فيروز ممنوعة بأمر قضائي من تقديم مسرحية «يعيش يعيش». أرشيفية

فيروز وورثة منصور.. مَن يقبض ثمن الأغاني

شكل خبر منع فيروز من إعادة غناء مسرحية «يعيش يعيش» على مسرح كازينو لبنان، إعلاناً صريحاً لنقل الخلافات التي تدور في العائلة الرحبانية منذ وفاة عاصي عام ،1986 من خلف الأبواب الى أوراق الصحف. وقد بدأت الكثير من الصحف تدافع بأقلامها عن فيروز، فيما سيقام يوم غد الاثنين في وسط بيروت اعتصام سلمي لدعم فيروز، سيكتفي بوضع أغنياتها على مكبرات الصوت. ولم تعلق الفنانة فيروز على الموضوع، في حين أتى البيان الذي أصدره ورثة منصور الرحباني واضحاً وصريحاً، بمطالبتهم بالحقوق الملكية والفكرية، وبالتالي منع فيروز من غناء أي من الأعمال التي ألفها منصور بالمشاركة مع عاصي دون موافقتهم واحتساب حقوقهم المادية.

وجاء في البيان الذي أصدروه «نحن مروان وغدي وأسامة منصور الرحباني، وبعد صمت فرضناه على أنفسنا تجاه حملات إعلامية مغرضة، تناولتنا أخيرا من بعض الأقلام، وذوي القربى، على خلفية مشكلات بيننا وبين ورثة عمنا عاصي، وهما أرملة عمنا نهاد حداد (الاسم الحقيقي لفيروز) وابنتها ريما، وبعدما تيقنا من أن كل الذين تحدثوا في الموضوع لا يعرفون ماهية تلك المشكلات وأسبابها وتفاصيلها، ولا ما هي الحقوق والواجبات فيها، وبعد وصول التجني في الاعلام الى درجات الشتم والاهانة والسلبطة، قررنا الخروج عن الصمت الأخلاقي الذي تعلمناه من نبل عاصي ومنصور معاً، وقررنا الدخول في الكلام الواقعي والجدي تبياناً للحقيقة». واعتبر ورثة منصور أن «هناك محاولة ونية لإلغاء إنتاج وجهد منصور الذي أصدره منفردا بعد وفاة عاصي، على مدى 23 عاماً، ألف خلالها 11 مسرحية غنائية وخمسة دوواين شعر وقداساً مارونياً، متسائلين أنه لو كان هو الذي غاب عام ،1986 وكان عاصي ألف هذه الأعمال منفرداً، هل كان ورثته سيقبلون بالتجني على هذا التأليف ومحاولة إلغائه؟». وأشاروا في البيان الى أن القضية التي بدأت مع منصور لم تكن بسبب منعه فيروز من الغناء، وإنما استنادا للمادة رقم (6) من القانون رقم 75/ ،1999 التي «تحظر على احد المؤلفين استخدام حقوق التأليف بمفرده ما لم يكن هناك اتفاق خطي مخالف ومحدد الحقوق». وأكدوا في البيان أنه بناء على صراحة هذه المادة، فإن ادارة كازينو لبنان لم تقبل التعاقد على عرض أي عمل للأخوين الرحباني دون موافقة خطية مسبقة من مؤلفي العمل المشترك. ونوهوا بأن «الخلاف بدأ على خلفية تقديم فيروز مسرحية (صح النوم) في دمشق والشارقة، دون موافقة منصور المسبقة على تقديمها، واحتساب حقوقه المادية مؤلفاً وملحناً للعمل مناصفة مع عاصي». وأشاروا الى أن فيروز «كانت تتقاضى أجرا على عملها مع الأخوين الرحباني ولم تكن يوماً شريكة في الانتاج، فهما كانا يتحملان الخسارة والربح، وبناء عليه فإن فيروز تعامل معاملة الورثة تماماً مثلنا في الحقوق والواجبات أمام القانون».

وفي الواقع، الحرب الرحبانية حول الحقوق الفكرية والمادية مع فيروز بدأت منذ وفاة عاصي، لكنها كانت خلف الأبواب، وبدأت تظهر للعلن قبل رحيل منصور الرحباني الذي كان أقام دعوى قضائية في الثاني من ابريل عام ،2008 طالب فيها فيروز بدفع مبلغ 100 ألف دولار لتقديمها مسرحية صح النوم في دمشق، على اعتبار انها جنت الملايين من العروض، بالاضافة الى تقديمها حفلات في البحرين أدت فيها أغنيات من تأليف عاصي ومنصور ولم تأخذ موافقة منصور قبل القيام بها.

ردود فعل

الأخوان رحباني

شكل الشقيقان عاصي الرحباني الذي ولد عام ،1923 ومنصور الرحباني الذي ولد عام ،1925 في بلدة انطلياس شمال لبنان، ظاهرة فنية فريدة في لبنان والعالم العربي، إذ تمكنا من حفظ مكان لهما في عالم التأليف والتوزيع الموسيقي، بالإضافة الى كونهما شاعرين من طراز فريد. حرصا من خلال أعمالهما التي كان أولها مسرحية «موسم العز» التي قدمت في بعلبك عام 1960 من بطولة صباح ووديع الصافي ونصري شمس الدين، على نشر الأغنية اللبنانية في العالم العربي. وقدما مع فيروز (زوجة عاصي) ما يقارب 20 مسرحية أبرزها «جبال الصوان»، «ميس الريم»، «ناس من ورق»، «يعيش يعيش»، فيما كانت مسرحية «الربيع السابع» التي قدمت عام 1984 آخر الأعمال المشتركة. والى جانب المسرحيات قدما ثلاثة أفلام هي «سفر برلك»، «بنت الحارس»، «بياع الخواتم». رحل عاصي الرحباني عام ،1986 وتابع منصور تقديم المسرحيات الغنائية، فقدم 11 مسرحية منفرداً الى أن رحل عام .2009

من اليمين منصور وعاصي.

في المقابل، كانت هناك ردود فعل فنية واعلامية على إعلان هذا الخبر، فقد أكدت الفنانة المصرية إلهام شاهين مشاركتها في الاعتصام الذي سيقام يوم غد في العاصمة اللبنانية، إذ قالت إنها ستصل إلى بيروت يوم الاعتصام للمشاركة في الوقفة بصفتها فنانة عربية. وأشارت إلى أن فيروز ليست مطربة لبنانية عادية وإنما شخصية فنية غير عادية أمتعت ملايين العرب على مدار عقود، ولا يمكن أبدا السكوت على التعامل معها بتلك الطريقة المهينة لشخصها ولفنها وللفنانين بشكل عام. من جهتها أكدت الاعلامية نضال الأحمدية، أنها منزعجة بشدة من موقف الحكومة اللبنانية تجاه السيدة فيروز التي تعد أحد أعلام الفن العربي وسفيرة لبنان الاولى في العالم. وأضافت الأحمدية «أهانت السلطة نفسها بقراراتها على مختلف المستويات حتى تحولت إلى هولاكو عصري، وابتغت أن تكون الأولوية لهيفاء بينما فيروز تمنع من الغناء بقرار رسمي ويطالب منصور الرحباني قبل رحيله باعتقالها إن غنت ويكمل أولاده المشوار ليحققوا النصر ويصبح القرار نافذاً». وأشارت إلى أن الموقف محير بالفعل «فبينما تتوقف مسرحية فيروز (يعيش يعيش) عن العرض في كازينو لبنان نجد كل أنواع الدعارة الفنية (تعيش تعيش) لكننا لن نسكت وسنقف جميعاً لنصرة الوجه الحضاري والثقافي للبنان».

ولم تقتصر موجات الغضب من القرار ودعم فيروز على الجهات الإعلامية اللبنانية، فقد أطلقت الإذاعة السورية حملة تضامنية مع فيروز سمتها «فيروز في القلب»، قامت خلالها بتكثيف بث أغنياتها واستقبال إعلاميين وفنانين للمطالبة بوقف الدعاوى ضدها، هذا الى جانب الحملات التي تنظم على الموقع الاجتماعي «فيس بوك»، وتدعو الناس الى الانضمام إلى الاعتصام لدعم فيروز.

الأكثر مشاركة