«لقاء الحب والسـلام» في أبـوظـــــبي

يمكن بسهولة لزائر معرض «لقاء الجمال والحب والسلام»، المقام في المركز الثقافي التابع لوزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، أن يتلمس مدى الجهد الذي بذل من قبل المشرفين على المعرض لاختيار الأعمال المعروضة، إذ يقدم المعرض من خلالها رؤية بانورامية لفنون الرسم المعاصرة في كوريا التي تنظم هذا المعرض بالتعاون مع وزارة الثقافة في الإمارات بمناسبة مرور 30 عاما على قيام العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

147 عملا فنيا لما يقرب من 11 فنانا، شكلت ملامح «لقاء الجمال والحب والسلام»، الذي افتتح الأربعاء الماضي في ابوظبي، ويستمر حتى 7 يوليو المقبل، وقدمت التجارب صورة مقربة عن ملامح للفن التشكيلي المعاصر في كوريا، والذي تنوعت مدارسه وأساليبه بتنوع تجارب فنانيه ورؤاهم.

بهاء اللون

العناية باللون؛ سواء في استخدامه أو في اختيار خاماته، بدت سمة واضحة في الأعمال المعروضة، فجاءت في غالبيتها ذات حضور قوي وواضح، ليس فقط في اللوحات التي تعبر عن مشاهد من الطبيعة، وهي كثيرة في المعرض، ولكن أيضا في الأعمال ذات الطابع التجريدي، مثل لوحة الفنان شين جانغ دوك، «إيقاع الحياة» التي استـــمدت إيقاعها وحضورها من اللونين الأحمر والأسود اللذين سيطرا عليها، في حين تداخلت غالبية الألوان في دوامة من مكعبات ملونة يتوه وسطها البشر، عبر بها الفنان عن الحياة المدنية في لوحة بعنوان «المدينة».

في المقابل كان للطبيعة حضورها المميز في عدد كبير من الأعمال المعروضة التي انعكست فيها بأشكال وتجليات مختلفة اكتست في أغلبها بالبهجة والبهاء، خصوصاً من ميل عدد من الفنانين إلى استخدام ألوان لامعة. فاختار الفنان وانج يل اللونين الأبيض والأزرق ليرسم بهما ملامح جنته في لوحته «الفردوس الجديد»، التي تمازجت فيها أمواج البحر الزرقاء مع السحب البيضاء المرصعة بطيور النورس، كما انعكست الطبيعة في لوحة «بزوغ القمر» للفنان جونغ جو، ولوحة «استراحة على بحيرة شونغ يونغ» للفنان وكون جونغ أود.

تجديد

لم تكن الطبيعة الصامتة هي الموضوع الوحيد الذي سيطر على أعمال الفنانين الكوريين، فمال عدد منهم في أعماله إلى تجسيد قضايا الإنسان المعاصر ومعاناته، ونجح غالبيتهم في طرح هذه القضايا بأساليب لافتة، مثل الفنان شوي ين كن الذي قدم لوحة غاية في البساطة والبلاغة حملت عنوان «انتهاء الحياة» واكتسى فيها بياض اللوحة بالكامل باللون الأسود واخترقها في المنتصف خيط شاحب غير منتظم يشبه مؤشر النبض في غرف العمليات الجراحية.

التجديد في أعمال المعرض لم يقتصر على الموضوعات، بل امتد للخامات المستخدمة في الأعمال، التي تنوعت واختلفت من عمل لآخر، مثل لوحة «الفراغ والسقوط» للفنان وهه كين جن التي استخدم فيها الورق المقوى والمصقول. وعمل آخر للفنان كيم تونغ اين ثبت فيه رزمة من الاكياس البلاستيكية بمسامير ذات رؤوس مدببة، وفي منتصفها ظهر وجه امرأة برأس تشبه الآلة. في حين وظف الفنان كيم بورا الخيوط القطنية والأقمشة لصناعة لوحته «وردة منتصف الليل القطنية».

فنون إماراتية

الفن الإماراتي أيضا كان له حضوره في المعرض من خلال مجموعة من الأعمال الفنية للفنانين الإماراتيين د. نجاة مكي وعبدالقادر الريس وعبدالرحيم سالم وخلود الجابري وفهد الجابر. ورغم ميل معظم الأعمال للحداثة ومدارسها، إلا انها عكست تواصلا واضحا مع تراثها ومجتمعها.

ووصف مدير إدارة التراث والفنون بوزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع وليد الزعابي المعرض بأنه يجسد العولمة الثقافية، في صورتها الإيجابية، ويشكل تجربة مهمة تخلق جوا من الإبداع المشترك والتواصل الفني وتسهم في تبادل الخبرات الفنية بين فناني البلدين. لافتاً إلى أهمية المبادرة الكورية في تلك المناسبة التي تهدف إلى الكشف عن الاتجاهات الفنية الكورية المعاصرة بما تحمله من خصوصية. مشيراً إلى أن المعرض يضم في المقابل مجموعة فنية لفنانين إماراتيين، وهي أعمال تسعى إلى الكشف عن أسرار النفس البشرية وجوهرها وترسيخ قيم الحق والخير والجمال، إلى جانب التأكيد على التفاهم والتعاون المشترك بين دولتين ربما تختلفان في المضامين الثقافية والحضارية، ولكن تجمعهما في النهاية مشاعر الأخوة في ظلال شجرة الحياة البشرية.

وأشار الزعابي إلى حرص وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع على إقامة معارض مشتركة بين الفنانين الإماراتيين والفنانين الأجانب دعماً للفن الإماراتي ولإتاحة الفرصة لفناني الإمارات للاحتكاك بمدارس فنية مختلفة، مشيراً إلى أن الإمارات أصبحت أحد الروافد الثقافية والفنية المهمة في العالم.

الأكثر مشاركة