محمد دحام: كثيرون استسهلوا لعب دور المخرج. أرشيفية

محمد دحام: فوضى الإخــــــــــراج أعادتنا إلى الوراء

طالب المخرج الكويتي محمد دحام الشمري بإنشاء نقابة للفنانين في منطقة الخليج، تعمل على التصدي لمن سماهم «الدخلاء على مهنة الإخراج»، الذين تزايد عددهم في الفترة الأخيرة، نتيجة استسهال عمل ودور المخرج، ما أدى إلى تراجع مستوى الإخراج. وقال الشمري «بصراحة أصبحت أضحك على بعض الأسماء التي بات أصحابها يطلقون على أنفسهم لقب مخرج، بعد ان كان سكرتيراً أو كومبارس، وهو في الواقع لا يحمل حتى شهادة الثانوية العامة، ولا يتسم بأي قدر من الثقافة»، مشددا على أهمية «وضع حد لهذا الأمر بإيجاد نقابة للفنانين تراقب هذه الأمور، وتعطي لقب مخرج لمن يستحق، فالأمر ليس فقط أن أقف خلف الكاميرا لالتقاط «لونغ شوت»، كما يعتقد البعض، بل هو أعمق من هذا بكثير، فنحن أصبحنا في عام ،2010 لكننا نعود إلى الخلف ولا نتقدم للأمام، ما جعل الجميع يتفوقون علينا».

وانتقد الشمري الذي يقدم هذا العام للمشاهدين مسلسل «ساهر الليل»، الذي يعرض على قناة أبوظبي الإمارات، ومسلسلا آخر بعنوان «أنين»؛ مستوى النصوص الدرامية في الفترة الاخيرة، والتي وصفها «بالتجارية»، مضيفا أن المنتج أو المخرج أصبح يطلب نصاً به على سبيل المثال ثلاثة نجوم وأربع فتيات وشابان وهكذا، ثم يبدأ بالبحث عن هؤلاء، و«هذا ما دفعني في السنوات القليلة الماضية إلى الابتعاد عن النصوص الجاهزة إلاّ ما ندر منها، والاتجاه (لتفصيل) النص حسب أفكاري، كي أتوصل في النهاية إلى نص متكامل، أشعر به وأتفاعل معه، كما أنني أقوم ببناء شخصيات أبطال أعمالي وفقا لرؤيتي الخاصة».

«ساهر الليل»

وشدد المخرج الكويتي على أن مسلسل «ساهر الليل»، بعيد كلياً عما قدمه سابقاً من أعمال درامية، خصوصا مسلسل «الهدامة»، على الرغم من أن كلا العملين يدور في فترات زمنية سابقة؛ فـ«الهدامة» كان يتناول حقبة زمنية تبدأ من الأربعينات، وتتدرج حتى تصل في آخرة حلقات المسلسل إلى بداية السبعينات دون التعمق في أي تفاصيل إطلاقاً. أما «ساهر الليل»، فيسلط الضوء على فترة السبعينات، وهي فترة الانفتاح الحضاري والثقافي والاجتماعي، حيث كانت الفتاة ترتدي «الميني جوب»، من دون أن يحاسبها أحد أو ينظر إليها بنظرة غير نظيفة، والسبب أن الوضع النفسي في المجتمع كان نظيفاً، هذا هو الزمن الذي نتكلم عنه. موضحا: «ساهر الليل هو مسلسل رومانسي اجتماعي، يتناول فترة السبعينات، ويحكي قصة ثلاث عائلات كويتية كانت تعيش في ذلك الزمن بكل ما يمر به من أحداث، من خلال قصة حب بين شاب من إحدى تلك العائلات وفتاة من عائلة أخرى، وهي قصة من الممكن ان تقع في أي زمان أو مكان، وليست حصراً على فترة السبعينات، لكن اختيارنا هذه الحقبة جاء من منطلق تذكير الناس بالحياة في ذاك الوقت، والحب النقي الذي نفتقده في أيامنا هذه، وكذلك لنعيد تسليط الضوء على بساطة الأشياء وتعامل الناس مع بعضهم بعضا، وهناك سبب وجيه أيضاً هو ان تلك الحقبة تعتبر فترة الانفتاح في الكويت، من حيث بدء التعلم وتحرر المرأة وقيادتها السيارة.

مواهب واعدة

وعن تعاونـــه مع الكاتب فهد العليوة في «ساهر الليل»، الذي يمثل العمل الاول للكاتب؛ قال الشمري «ليس لدي أدنى مشكلة في التعاون مع كتّاب جدد في الدراما التلفزيونيـــة، وعلى سبيل المثال سبق لي أن تعاونت مع الكاتب الكبير هيثم بودي في مسلسل (الهدامة)، الذي يعتبر أولى كتابـــاته التلفزيونية بشكل كامل، وكذلك تعاونت مع عبدالعزيز الحشاش في مسلسل (عيون الحــب)، الذي كان باكورة كتاباته الدرامية، وكلا العملين حقق نجاحاً كبيراً بشهادة الجميع».

 

تكلفة إنتاجية

واعتــــبر الشمري أن التكلفة المادية المرتفعة التي تتسم بها أعماله نتيجة طبيعية لحرصـــه على التميز في ما يقدمه من أعمال. وأضاف «لا أنكر أن التكلفة الانتاجيــة للأعمال التي أقدمها باهظة، وكل المنتجين الذين تعامـــلت معهم قبل أن أتجه للانتاج يعرفون ذلك، وهو ما يرجع إلى اهتمامي الكبير بأدق التفاصيـــل التي قد يتغاضى عنها الكثيرون ولا يعيرونها اهتماما». مشيرا أن «من يبحث عن التميز عليه ان يضحي بالمادة، كي يثبت نفسه».

وأضاف «على سبيل المثال؛ في مسلسل (ساهر الليل) قمت ببناء البيوت الثلاثة التي تعيش بها العائلات الثلاث التي تدور من خلالها أحداث العمل، لتكون مناسبة للحقبة الزمنية التي تدور بها الأحداث، وهذا في حد ذاته شكل تكلفة عالية، لكنني لم أتردد في القيام به مادام يخدم العمل، من جانب آخر جزء غير قليل من تكلفة أعمالي تذهب لإثراء عناصر العمل المختلفة، حيث أستخدم في التصوير كاميرات (HD)، والإضاءات كلها سينمائية وكذلك المعدات والمؤثرات الصوتية، بالاضافة إلى حرصي على اختيار فريق عمل دارس فنون السينما».

مشيرا إلى أنه يعد من اكثر المخرجين تنقلا بين المؤلفين، بحثا عن الجديد «فأنا دائماً مع التجديد والتنويع، وكل إنسان لابد أن تكون له خطوة أولى ليمضي في مسيرته، وهذا ما حدث معي شخصياً، عندما أخرجت أول عمل تلفزيوني، وانطلقت من بعده وحققت ما حققته من إنجاز، لذلك لابد لنا أن نساعد من يستحق المساعدة، ونضعهم في المسار الصحيح، كي نبني جيلاً يستحق أن يكون بين النجوم».

وأضاف: «أجد أن فهد العليوة كاتب متميز ومثقف وواع، ولمست ذلك من خلال حواراتي وتعاملي معه، حيث لفت نظري الكم الكبير من الثقافة الذي يملكه حول حقبة السبعينات، إذ قام بقراءة كتب متعددة حولها قبل كتابة العمل، إلى جانب إجراء مقابلات مع أناس عاشوا في ذاك الزمن، لكنه لم يحصل على فرصته في إبراز ما كتب من أعمال».

الأكثر مشاركة