الجشع يدمّر تراث بيروت

وزارة الثقافة وجمعيات أهلية تتصدى لعمليات الهدم. غيتي

تتجه مباني بيروت القديمة الأنيقة نحو الانقراض بسبب جشع التجار والمقاولين، وفي طفرة بناء أذكاها الاقتصاد المنتعش، وأموال المستثمرين الخليجيين واللبنانيين استطالت الأبراج الشاهقة في أنحاء العاصمة اللبنانية، وكثير منها بُني على أطلال التراث المعماري المهدم لبيروت، وتحاول قلة من المهتمين بالحفاظ على التراث انقاذ ما يمكن انقاذه من الدمار، لكن في مدينة يحكمها المال ربما يكون قد فات الأوان.

وتقول ريما شحادة من مؤسسة التراث، وهي مؤسسة خاصة، ان بيروت «أصبحت شديدة القبح، وأضافت أنها تعلم أن بيروت ستستمر لكنها لن تتمتع بالسحر نفسه الذي كانت عليه من قبل». وتجمع شحادة ملفات لتأمين حماية رسمية لبضعة قصور متهالكة ترجع الى الحقبة العثمانية في حي زقاق البلاط، ويعوق مسعاها الروتين والفساد والافتقار الى قانون يحمي التراث. ونجت بضعة مبانٍ لبنانية قديمة بنوافذها المميزة وشرفاتها الواسعة وأسطحها المكسوة بالقرميد الأحمر، لكن تحجبها الآن المباني السكنية الخرسانية. ويعني اي مؤشر إلى الإهمال الآن أنها في طريقها للزوال. وتخترق مبان شاهقة جديدة أفق بيروت من بينها «برج سما بيروت» المكون من 50 طابقاً، الذي سيكون أعلى برج في العاصمة اللبنانية ويبلغ ارتفاعه 200 متر.

وقالت الروائية ايميلي نصر الله، إن هذا أمر محزن جداً، وإن السكان يخسرون الحي ويخسرون نسيج الحياة العادية الطبيعية التي كان الناس يعيشونها دائماً في بيروت. وتنبّه بعض اللبنانيين الأصغر سناً الى التغيرات المفاجئة في نسيج المدينة التي يعيش بها نحو 1.5 مليون نسمة. وفي الشهر الجاري أطلقت جماعات حماية التراث حملة توعية تحمل صورة لشواهد أضرحة للمباني القديمة التي تم هدمها في الآونة الأخيرة وسط خلفية من ناطحات السحاب الداكنة.

وقد حصلت تلك الجماعات على دعم وزير الثقافة اللبناني سليم وردة الذي عقد العزم على وقف هذا الدمار. وقال وردة «هذه المباني جزء من كنوزنا الوطنية ومن هويتنا، وبالتالي نحن لا ندمر خشباً وحجراً بل جزءاً من بيروت وجزءاً من التراث المعماري الذي ترك لنا لنحافظ عليه»، وأضاف «نحن الدولة العربية الوحيدة التي لم تمرر قانوناً للحفاظ على المباني التراثية، هذا شيء مخزٍ». وبالنسبة للمهندسة المعمارية وخبيرة التخطيط المدني سيمون قصرملي، فإن أوان إنقاذ تراث بيروت قد فات وستبقى بضع جواهر بفضل ملاكها الذين يقدرونها، لكن الدولة فوتت منذ زمن طويل فرصة شراء المباني القديمة لتخصيصها لاستخدامات عامة، وقالت «هذا مستحيل اليوم» مشيرة الى الأسعار الفلكية للأراضي التي ليست في متناول الحكومة التي لا تملك المال.

تويتر