الصينيون يهددون «الحطة الفلسطينية»
عندما تولى جودة الحرباوي الإشراف على أعمال والده في مدينة الخليل بجنوب الضفة الغربية، ازدهر مصنع النسيج الذي تمتلكه العائلة. ومصنع عائلة الحرباوي هو الوحيد في الضفة الغربية وقطاع غزة الذي ينتج الكوفية وهي غطاء الرأس الفلسطيني التقليدي الذي يرتديه الرجال وأصبح اسم العائلة معروفاً باسم المنتج. ولكن على مدى السنوات الـ10 الماضية واجه احتكار عائلة الحرباوي للكوفية تحدياً شرساً عبر العالم، من الصين. وبدأ والد الحرباوي أعماله في عام 1961 في وقت كان كبار السن من الفلسطينيين هم من يرتدون باستمرار الكوفية ويثبتونها بحبل أسود يسمى العقال. وكان القرويون والمزارعون في الحقول يستخدمونها للحماية من الشمس الحارقة.
واشتهرت الكوفية على مدى واسع في السبعينيات من القرن الماضي عندما حولها ياسر عرفات الذي كان يرتديها طول الوقت إلى رمز لحركة التحرير الفلسطينية الحديثة وهو ما أعطى في الوقت نفسه دفعة لتجارة الحرباوي.
وارتدى مقاتلو حركة فتح بزعامة عرفات ومنظمة التحرير الفلسطينية الكوفية ليس بالمعني العربي التقليدي كغطاء للرأس، ولكنهم بدلاً من ذلك أسدلوها على أكتافهم وغالباً ما كانوا يستعملونها لإخفاء وجوههم كمقاومين سريين. وسارع الشباب الفلسطيني إلى شراء الكوفية الفلسطينية. وتمرداً على العادات القديمة، رفضوا أن يرتدوها بالأسلوب التقليدي باعتبار أنه يذكرهم بماض أٍسود عندما أخفق أسلافهم في حماية فلسطين من الغزاة الأجانب.
وبدلاً من ذلك، اختاروا أن يرتدوها على أكتافهم كما يفعل مقاتلو منظمة التحرير الفلسطينية في رمز للتحرك نحو مستقبل أكثر إشراقاً عند تحرير وطنهم من الاحتلال الإسرائيلي.
وقال الحرباوي «نحن المصنع الوحيد في فلسطين الذي ينتج الكوفية ولدينا نحو 20 شخصاً يعملون معنا». وأضاف «إن سوقنا تغطي الضفة الغربية برمتها ومن بينها القدس الشرقية وقطاع غزة. ولكننا لا ننتج كميات تكفي للتصدير». وقال الحرباوي «حتى 10 سنوات مضت كنا الموردين الوحيدين للكوفية في السوق الفلسطينية».
ولكن السلطة الفلسطينية وقتها عندما تولت السيطرة من إسرائيل على المدن الكبرى بالضفة الغربية وقطاع غزة فتحت سوقا فلسطينية صغيرة للمنتجات الأجنبية. ومن نتيجة ذلك دخول المنتجات الرخيصة المصنعة في الصين ومن بينها الكوفية.
ويشكو الحرباوي «وسرعان ما انخفضت تجارتنا إلى نحو 20٪ من مستوى إنتاجنا العادي لأننا لم نعد قادرين على منافسة الكوفية الصينية الرخيصة».
وأضاف «واضطررنا إلى تسريح معظم عمالنا والاحتفاظ بأربعة فقط سيدتان لحياكة الكوفية وعاملان لإدارة الماكينات».
ولهذا استمر مصنع النسيج لا يحقق خسارة ولكنه يتدهور وأحياناً يحقق مكسباً بسيطاً. وقال الحرباوي إنه لا يفكر في إغلاق مصنعه لأنه لا يريد أن يخسر زبائنه. كما لا يفكر في إقتراض مبلغ من المال لتوسيع نشاطه. وما يفكر فيه هو تطوير المنتج الحالي حتى يضمن الاستمرار في إرضاء زبائنه المخلصين.
ويعتقد أن الدول تحاول حماية صناعتها الوطنية بتقليل استيراد المنتجات المماثلة إما من خلال الضرائب أو الجمارك أو بتقديم إعانات للصناعة الوطنية لتجعل أسعارها تنافسية مع الواردات الرخيصة.
غير أن السلطة الفلسطينية لا تستطيع فعل ذلك لأنها لا تتحكم في حدودها. ومن ثم تتدفق الواردات الرخيصة على السوق الفلسطينية ما يجعل الكثير من الصناعات المحلية خارج المنافسة.