أصغر صانع فخار في العالم يحـلم بالطب ونشر تراث فلسطين
طين غزة.. حكـايات من الفخار
محمود عطا الله طفل لم يكمل عامه السابع، استطاع أن يلفت أنظار الجميع بدقته المتناهية في صناعة الفخار وكأنه صانع محترف منذ عشرات السنين، إنه طفل يتحول الطين بين أنامله الصغيرة إلى أوانٍ رائعة مختلفة الأشكال والأحجام، ومشبعة بجمال التراث الفلسطيني.
الطفل محمود لا يعمل في هذه المهنة لجمع المال، وإنما ليحافظ على إرث والده وأجداده، فمنذ أن كان في الرابعة من عمره وهو يراقب والده وجده دون أن يشعرهما بذلك، ويقتنص فرصة غياب أبيه للعبث في الدولاب الخشبي حتى أصبح له مع الطين حكاية.
ويستعد محمود بجهود مؤسسات المجتمع المدني في قطاع غزة لدخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأصغر صانع فخار في العالم، وفي جعبته كآلاف الأطفال الفلسطينيين إبداعات لم يتمكن الاحتلال والحصار من قتلها.
ويقول محمود عطا الله جد الطفل محمود لـ«الإمارات اليوم» وهو خلف دولاب الفخار الذي يعمل عليه منذ عشرات السنين، «منذ أن كان محمود في الرابعة من عمره لاحظنا عليه شغفه بأن يجلس بجانبي وجانب والده، كما لاحظنا عليه تعلمه للمهنة بسرعة كبيرة، وما أن أصبح عمره ست سنوات حتى أصبح لديه موهبة خارقة في صناعة الفخار».
ويضيف «الآن محمود يعمل معي ووالده في صناعة الفخار في ورشتنا الموجودة أسفل المنزل الذي نعيش فيه، وأنا أسعى إلى أن أشبع فضوله وموهبته بصناعة الفخار حتى يحافظ على هذه المهنة من الاندثار».
ويشير إلى أن حفيده محمود يمثل الجيل العاشر في عائلة عطا الله التي اشتهرت منذ قديم الزمن بصناعة الفخار.
وخلال زيارة «الإمارات اليوم» لورشة عطا الله لصناعة الفخار، كان الطفل محمود منشغلاً تارة بصناعة الأواني الفخارية وهو خلف الدولاب الخشبي إلى جانب جده ووالده، وتارة أخرى وهو يقف إلى جانب شقيقه قصي البالغ من العمر ثلاثة أعوام، يحاول أن يعلمه مهنة الأجداد.
ويقول والد الطفل محمود، «في بداية تعلّم محمود للفخار كان ينزل بعد أن أغادر ورشة الفخار أسفل المنزل، وقد اكتشفت أنه يتعلم بسرعة، ويمتلك موهبة في صناعة الفخار، إلى جانب تفوقه في الدراسة فقد حصل في الفصل الأول الابتدائي على معدل 97٪».
ويضيف «محمود كسر قاعدة توارث المهنة داخل العائلة، فقد تعلمتها منذ أن كان عمري 18 عاماً، وأن أفتخر بمحمود على إصراره أن يتعلم مهنة أجداده».
ويشعر الطفل محمود وهو يصنع الفخار بفرحة كبيرة على عكس الكثير من الأطفال الذين يستغلون الإجازة الصيفية في الترفيه.
ويقول محمود بلغة الكبار في براءة تنساب مع طفولته «لما تلمس يدي الطين أشعر بفرحة كبيرة، وأحب أن أجلس خلف الدولاب وأصنع الفخار، وسأبقى أعمل في الفخار لأنها مهنة أجدادي وتراث بلدي فلسطين».
مضيفاً أنه في فترة الدراسة لا تلهيه صناعة الفخار عن تعليمه، فعندما يعود من المدرسة ويكمل واجباته الدراسية ينزل إلى ورشة الفخار، ويجلس بجانب والده وجده ليصنع الأشكال الفخارية المختلفة.
ويحلم الطفل محمود الذي أبدع في مزاولة مهنة الأجداد، بأن يصبح طبيباً في المستقبل في الوقت الذي يمارس فيه صناعة الفخار.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news