رمضان بيروت.. موسم للتباهي

الإنفاق يرتفع بشكل ملحوظ في رمضان. رويترز

عندما تنثر الشمس المندثرة في بحر بيروت خيوطها الحمراء في سماء العاصمة، ويضرب المدفع ايذاناً بحلول موعد الإفطار، تتجمع عائلات قليلة في المنازل حول موائد رمضان، بينما تزخر المطاعم والفنادق بولائم تتسم بالبذخ والترف وتسرق بعض معاني شهر الصوم والصلاة عند المسلمين.

وتتشبث عائلة كحيل المكونة من سبعة افراد بتقاليد رمضان، فتستنسخ يومياً لقاء الافطار الذي تستبقه بالصلاة، وتستكمله بسهرات سحور منزلية.

وتقول ربة المنزل نوال كحيل (55 عاماً) إن «الاجتماع العائلي البسيط» هو لمواجهة «المصلحة التي اصبحت تتقدم على المحبة والعادات، والتجارة التي باتت عنوان رمضان اليوم». وتضيف «الاجتماعات المنزلية ضرورية، بل هي أمر حلال».

ويقول الشيخ حسين عبدالله من مكتب العلامة الشيعي الراحل محمد حسين فضل الله إن شهر رمضان «عنوان للعودة الى الدين والصلاة والدعاء، وكذلك مساعدة الفقير وإطعام المحتاج». لكن لبنان يشهد ظاهرة اجتماعية متنامية تتمثل في الإفطارات الغنية بأصناف الطعام الفاخرة التي يبرز فيها البذخ في الملبس والمأكل والزينة. وتحفل المجلات الفنية والاجتماعية بصفحات مصورة لإفطارات خصوصاً من تنظيم سيدات مجتمع.

ويقول الأستاذ والباحث في الاقتصاد الاجتماعي في جامعة القديس يوسف ميشال عبس «هناك مظاهر بذخ في رمضان بالتأكيد. البساطة لم تعد موجودة، والناس يميلون الى التكلف». ويرى أن ذلك يعبر عن طابع لبناني وليس رمضانيا بحتا، اذ إن اللبناني لديه ميل للبذخ في كل شيء».

ولا تقتصر «المنافسة» بين العائلات والشخصيات الميسورة على الدعوة الى الإفطارات، بل تتوسع لتشمل المكان ونوعية الأطباق المقدمة التي تبدأ بالتمر ولا تنتهي بالسوشي الياباني مثلا، بالإضافة الى نوعية المدعوين وعرض الملابس والمجوهرات.

ويقول الضابط المتقاعد خليل الرشيد (82 عاماً) «رمضان اصبح في جانب منه منبراً للتباهي بعدما كان رمزاً للبساطة».

وتراوح اسعار الإفطار للشخص الواحد في المطاعم بين 20 و60 دولاراً، وتصل في المطاعم الفاخرة الى 180 دولاراً، وتشمل في بعض الأماكن برنامجاً فنياً يتخلله غناء ورقص.

وتؤكد المسؤولة في قسم العلاقات العامة في فندق خمس نجوم في بيروت جوان خرما، أن الحجوزات في مطعم الفندق «تزداد يوماً بعد يوم، وفي نهاية الاسبوع تكون الطاولات محجوزة بالكامل»، وتشير الى «دعوات خاصة يتم بموجبها حجز المكان بكامله عند الافطار نزولا عند رغبة الزبون»، مضيفة ان دعوة مماثلة تكلف نحو 8000 دولار. الا انها اكدت ان الفندق يقدم عروضاً خاصة اذا كانت المناسبة انسانية، مثل اقامة حفل افطار لأيتام.

ويقبل اللبنانيون في شهر رمضان على شراء الهدايا. وتقول مسؤولة في محل فاخر لبيع الشوكولاتة في وسط بيروت إن سعر الهدية العادية يبدأ بـ40 دولاراً وقد يصل الى 3000 دولار أو اكثر، في حال اختار الزبون وضع الشوكولاتة في أوانٍ من الكريستال المستورد من إيطاليا مثلاً.

 

 

تويتر