«الجماعة» متّهم بالانحياز للأمن المصري
أثار المسلسل التلفزيوني «الجماعة» جدلاً واسعاً منذ عرض الحلقة الأولى له بالتزامن مع أول أيام شهر رمضان، وتصاعد الجدل بين مؤيد ومعارض لما جاء في أحداث الحلقات الأولى منه، بينما اتفق كثيرون على ضرورة متابعته كمسلسل جيد الصنع.
ويتناول المسلسل الذي كتبه وحيد حامد، وأخرجه محمد ياسين، تاريخ جماعة الإخوان المسلمين في مصر، مستعرضاً نشأتها، وسيرة مؤسسها الراحل حسن البنا، لكن حلقاته الأولى تدور في عام ،2005 وتفند ما وصلت إليه الجماعة من سعي إلى قلب نظام الحكم، ومحاولات الوصول إلى السلطة.
وبينما اعتبر فريق من المتابعين لحلقات المسلسل أنه يقدم وجهة نظر فصيل واسع في المجتمع المصري يرى أن «الإخوان» خطر على الحياة السياسية والاجتماعية، إلا أن فريقا آخر يعتبر المسلسل متجنياً على الإخوان، ومجاملاً للنظام الحاكم وجهازه الأمني الذي يظهر في الحلقات الأولى محايداً تماماً، على عكس الواقع المعيش.
وقال الناشط الحقوقي نجاد البرعي إنه ليس من حق أحد أن يعترض على وجهة نظر أحد بمنعها، ولكن يمكنه أن يرد عليها ويفندها، وبالتالي لم يكن من حق «الإخوان»، ولا غيرهم الاعتراض على المسلسل قبل عرضه، فالنص الدرامي مملوك للمؤلف، وما يقدم فيه وجهة نظره في تفسير الأحداث، وربما هناك مؤلفون آخرون لهم تفسيرات أخرى. وأضاف أنه «من حق جماعة الإخوان المسلمين أن تقدم لو شاءت مسلسلاً من وجهة نظرها وعندهم المال وقنوات التلفزيون والمؤلفين والممثلين»، نافياً أن يكون المسلسل يعتمد وجهة نظر النظام الحاكم وإنما «اجتهاد شخصي وضربة فنية تجلب المشاهدين والإعلانات، وتزيد رصيد وحيد حامد والممثلين في البنوك» على حد قوله.
وقال الممثل والمخرج صبري فواز إن «اتهام المسلسل بالانحياز للنظام الحاكم منذ الحلقات الأولى يعد تجاوزاً وتجنياً، إذ ينتصر لفريق على حساب الآخر»، مشيراً إلى أن إصدار حكم مسبق يعد حكما فاسدا لا يعوّل عليه، طالما أن المسلسل لايزال في بداياته الأولى.
وحول تدخل جهاز الأمن المصري في أحداث المسلسل وانحياز الكاتب لهم قال المنتج عمرو قورة، «لو افترضنا أن جهاز أمن الدولة مسؤول عن كتابة المسلسل فأنا أهنئهم على اتباع أسلوب استعمال الدراما في التأثير على المشاهد، فالإخوان لديهم عشرات آلاف المنابر التي تسوّق لهم بدءاً من أصغر زاوية في أصغر كفر في كل أنحاء مصر وصولاً إلى وسائل إعلامية مختلفة».
وأضاف قورة أنه مع طرح الكاتب لوجهة نظره مبدعاً لعمل روائي، وليس مخرجاً لفيلم وثائقي قائلاً «كنا نعطي الرخصة للراحل أسامة أنور عكاشة عندما كان يحول كل شيء من أجل تمجيد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر والتقليل من الرئيس السادات، وكنا نقول هذا حقّه، فلماذا ننكر ذلك على وحيد حامد الذي قدم مع احترامي لكل العاملين في مجال الدراما المسلسل الوحيد المصنوع باحترافية هذا العام؟».
وقال الناقد وكاتب السيناريو وائل حمدي السيد، إنه رغم تحفظه على أسلوب وحيد حامد في التعامل الدرامي مع الشخصيات الأصولية في أعماله السابقة فإنه خلال الحلقتين الأولى والثانية من مسلسل «الجماعة» لم يرصد ما يمكن اعتباره انحيازاً ضد «الإخوان» أو تجنياً عليهم. وأضاف «يبدو أن حامد حريص أكثر من غيره على تقديم رؤية متوازنة قدر المستطاع، أما نجاحه في تحقيق ذلك فلن نجزم به أو ننفيه إلا مع نهاية عرض المسلسل». وأشار إلى أن تدخل جهاز الأمن في مسار العمل أو كونه المحرض على إنتاجه ففيه مبالغة كبيرة، لكنه بالتأكيد مبارك له ومؤيد لوجوده، أما أن تقوم «الإخوان» بإنتاج عمل مضاد فهو ما اعتبره حقاً خالصاً لهم، وهم قادرون عليه مادياً ولوجيستياً، لكن العقبة الحقيقية أن يكونوا قادرين عليه فنياً على حد تعبيره.
وقالت الكاتبة الصحافية حنان كمال إن انطباعها الأولي عن المسلسل يؤكد أن الكاتب وحيد حامد يقدم صورة سلبية عن «الإخوان» بشكل غير مباشر، مشيرة إلى أنه لا فارق بين إنتاج المسلسل عن طريق أمن الدولة وتلفزيون الدولة. وأكدت أنها لا يهمها أن ينتج «الإخوان» مسلسلاً عن أنفسهم بوجهة نظرهم «لكن كانت أفضل الصيغ أن يتصدى لمثل هذا العمل فريق غير منحاز لأي طرف، ويقدم (الإخوان) باعتبارهم جزءاً حقيقياً من تاريخ مصر لهم ما لهم وعليهم ما عليهم». وأشارت إلى أن انحياز الكاتب ضد «الإخوان» في الحلقات الأولى فج، وربما يخلق تعاطفاً مع «الإخوان» خصوصاً أنه يقدم ضباط مباحث أمن الدولة بصيغة إيجابية نعلم أنها مزيفة. ويعرض المسلسل على العديد من القنوات خلال شهر رمضان بينها عدد من قنوات التلفزيون المصري الرسمية ويقوم ببطولته الأردني إياد نصار وظهر في حلقاته الأولى ضيوف شرف كثيرون بينهم أحمد حلمي، ومنة شلبي، وعزت العلايلي.