«الفيلسوف».. التجربة الإخراجية الأولى لعبدالله الكعبي. من المصدر

«الفيلسوف».. مخرج إماراتي وبطل فرنسـي

قال الفنان الفرنسي العالمي جان رينوه، المشارك في بطولة الفيلم الإماراتي «الفيلسوف» لمخرجه عبدالله الكعبي، إن «دبي مدينة مثالية لصناعة أفلام عالمية»، موضحاً بذلك إقامته المستمرة بين باريس ودبي التي أسس فيها شركة إنتاج في مدينة دبي للاستوديوهات، فيما نفى وصفه بالمغامر جراء مشاركته في فيلم روائي قصير مدته 16 دقيقة من إخراج شاب إماراتي يمارس العمل الإخراجي للمرة الأولى، مضيفاً «هي جرأة وليست مغامرة، لكن من يلمس الموهبة الإخراجية للكعبي الذي استكمل رسالة الماجستير في باريس، فسيدرك أن مشاركتي في (الفيلسوف) قد تشكل في حقيقتها إضافة ثمينة لي، وليس فقط للكعبي».

شراكة مثمرة

أضاف رينوه لـ«الإمارات اليوم»، إن الفيلم يتطرق إلى «تجربة إنسانية بالغة التعقيد، حول رجل قرر التخلي عن كل ما يملكه ليحقق قناعاته الخاصة، قبل أن يكتشف أن التخلي عن الحياة المادية ليس دائماً خياراً سهلاً من خلال قصة قصيرة للكاتب الأميركي تشارلي فيش»، لافتاً إلى أنه وضع كامل خبرته السينمائية في تصرف المخرج الشاب الذي استثمرها على نحو شديد الإيجابية، مضيفاً «هذه التجربة الرائعة قادتنا إلى تجربة روائية أخرى سيُكشف عنها قريباً، على نحو يجعل من شراكتي مع الكعبي شراكة ثنائية مثمرة»، متوقعاً أن يكون الكعبي الأهم بين مخرجي جيله في الإمارات والخليج خلال المرحلة المقبلة.

وتوقع رينوه أن تصبح دبي موقعاً مهماً لصناعة الأفلام «ليس تلك التي تأتي فقط بغرض استثمار تسهيلات التصوير في الإمارة، فضلاً عن غناها بالمواقع المغرية للتصوير، بل أيضاً من خلال صناعة محلية وعربية مقدرة، في حال استمرار الدعم الذي تحصل عليه التجارب الحالية وتناميها».

وأضاف الممثل الفرنسي على هامش المؤتمر الصحافي الذي جمعه بالكعبي في مدينة دبي للإعلام، أمس، للكشف عن مشاركة «الفيلسوف» في مسابقة المهر الإماراتي بمهرجان دبي السينمائي، «الفن السابع لغة عالمية، وعبره نستطيع أن نُقيم جسور تواصل حقيقية بيننا، ونحن في فرنسا عموماً مهتمون بأن يكون هذا الفن لغة تواصل بيننا وبين أصدقائنا الإماراتيين».

دعم

كُلفة الفيلم مليون درهم

 80 شخصاً بين ممثلين وفنيين شاركوا في فيلم «الفيلسوف»، الذي تم تصويره في باريس خلال وقت سابق من العام الجاري، وبكلفة إجمالية بلغت نحو مليون درهم. ويشارك في الفيلم الأول للكعبي نخبة من السينمائيين الفرنسيين بمن فيهم المنتج سيريل ديلاي، الذي سبق وعمل مع نخبة من كبار المخرجين مثل لوك بيسون ورومان بولانسكي، والمنتج المنفذ برنار غرينيه، الذي أنتج أفلام «داني ذا دوج»، و«العنصر الخامس»، و«تاكسي»، وكاتب السيناريو سيلفيت بودرو الذي بلغ الـ81 من عمره، وحظي بمسيرة مهنية تمتد إلى ستة عقود، عمل خلالها مع ألفريد هيتشكوك.

 

تساءل المخرج الإماراتي عبدالله الكعبي عن فرص دعم «الفيلسوف» محلياً، بعد أن غطى الدعم الفرنسي ميزانيته بالكامل البالغة نحو مليون درهم (200 ألف يورو)، مشيراً إلى أنه انسحب من حياته العملية كمقدم برامج في قناتي «دبي» و«سما دبي» الفضائيتين، من أجل إتمام دراسة الماجستير في الإخراج بباريس، دون أن يتوقع أن تكون ثمرة هذا السعي لتجويد أدواته الإخراجية إخراج فيلم يشارك فيه الممثل المرموق جان رينوه.

ووجه المخرج الكعبي نداء لداعمي الفنون عموماً وصناعة الفن السابع خصوصاً، من هيئات ومؤسسات وأفراد بدعم فيلمه الأول في ما يتعلق بتوفير الرعاية لطاقمه أثناء وجودهم للترويج له في دبي خلال المرحلة المقبلة، متسائلاً عن حقيقة شعارات تؤكد وجود دعم محلي للسينما الإماراتية محلياً، بعد أن تمكن من الحصول على تمويل فرنسي لفيلمه الأول.

وأضاف الكعبي «ربما تكون هي المرة الأولى التي يتم فيها تبني مشروع إماراتي في هذا المجال برأٍسمال أجنبي، وليس بمجرد المشاركة الشرفية أو الاستشارة، لكن لسوء الحظ، فإننا برغم مخاطبتنا لأكثر من خمس مؤسسات إماراتية كبرى في هذا المجال، لم نحصل على وعود بالدعم».

ورفض الكعبي علامات الاستفهام التي رددها بعضهم، والمتعلقة بالتنسيق بين المخرج الشاب وجهات إنتاجية مرموقة في فرنسا، فضلاً عن مشاركة الفنان العالمي رينوه، مضيفاً «فرنسا بطبعها تهتم بوجود وشائج ثقافية وفنية مهمة مع كثير من الدول، ولعل الجميع يذكر تمويلها الفيلم اللبناني (كراميل) لنادين لبكي».

وأضاف الكعبي «برغم ذلك، فإنه مما لا شك فيه، أن مهرجان دبي السينمائي الدولي هو الذي يقف وراء ظهور هذا الفيلم؛ حيث أتاح المهرجان الفرصة للعديد من المواطنين الموهوبين لدخول مجال صناعة السينما العالمية، وجعلنا نثق بأنفسنا كسينمائيين، وبدولتنا كموطن لصناعة سينمائية قادرة على الازدهار». وأضاف الكعبي أنه بذل وفريقه ما بوسعهم ليتزامن إطلاق الفيلم القصير مع مهرجان دبي السينمائي الدولي.

المحظوظ

صف المخرج الإماراتي الشاب نفسه بـ«المحظوظ»، بفضل اختيار سيريل ديلاي له وقناعة الممثل الفرنسي جان رينوه بموهبته الإخراجية، مضيفاً «تركت العمل التلفزيوني مشدوداً بفنيات الإخراج، وعندما اخترت باريس لاستكمال دراستي هناك، لم أكن أعلم بأنني سأكون على موعد مع تاريخ جديد للسينما الإماراتية، ممثلاً بكل هذا الاحتفاء الفرنسي بدعم أحد أبنائها».

وأضاف الكعبي «المصادفات القدرية كانت حاضرة أيضاً عندما علمت بأن جان رينوه يمتلك شركة إنتاج في مدينة دبي للاستوديوهات، ومهموم في ذات الوقت باستيلاد صناعة أفلام إماراتية، بعيداً عن استسهال تنفيذ أعمال عالمية فقط في دبي». من جانبه أشار المدير الفني لمهرجان دبي السينمائي الدولي مسعود أمرالله آل علي إلى «تنامي حجم الإقبال على هذه الفئة لدورة العام الجاري، والتي سيتم كشف النقاب فيها عن كامل الأعمال المشاركة فيها خلال الأسابيع القليلة المقبلة». وقال آل علي «نحن سعداء جداً لرؤية المزيد من الأسماء الإماراتية التي تبذل ما بوسعها لتطوير أنفسها وشق طريقها نحو صناعة السينما العالمية»، وأضاف «لطالما دعم المهرجان الفيلم الإماراتي في جميع مراحل نموه، ابتداءً من تطوير المواهب وصولاً إلى ترويج وتمويل وعرض الأفلام على المستوى العالمي انطلاقاً من وطنها الأم». وأضاف «نحن على ثقة تامة بأن عبدالله الكعبي يمثل موهبة صاعدة، ونعتقد أن تجربته الأولى في صناعة الأفلام ستكون مصدر إلهام وتشجيع كبيرين لغيره من المواهب المحلية».

«المهر الإماراتي»

في السياق ذاته، قالت المديرة التنفيذية لمهرجان دبي السينمائي الدولي، شيفاني بانديا، إن المهرجان الذي ضم في دورته الافتتاحية عام 2004 فعالية إماراتية خاصة تم خلالها عرض أربعة أفلام قصيرة لمخرجين إماراتيين، «تصاعدت وتيرة دعمه المواهب الوطنية عاماً بعد آخر، مع تنامي قاعدة المواهب السينمائية في الإمارات، ونحن فخورون بأننا لعبنا ولو بدور صغير في نجاح مواهبنا المحلية على المستوى العالمي، وسنواصل توسيع حجم مشاركة صانعي الأفلام الإماراتيين في مهرجان دبي السينمائي الدولي».

وجاءت جوائز مسابقة «المهر الإماراتي»، التي تم إطلاقها في وقت سابق من هذا العام، لتعكس مسيرة سبع سنوات من التزام المهرجان المتنامي بتشجيع المواهب الوطنية، وستنضم إلى قائمة مسابقات المهرجان التي تشتمل على مسابقتي «المهر العربي» و«المهر الآسيوي الإفريقي»، حيث ستشهد تكريم الأعمال المشاركة ضمن فئات الأفلام الطويلة والوثائقية والقصيرة.

ومن المتوقع أن يشهد المهرجان في دورته السابعة التي ستقام بين 12 و19 ديسمبر المقبل، بالإضافة إلى عرض الفيلم «الفيلسوف»، العديد من الأفلام الإماراتية التي سيكشف عنها النقاب تباعاً قبيل انطلاقة المهرجان.

الأكثر مشاركة