«قـوس قـزح».. غنـــاء بــ 7 لغات
على مدار ساعتين، استمتع جمهور الفن الأصيل بما قدمته جوقة «قوس قزح» السورية التي استضافتها مجموعة مسارح الشارقة في حفل موسيقي ناجح أقيم، مساء أول من أمس، على خشبة مسرح معهد الفنون المسرحية في الشارقة. وكان الحفل ضمن أنشطة المجموعة التي حرصت على تنظيم برنامج لعروض موسيقية ومسرحية في الصيف، تمتع الجمهور وفي الوقت نفسه تقدم له فنا أصيلاً، وهو ما انطبق على الأمسية التي أحيتها «قوس قزح»، التي كانت غناء متعدد اللغات، وجاءت الأغنيات بسبع لغات. وامتلأ المسرح بالجمهور متعدد الجنسيات ومن مختلف الأعمار، اتفقوا جميعاً على حب الموسيقى والأداء الراقي الذي جذبهم على مدار ساعتين اشتعلت القاعة فيهما بالتصفيق الحار في نهاية كل فقرة غنائية.
وحول تقديم أغنيات بلغات عدة، قال بريمو خلال الحفل الذي كشف عن ثراء الصوت البشري الجماعي وطاقته التعبيرية غير المحدودة، وقدرته على ان يكون موسيقى وكلمة، في الوقت نفسه، «نحن العرب نحترم تراث الآخرين، ونسعى الى تقديم تراثنا الغنائي ليتعرفوا اليه»، في اشارة الى أهمية الحوار الثقافي، ومبيناً ان الموسيقى لغة جامعة للشعوب.
ورغم كلاسيكية المظهر والأداء وكذلك المختارات الغنائية، استطاع قائد ومؤسس الجوقة الموسيقي السوري حسام الدين بريمو، تشكيل لوحة فنية رشيقة من خلال حواريات بين الاصوات النسائية والرجالية وتنويعاتها وعزف موسيقي بسيط. وتميز الحفل بتناغم ملحوظ بين أصوات شباب وفتيات الفرقة، فضلاً عن عزف موسيقي بسيط ومهم في آنٍ واحد يتقدمه ملك الآلات الوترية، العود، ثم يأتي دور كل من الدف والبيانو.
ولعله من المتوقع أن تقدم فرقة مثل جوقة «قوس قزح» أغنيات تراثية عربية، أما الجديد والمدهش فهو تقديم الفرقة أغنيات متنوعة تنتمي إلى تراث أمم أخرى، بالإضافة الى أغنيات من التراث الغنائي الموسيقي العربي. وقدمت الجوقة أغنية «الرعيان» المأخوذة من التراث المنغولي التي أدتها الجوقة باللغة الصينية، كما أدت أغنية «السيدة بطة» باللغة البرتغالية، وأغنية «بامبا» باللغة الإسبانية وأغنية «المحبة» وهي للاطفال، باللغة الإندونيسية. ومن تراث الموسيقيين الإيطاليين قدمت الفرقة أغنية «المزحة الإيطالية»، التي تحولت فيها المصطلحات الموسيقية الايطالية الى اغنية، شارك فيها بصوته قائد الجوقة. وأخيراً وربما الأقرب إلى الرصيد الموسيقي العربي كانت أغنية «الوردة الجورية» من التراث التركي.
وتعد جوقة «قوس قزح» من أشهر الفرق الجماعية في الوطن العربي، إذ تأسست عام 1999 على يد قائدها الذي يشغل منصب وكيل معهد الموسيقى في سورية حسام الدين بريمو، والتي تضم40 مغنياً ومغنية، إضافة إلى 20 عازفاً يختلف حضورهم على المسرح تبعاً لطبيعة الحفلات والمسارح المضيفة. لكن حفل الشارقة قدمه 22 عضواً في الجوقة، بينهم 12 مؤدية، وشارك في العزف عازفان على البيانو والدف، في حين شارك أحد المؤدين في العزف على العود في بعض فقرات الحفل.
وتنعكس بوضوح الخبرة والذائقة الموسيقية للأكاديمي بريمو على المستوى الفني للجوقة، من حيث اختيار ما يتم تقديمه من أغنيات وكيفية الاشتغال عليها صوتيا وموسيقيا، بحيث تخرج من ملل الأداء الكلاسيكي الصرف، وفي الوقت نفسه تحافظ على طابعها الجمالي القديم. مثالاً على ذلك ما جاء ضمن حفل الشارقة من أغنيات عربية تم تقديمها عشرات المرات من قبل فرق عربية متعددة، لكنها هذه المرة كانت أكثر خفة وتجديداً، مثل أغنية «طلعت يا محلا نورها» لسيد درويش و«طالعة من بيت أبوها». ومن التراث الشامي قدمت الجوقة «بيلبقلك شك الألماس» و«الروزنا».
أما الفقرة التي حازت إعجاب الجمهور كثيراً، وأثارت دهشة الجميع فكانت تشكيلاً فنياً من نداءات البائعين في الأسواق الدمشقية، وهي من ألحان وتوزيع بريمو، وقد أدتها الجوقة بطريقة تمثيلية مرحة علت فيها صيحاتهم للإعلان عن بيع البطاطا والثوم والبطيخ والعنب، لتنقل أصوات الباعة المتداخلة في السوق الى مستوى موسيقي، يؤكد أن الموسيقى موجودة في كل التفاصيل الحياتية اليومية، حتى في سوق الخضار.