«بوقتادة» و«العار» أثارا جدلاً وصل إلى وزارات الخارجية
مسلسلات رمضان.. استياء عربي متبادل
أثار عدد من الأعمال الدرامية المعروضة خلال شهر رمضان المبارك، عاصفة قوية من الاستياء العربي المتبادل، وتحولت المسلسلات التلفزيونية في موسمها الأبرز إلى مادة للاتهامات المتبادلة التي وصلت في بعض الأحيان الى الاحتجاجات الرسمية وطلب الاعتذار الرسمي، كما فعلت وزارة الخارجية المغربية بسبب مسلسل كرتوني تعرضه قناة «الراي الكويتية» بعنوان «بوقتادة وبونبيل» أساء، حسب الاحتجاج، لصورة النساء المغربيات، فيما اشتكى مقيمون سودانيون من الصورة السلبية لشخصية سودانية في المسلسل الإماراتي «عجيب غريب»، الذي لم يُرضِ أيضاً مصريين لأسباب متعلقة بمشاهد بعينها، ورأى سعوديون أن هناك تعمداً في تشويه الشخصية الخليجية في مسلسل «العار»، الذي لم يسلم أيضاً من هجوم مغربي بسبب دور فتاة الليل الذي أدته ملكة جمال المغرب العام الماضي، إيمان شاكر.
«فطير مشلتت»
وأظهر مسلسل «العار» الذي يستكمل أحداث فيلم مصري شهير حمل العنوان نفسه، وقام ببطولته حينها الثلاثي نور الشريف ويحيى الفخراني وحسين فهمي، شخصية خليجية على مدار حلقات عدة في ملهى ليلي تسعى إلى إقامة علاقات مشبوهة مع فتيات الليل عبر إغوائهن بإغداق الأموال، فيما ظهرت الشخصية الخليجية بشكل سلبي وكاريكاتوري أيضاً في مسلسل «زهرة وأزواجها الخمسة» في دور عجوز خليجي يسعى إلى الزواج العرفي من فتاة جميلة في أحد أحياء القاهرة الشعبية، لدرجة أن بطلة العمل الفنانة غادة عبدالرازق فزعت لرؤية العريس مشبّهةً إياه بـ«العفريت».
مسلسل «عجيب غريب» الذي يُعرض على قناة «دبي الفضائية» لم يسلم أيضاً من اتهامات من الشاكلة نفسها رغم محتواه الكوميدي الطريف، حيث عبر سودانيون عن استيائهم من مشاهد متكررة تظهر فيها الشخصية السودانية الوحيدة في المسلسل متهمة بأنها مبعث رائحة كريهة، أما المصريون الذين يشارك عدد من فنانيهم في المسلسل، أبرزهم الكوميديان عائشة الكيلاني ونصر حماد، فلم يكن استياؤهم كما كان متوقعاً من دور الزوجة المصرية مبعث أفكار الدجل والشعوذة في العقار الذي يقوم زوجها بحراسته، بل من الإصرار على إيصال رسالة عدم صحية واحد من أهم الأطعمة الريفية المرتبطة بالفلاح المصري وهو «الفطير المشلتت»، حيث تظهر حلقتان تعرّض أبطال المسلسل لحالات تسمم غذائي إثر تناولهم له.
وعلى الرغم من عدم جوهرية «الاستياء» المصري مقارنة بالمشاهد الأخرى، إلا أن المصريين يعضدون وجهة نظرهم بمشهد في مسلسل إماراتي آخر هو «زمن طناف» تظهر فيه فكرة إصابة أبطال العمل بتسمم غذائي أيضاً بسبب تناولهم طعاماً مصرياً، لكن الطعام المقصود هذه المرة هو «الحمام المحشي» الذي كاد أن يسبب عبر المحتوى الدرامي الكوميدي أزمة كبرى بين الفنان ناجي خميس الذي يجسد في المسلسل زوج السيدة المصرية، وابن أخيه الفنان مروان عبدالله بسبب الآلام المعوية المبرحة التي عانتها زوجته اللبنانية بعد تناولها الحمام المصري.
استياء إماراتي
الإماراتيون بدورهم عبروا عن استيائهم من إحدى حلقات برنامج الكاميرا الخفية «صادوه» الذي يبث جزؤه السابع يومياً حالياً على شاشة قناة «سكوب» الكويتية بسبب لجوء بطليه إلى الإيهام بأنهما إماراتيان لجآ إلى الاستيلاء على غرفة نزيل مصري في الفندق، واقعين في فخ سخافات سلوكية، لاسيما أن أحد الممثلين كان يجسد دور امرأة تلاطف زوجها على مرأى من ضحية الكاميرا الخفية، وهو الاستياء الذي طال الشارع الإماراتي بقدر ما طال الوسط الفني والإعلامي أيضاً.
وأبدى الفنان محسن صالح الذي يظهر يومياً في برنامج الكاميرا الخفية الإماراتي «خذ بالك» على شاشة «سما دبي»، ويخرجه عبدالله الجنيبي استغرابه من حالة الانفلات القيمي في بعض الأعمال التي تصل إلى حد السخرية من الآخرين، سواء في ما يتعلق بأعمال درامية أو برامج كاميرا خفية، مضيفاً «تقبلت بهدوء إلغاء حلقة كاملة قمت بتصويرها متقمصاً شخصية بواب سوداني حاول منع الفنانة أريام من دخول مبنى معين بحجة عدم وجود بطاقة إثبات هوية معها»، مضيفاً «حتى عندما قدمت الشخصية السودانية على مدار ثلاث سنوات في برنامج الكاميرا الخفية «حقك علينا» لم يخرج أي مشهد عن حدود اللياقة، ولم تفسد ضحكاتنا للود قضية».
واستبعد صالح أن يكون المشهد الإشكالي في «صادوه» القصد منه إثارة ردود أفعال وجدل إعلامي لتحقيق مكاسب دعائية للبرنامج.
مضيفاً «أتوقع أن غياب المهنية، والجهل بتقنيات الكاميرا الخفية وتقاليدها الفنية، هو ما تسبب للبرنامج وللقناة في هذا المأزق».
تجاوزات رقابية
شكك الإعلامي الإماراتي راشد الخرجي، الذي يمتلك خبرة واسعة في الرقابة على المصنفات الفنية من خلال عمله في قسم الرقابة بمؤسسة دبي للإعلام، في نزاهة الرقيب العربي في كثير من القرارات الرقابية، مضيفاً «هناك أعمال لا يختلف عليها في أنها مسيئة ومثيرة لحساسيات بغيضة أصبحت دائمة المرور على هذا الرقيب الذي تحكمه أحياناً اعتبارات مصالح أو زمالة مع جهات إنتاجية بعينها، أكثر من المعايير الفنية لإجازته للأعمال والبرامج المختلفة». ورغم تأكيده على أن الكثير من اقسام الرقابة في المؤسسات العربية العريقة تزخر بخبرات في هذا المجال، إلا أنه لفت إلى غياب وظيفة مهمة بعيدة عن التوصية بتمرير منتَج فني ما، وهي أن «العمل الرقابي في جوهره توجيهي، من خلال ابداء آراء فنية تسمح للعمل بأن يرى النور على نحو لا يخرج بالمسلسل أو البرنامج عن اطاره الصحي والإيجابي».
راشد الخرجي. من المصدر |
حرب إلكترونية
الانفعال بسبب أعمال يصفها البعض بـ«اللا مسؤولة» جعل الفنان الإماراتي بلال عبدالله يقوم بمحو رقم زميلته الفنانة هيا الشعيبي من هاتفه النقال، حسب تصريحه لـ«الإمارات اليوم»، بسبب الدور الرئيس الذي لعبه شقيقها ثامر الشعيبي في حلقة «صادوه» الذي يشارك في تقديمه أيضاً وليد الضاعن.
رغم ذلك فإن المواقف الانفعالية التي جاءت بمثابة تنفيس جماهيري وفني عن مشاهد اعتبروها مسيئة، كان عملياً بشكل أكبر في ما يتعلق بلجوء هاكر مغربي للسيطرة على موقع وزارة الإعلام المصرية على الإنترنت، ما جعل رئيس الإذاعة والتلفزيون المصري أسامة الشيخ يقدم بياناً اعتذارياً، فضلاً عن اختراق موقع الديوان الأميري الكويتي بعد اتهامات مشابهة بالإساءة للمرأة المغربية عن طريق تصويرها كمشعوذة في المسلسل الكرتوني الكويتي «يوميات بوقتادة وبونبيل» الذي وجهت بسببه الخارجية الكويتية رسالة اعتذار، وكاد يطيح بوزير الإعلام الكويتي.
الفنان المصري مصطفى شعبان أكد لـ«الإمارات اليوم» أن اسرة «العار» سعت بشكل أساسي الى مهمة فنية على مستوى عالٍ من المراهنة والمخاطرة، وهو تقديم عمل درامي لا يسيء فنياً للقصة الأصلية التي شكل العمل امتداداً لها، وكان هذا هو شغل الجميع الشاغل من خلال تركيز الجميع على مهامه التمثيلية أو الفنية، مؤكداً أن «المشهد الدرامي بشكل عام لا يجوز تأويله أو اقتطاعه خارج سياقه الفني لتبنى على أساسه افتراضات سيئة النية»، رافضاً فكرة أن يسيء العمل الفني بشكل عام وليس «العار» فقط «إلى أشخاص حقيقيين أو اعتباريين خارج السياق الدرامي».
«شعبية الكرتون»
ورغم الاتهامات الكثيرة التي تعرض لها المسلسل الكرتوني «شعبية الكرتون» الذي أبدع فكرته رسام الكاريكاتير حيدر محمد على مدار سنوات، لاسيما أن «الشعبية» تستلهم من دبي شخصية التعدد الثقافي وتنوع الجنسيات، إلا أن حيدر من خلال نضوجه الفني في موسمه الخامس استطاع هذا العام القفز بخبرة فنية عالية عن الانجرار لمزالق الاحتجاجات، ليدير شعبيته للمرة الاولى تقريباً بعيداً عن شكاوى أو استياءات، حسب تصريح حيدر، رغم أن تلك التحفظات كانت قد بلغت منذ اعوام عدة مع الجالية والقنصلية السودانيتين حداً دفعه إلى الاستعانة بشخصية سودانية حقيقية لأداء صوت الشخصية الكرتونية، قبل أن تلاقي تلك الشخصية أيضاً اعتراضات طالبت بالرجوع الى صوت الفنان الإماراتي الذي كان يؤدي بالأساس هذا الدور باقتدار يُحسد عليه.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news