احتكار رياضي
من جديد تعاود قضية احتكار بث المباريات الرياضية لتفرض نفسها على الساحة، مع اقتراب انطلاق مباريات كأس الخليج، لتطرح كثيراً من الآراء ووجهات النظر، لكن هذه الآراء في النهاية تظل عاجزة عن إيجاد حل للحيرة التي يقع فيها كثير من المشاهدين من محبي الرياضة قبل انطلاق أي بطولة رياضية كبرى، سواء عربية أو إقليمية أو عالمية. ويظل الجمهور في انتظار أن يعرف كيف وأين يمكنه متابعة البطولة، وغير ذلك من التساؤلات التي غالباً ما تنتهي بإضافة أعباء مادية مرتفعة عليه، لأنه سيجد نفسه مضطراً للاشتراك في القناة «المشفرة» محتكرة حقوق بث البطولة. وقد يلجأ البعض الى متابعة أحداث البطولات في المقاهي، لتتحول الأحداث الرياضية عامة، ومباريات كرة القدم بشكل خاص، من وسيلة لإمتاع المشاهد والترفيه عنه، ونشر الثقافة الرياضية بين الأجيال الجديدة، إلى سلعة لا يمكن ان يحصل عليها إلا من يملك المال الكافي لإرضاء طلبات المحتكرين.
وأصبح التنافس بين القنوات الفضائية من اجل احتكار البطولات الرياضية من الحدة والشراسة، للدرجة التي بات الجمهور فيها، وهو الذي يجب ان يكون هدفاً لأي قناة أو وسيلة إعلامية، الضحية الأولى والأخيرة في هذه القضية الشائكة.
كما أصبحت حسابات المكسب والخسارة والتنافس، على ما يبدو، أهم من الرياضة نفسها، بحيث يصل التنافس على حقوق البث إلى منع إقامة المباريات، وهو أمر يصعب تقبله بسهولة، ومنطق مقلوب يحتاج إلى مراجعة، خصوصاً عندما يحدث بين الأشقاء، كما حدث في المباراة التي كان من المقرر ان تجمع المنتخب الإماراتي بشقيقه السعودي في دبي 18 نوفمبر الجاري ضمن استعدادات المنتخبين لنهائيات «خليجي 20»، المقررة في اليمن اعتبارا من 22 نوفمبر الجاري. لكن تم إلغاء المباراة بعد سيل من المداولات والمكاتبات والحلول الوسط، التي فشلت جميعاً في تحقيق الاتفاق بين الطرفين بشأن حقوق النقل والإعلانات الخاصة باللقاء.
وتملك «الجزيرة الرياضية» حقوق بث أهم البطولات في كرة القدم، وعززت رصيدها من الاحتكار بعدما اشترت شبكة «إيه آر تي»، في المقابل تمتلك شبكة «أبوظبي الرياضية» حقوق تغطية اللقاء وحقوقه الإعلانية سواء في الملعب أو على الفضائيات، وهو ما رفضه الاتحاد السعودي وأدى في النهاية إلى إلغاء اللقاء.
وكان التنافس الحاد أيضاً على احتكار حقوق بث مباريات «كأس الخليج 2010»، الذي انحصر بين قناتي «الجزيرة الرياضية» وقناة «أبوظبي الرياضية»، سبباً في ان تصبح هذه البطولة هي الأعلى ثمنا بين البطولات الرياضية على الإطلاق. ودفعت قناة «ابوظبي الرياضية»، حسب تصريحات نسبت الى رئيس الاتحاد اليمني الشيخ أحمد العيسي لنيل الحقوق الحصرية لنقل منافسات البطولة 30 مليون دولار، بالإضافة إلى خمسة ملايين دولار لدعم تحضيرات المنتخب اليمني المضيف. بينما أشارت توقعات إلى ان تصل أرباح اليمن والشركة الإعلامية إلى نحو 200 مليون دولار.
من جهة أخرى، كشف مدير قناة «الدوري والكأس» القطرية، عيسى الهتمي، عن وجه آخر من وجوه الاحتكار ومشكلاته بإعلانه انسحاب قناته من شراء حقوق «خليجي 20» بسبب طلب قناة أبوظبي خمسة ملايين دولار مقابل بيع حقوق 14 مباراة، وهو «مبلغ ضخم»، حسب وصفه.
من جانبه، نفى مدير قناة أبوظبي الرياضية، محمد نجيب أن تكون قناته رفعت سعر بيع الحقوق من أجل «تعجيز» القنوات القطرية، مثل قناة «الدوري والكأس» و«الجزيرة» عن شراء الحقوق. وقال «لا نضع هذا الأمر في حسباننا إطلاقاً، ولم يترك شيئاً في نفوسنا. والدليل على ذلك أن قناة (الجزيرة الرياضية) هي أول قناة تمت مخاطبتها»، مؤكداً «نحن فتحنا المجال أمام جميع القنوات الخليجية لنقل منافسات الدورة، ونسعى إلى العمل باحترافية تامة بعيداً عن أي صدامات مع القنوات الزميلة الأخرى».
واعترف نجيب أن «دورة الخليج لا تستحق المبالغ الطائلة التي ترصد لشراء حقوق بثها التلفزيوني»، مشيراً إلى أن التنافس الشديد بين القنوات الخليجية في شراء الحقوق هو الذي رفع من قيمة شراء الحقوق من أجل الفوز بهذه البطولة التي تحظى بشعبية كبيرة في المنطقة، موضحاً أن الدورة كانت متاحة للجميع بشكل مجاني، وبالتالي يجب ألا تبالغ الدول في بيع الحقوق بمبالغ باهظة الثمن.
وكانت دراسة قدمتها شركة «فاليو بارتنرز»، في وقت سابق عن حقوق البث في المنطقة العربية وتحديداً في منطقة الخليج، كشفت أن «مؤسسة أبوظبي للإعلام» دفعت 320 مليون دولار لنقل الدوري الإنجليزي الممتاز لثلاثة مواسم، بعدما كانت البطولة تبثها قنوات «شوتايم»، مقابل 120 مليون دولار طوال ثلاثة مواسم. أما قناة «الجزيرة الرياضية»، فقد أصبحت تمتلك حقوق بث أهم وأكبر البطولات العالمية لكرة القدم، على رأسها «كأس العالم 2010»، و«كأس إفريقيا للأمم»، و«بطولة كأس الاتحاد الأوروبي»، وذلك بعد أن استحوذت على القنوات الست الرياضية التي كانت تملكها مجموعة «إيه آر تي». وذكرت الدراسة أن «الجزيرة الرياضية» دفعت 180 مليون دولار مقابل الحصول على حقوق بث دوري أبطال أوروبا، لافتة إلى أن عدد القنوات التلفزيونية في المنطقة العربية زاد بنسبة 35٪ من سنة 2004 إلى ،2009 ليصل عددها الى 450 قناة. ومنذ عام 2005 ارتفع عدد القنوات الرياضية من ثماني قنوات إلى 22 قناة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news