الجرائم في مصر.. تنتهي بالشهرة وليس بالإعدام
ربما لا يكون المرء مبالغاً إذا قال إن سماع أو قراءة خبر عن جريمة بشعة لم يعد بالأمر الذي يستغربه المصريون الذين أضحت مثل هذه الأنباء تطل عليهم بعلامات الاستفهام الكبيرة كل يوم، فالاستخفاف بالأرواح وصل إلى ذوي الأرحام والمعارف المقربين والجيران وتخطى الحواجز والحدود. ولا يوجد تفسير واضح لهذه الظاهرة، فالبعض يرى أن الجاني لم يكن أبداً يقصد أو يتخيل ما سينتهي إليه الأمر، والبعض يرى أن انتشار المواد المخدرة على اختلاف أنواعها هو السبب، إذ تُفقد هذه المواد الشخص السيطرة على تصرفاته، فيما يرى البعض أن ضغوط الحياة وحالة اليأس، ربما هما المحرك الرئيس للجاني، ويرى آخرون أن غياب الالتزام الديني عن الكثيرين ربما يوقعهم فريسة سهلة لإغواءات الشيطان.
ويلقي الب�9ض باللائمة على الإعلام بمختلف صوره باعتباره المسؤول عن تقريب فكرة الجريمة وصورة الدماء إلى المواطن المصري.
ويدعو عبدالخالق، وهو موظف حكومي، إلى تنفيذ أحكام الإعدام في الشوارع ليكون منظر الجاني رادعاً لمن يعتبر، ويقول: «الإعلام لا يرينا إلا هذا أو تلك، وقد تحوّل كل منهما إلى مادة للصفحات الأولى في مختلف الصحف، أو ضيف تلهث وراءه البرامج المعنية بالجرائم، ويظل الإعلام يتتبع خطوات المحاكمة، ولا نراه يتحدث أو يصور تنفيذ الأحكام، ما قد يجعل البعض يتخيل أن الأمور تنتهي بالشهرة وليس بالإعدام.
وبطبيعة الحال لا يجب علينا أن ننسى أبداً حالة اليأس التي من السهل أن تتمكن من المرء في بلد يرى 83.9٪ من أبنائه ان الشبا�( مظلوم، وسط ظروف يزداد فيها الغني غنىً والفقير فقراً.
وكشف تقرير للمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية نشر أخيراً، أن 83.9٪ من الناس يرون أن الشباب يعيش حالة من القهر والظلم في ظل ظروف البطالة وحالة الضياع التي يعيشونها، ولم يخرج عن هذا الإحساس سوى 9.7٪ فقط.
وكشف التقرير الذي نشرته صحيفة «الأهرام» شبه الرسمية، أخيراً، أن 30.5٪ ممن تم استطلاع رأيهم أكدوا أن الشباب مظلوم ومغلوب على أمره، ورآه 16.1٪ «غلباناً» ومسكيناً، وقال 12.1٪ إن الشباب عاطل ولا يجد عملاً، فيما وصفه 8٪ بأنه ضائع و3.6٪ بأنه مظلوم ومطحون، وقال 2.3٪ إن الشباب ظروفه صعبة وأحواله سيئة وأمله مفقود. وحدد التقرير أن معظم الملامح السلبية للصورة الذهنية عن الشباب هي مسؤولية المجتمع، فيما ألقت نسبة محدودة بهذه الأوصاف السلبية على كاهل الشباب أنفسهم.
وتتلاحق على المصريين في الآونة الأخيرة جرائم، كل منها أبشع من سابقتها، وصلت إلى القتل بسبب مكالمة من هاتف جوال أو ثلاثة جنيهات أو موقف سيارة.
ومن الجرائم التي لا يمكن الاستسلام بوجود مبرر لها قيام سائق حافلة بإحدى الشركات بقتل ستة على الأقل من العاملين وإصابة ستة آخرين خلال نقلهم الى الشركة. وبرر القاتل فعلته بأن زملاء له تورطوا بالتنقيب عن الآثار أسفل منزله، وأنه لدى معاتبتهم على ذلك سخروا منه وهددوا بردعه إذا لم يتركهم ينقّبون عن الاثار، ما جعله يعقد العزم على الانتقام منهم.