معرضها في أبوظبي يستنطق الرمال بأحاسيس عربية

سانيتا «روح الصحـراء»

سانيتا ترفض اعتبارها مستشرقة بل عربية الروح والإحساس. تصوير: جوزيف كابيلان

بالرمال، اختارت الفنانة البوسنية سانيتا ليسيتسا أن تعبر عن رؤيتها لـ«روح الصحراء»، وجوهرها المتفرد، لتتحول الرمال بين يدي الفنانة إلى خامة فنية تستنطق من خلالها جماليات الصحراء ومكنوناتها بعفوية دون افتعال بعد أن اكتسبت لديها حساً مرهفاً نادراً ما يستشعره كثيرون.

سانيتا التي زارت العديد من دول العالم في إطار عملها إعلامية ثم دبلوماسية، استشعرت في الرمال العربية جمالاً كامناً عليها أن تظهره وتعكس ما يختزنه من بهاء وقدرة على التعبير، وبحس الفنانة استطاعت خلال الأعمال التي تضمنها معرضها الأول في الإمارات، الذي افتتحه الشيخ محمد بن نهيان آل نهيان، أول من أمس، في قصر الإمارات في بوظبي، أن تتلمس خصائص الرمال في المناطق والدول العربية، التي تختلف من مكان لآخر. موضحة «خلال تجوالي من مكان لآخر اكتشفت أن طبيعة الرمال تختلف كثيراً في كل حالة، سواء من حيث اللون أو الحجم أو الشكل، وأرى ان أفضل أنواع الرمال التي شاهدتها هي رمال شاطئ العريش في مصر، أما أسوأها فوجدته في منطقة صحراوية في ليبيا قريباً من الحدود مع مصر، وهو رمل خفيف الوزن وناعم إلى درجة كبيرة ما يجعله قريباً من التراب أكثر منه إلى الرمال، وبالتالي لا يصلح للرسم». مؤكدة أنها لم تستخدم في لوحاتها إلا رمالاً عربية أحضرتها من دول عدة، وتوضح «هذه المنطقة من العالم هي التي ملكت أفكاري ومشاعري منذ بدأت دراسة الأدب العربي، حتى أصبحت أشعر بالانتماء إليها والارتباط بها». مشددة على أنها ليست مستشرقة، بل عربية الروح والإحساس، تنتمي إلى الرمال وتبحث في روح الصحراء عن تاريخ وثقافة وديانة غيرت وجه العالم ومعالمه وحررت الإنسان، وقدمت للبشرية مثالاً في الإنسانية، وأعطت للروح طمأنينة وأماناً وحررتها من اغترابها.

حوار مع الرمال

http://media.emaratalyoum.com/inline-images/285619.jpg

قالت الفنانة البوسنية سانيتا ليسيتسا «بدأت علاقتي مع الرسم بالرمال خلال وجودي في مصر لدراسة اللغة العربية في جامعة الإسكندرية، عندما شاهدت الرمال على شاطئ الساحل الشمالي في مصر، وما تتميز به من صفاء ونعومة لم أشاهدها في أي مكان آخر من قبل، شعرت بأن هناك حواراً متبادلاً بيني وبين الرمل، وأنه يبوح لي بالكثير من الأسرار والموضوعات كأن هناك صداقة قديمة تربطنا معاً». وأضافت أن هذه العلاقة الغريبة التي نشأت بينها وبين الرمال دفعتها لأن تحمل معها عند عودتها إلى بلدها كميات من الرمال التي جمعتها من مناطق مختلفة من مصر، وهناك عكفت على تجسيد مشاهد وذكريات إقامتها في مصر في لوحات حل فيها الرمل محل الألوان وغيرها من الخامات المعتادة في عالم الفن التشكيلي. مستخدمة في ذلك تركيبة خاصة لتثبيت الرمال على اللوحة بعفوية ودون تكتل أو تشوه، كما يحدث في حالة استخدام المواد اللاصقة المعتادة. لافتة إلى استخدامها الألوان في بعض الأعمال إضافة إلى الرمال، خصوصاً اللونين الأبيض والأزرق في السماء، وأحياناً تتجه لاستخدام اللون الأحمر الذي تحبه.

بلدان ورمال

تنوعت الأعمال التي تضمنها المعرض بتنوع الرمال التي صنعت منها، فمن رمال الربع الخالي استلهمت الفنانة البوسنية لوحة «روح الصحراء» التي سعت فيها إلى التعبير عن مشاعرها ورؤيتها للجزيرة العربية، وكذلك الأمر في لوحة «اقرأ» التي تشير فيها إلى تنزل الوحي على النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، في حين استلهمت من اليمن أبنيتها التراثية والتاريخية التي تزخر بالتفاصيل والجماليات المتشحة بالغموض كما تراها الفنانة في لوحاتها التي جسدتها برمال من أرض اليمن السعيد. وكانت معاناة الشعب الفلسطيني حاضرة في أعمال سانيتا من خلال لوحة استخدمت فيها رمالاً من غزة وجنين، وتشكل فيها الرمال ما يشبه الدوامة في إشارة إلى الأوضاع السائدة هناك منذ سنوات، وتتوسطها قطعة صغيرة من الحجر التقطها من حطام أحد المنازل التي قامت الدبابات الإسرائيلية بهدمها أمام عينيها خلال زيارة قامت بها ضمن وفد إعلامي للمناطق المحتلة ،2003 وفي الجزء الأسفل من اللوحة ما يشبه أساساً للبناء الذي يستند إليه الحق الفلسطيني في الأرض.

نهضة أبوظبي

وكشفت الفنانة خلال المعرض عن ثلاث لوحات، إحداها للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والثانية لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، أما اللوحة الثالثة فكانت للفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. كما تضمن المعرض لوحة للشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي. واستأثرت أبوظبي والعين والمناطق المحيطة بها بما يقرب من 25 لوحة من لوحات المعرض؛ جسدت فيها الفنانة معالم نهضة أبوظبي الحديثة مثل برج بينونة ومبنى الاتصالات وكورنيش أبوظبي، وغيرها من المعالم. في حين حملت أبرز لوحات هذه المجموعة عنوان «الحلم»، وجسدت فيها المغفور له الشيخ زايد محتضناً خريطة الإمارات، وهي اللوحة التي تعتز بها كثيراً.

تويتر