيفو، وعازف العود العراقي عمر بشير، مساء يومي الجمعة والسبت الماضيين، حفلين فنيين على مسرح ملتقى أسرة جامعة الإمارات في العين، ومسرح أبوظبي على شاطئ العاصمة الإماراتية، وذلك بتنظيم من مركز العين للموسيقى في عالم الإسلام التابع لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث.
بدأ الحفل بمعزوفات ومقطوعات موسيقية، قدمها الفنان إبراهيم كيفو بالقسم الأول من الحفل رافقها غناءً بمجموعة من الأغنيات المختارة من منطقة الجزيرة السورية على اختلاف لهجاتها وأطيافها ولغاتها الحية، ورافق ذلك مجموعة من الأغنيات السريانية والآشورية والكردية والأرمنية التي أكدت مدى استطاعة آلة «البزق» مواكبة هذه الأنماط الموسيقية المختلفة بتجانس رائع وإبداع متميز، وهذا ما أوضحه إبراهيم بعد الحفل، أن «البزق» آلة مظلومة لا تحظى بالاهتمام الذي تحظى به آلة العود وغيرها، وأنها جديرة بأن تبعث وتدرس في المدارس والمعاهد الموسيقية، وأن تلحق بالفرق الموسيقية، وخير دليل على ذلك ما حظيت به هذه الآلة من مكانة عند السومريين وشعوب الشرق العربي واليونان والأتراك، حيث وضعت لها المناهج التدريسية، وصارت تعزف أجمل المعزوفات العالمية، وأكد أن «البزق» آلة عربية وشرقية موسيقية وعالمية، ولاقت أغنيات إبراهيم كيفو ومعزوفاته تجاوب الجمهور وتفاعله الكبير. وتضمن النصف الثاني من الحفل مجموعة من المقطوعات الموسيقية قام بها عازف العود الشهير عمر بشير، قدم فيها باقة متنوعة من المقطوعات الموسيقية الشرقية والعراقية، خصوصا التراثية التي شكلت امتداداً لمدرسة والده الموسيقار الكبير منير بشير، ولكن بأسلوب الابن، وبدأها بمقطوعة موسيقية بعنوان «حب وسلام» من ألحان والده، والثانية بعنوان «ارتجالات»، عبارة عن معزوفات لمجموعات من المقامات العراقية مثل مقام الأوج، والسيكا، والحجاز العراقي، ثم تقاسيم من مقام حجاز كار، وما يتضمنه من مقامات عدة كالصبا والنهاوند، والعجم، ثم الاختتام ثانية بمقام الحجاز، ونقلت معزوفات عمر بشير الحضور إلى أجواء العراق وتراثه الموسيقي من الشمال إلى الجنوب والذي يعتبر امتداداً لموسيقى الخليج العربي. وأكد عمر أن أول ظهور للعود يعود إلى 2300 سنة قبل الميلاد، وأن الموسيقي العربي زرياب أول من عرّف الناس إلى آلة العود، وأول من فتح معهداً للموسيقى في الأندلس، وقال إن والده منير بشير يعتبر أول من قدم آلة العود في أوربا والعالم كآلة منفردة تملك القدرة على العزف منفردة لقرابة ثلاث ساعات، وأكد تقبل الجمهور الغربي لها، على الرغم من أنها موسيقى مرتجلة غير منوتة، وقال إن الغرب يحب موسيقانا التي تعبر عن روحنا وتراثنا.
ومن جانبه، أشار مؤسس ومدير دار ثقافات العالم في باريس شريف الخزندار، إلى أن مشاركة هؤلاء الفنانين تندرج ضمن إطار خطة هيئة أبوظبي للثقافة والتراث ومركز العين للموسيقى في عالم الإسلام الذي أسسته للحفاظ والدفاع عن الأنواع الموسيقية الموجودة في عالم الإسلام، ومن ضمنها آلة «البزق» التي تعاني قدراً من الإهمال والعزلة، على الغرم مما تتمتع به من مميزات استطاع الحفل إبرازها، بحيث قدمت صورة كاملة ورائعة متنوعة لموسيقى منطقة الجزيرة بشمال سورية بمختلف لهجاتها التي أبرزت جمال وروعة آلة البزق، ما يدعو إلى الحفاظ على هذه الآلة وبعثها ومنعها من الاندثار.
وأضاف الخزندار، أنه قد أنشأ معهده منذ 35 سنة في فرنسا، لتعريف الفرنسيين والعرب المغتربين ودول أوروبا بالأنواع الموسيقية العربية والآسيوية والإفريقية، وقال إنه أنشأ عام 1974 أول مهرجان للفنون التقليدية وأشكال مشهدية تختلف عما ألفه من موسيقى، ما يجسد تنوع الثقافات الموسيقية. وأوضح أن آلة «البزق» لم تأخذ حقها عربياً أو عالمياً، ونوّه بإنتاج اسطوانة للعازف إبراهيم كيفو منذ شهرين بفرنسا، التي حققت نجاحاً ووزعت بالعالم أجمع، ما يوضح إمكانية الانتشار العالمي لهذه الآلة، كما نوه بإصدار عمر بشير قبل أسبوع ألبوما بعنوان «العود المجنون»، قدم منه ثمانية أنواع موسيقية تعبر عن مدى جنونه بهذه الآلة.
ويعتبر عمر بشير ابن الموسيقار الكبير منير بشير، الحامل الوحيد لإرث والده، كما يعتبر امتداداً لمدرسته، وتنقل عمر بالحضور من خلال عوالم فوقية عبر البلدان، فقدم مقامات مختلفة منها المقام البشيري الذي أضافه والده إلى مقامات الموسيقى العربية.