«العاشقين» تصدح على بُعد جدار من القدس
اقترب حلم فرقة العاشقين بالغناء في القدس من أن يتحقق، وغنت مساء أول من أمس على بعد مئات الأمتار منها على مدرج جامعة القدس، التي يفصلها عن المدينة المقدسة جدار أسمنتي يرتفع عدة امتار، بحضور ما يقارب من 3000 متفرج.
وقال أحد مؤسسي الفرقة في عام 1977 وعازف المجوز (المزمار) خالد الهباش، بعد الحفل «في كل جولاتنا نعمل حفلنا، ونقول يارب الحفل المقبل يكون في القدس، والحمدلله الحفل هذا بالنسبة لنا في القدس، واعتبرنا هذه الانطلاقة الثانية للفرقة».
واضاف «وجودي بجانب القدس مؤلم اكثر، تغني امام القدس وعلى ارض القدس وفرحتي زادت اليوم، لأن احد الشباب احضر لي كيس تراب من القدس».
ووصف الهباش الحفل الذي اختتمت به الفرقة، التي كانت بدايتها في سورية، عروضها في مدن الضفة الغربية التي بدأتها في رام الله بالمشاركة في احياء الذكرى السادسة لرحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات «من الصعب ان تغني على بعد امتار من القدس ولا تستطيع ان تدخل اليها».
وعملت الرئاسة الفلسطينية على تنسيق دخول الفرقة الى الأراضي الفلسطينية ورتبت لها جولة في مدن رام الله ونابلس وبيت لحم والخليل واريحا والقدس، وقررت الفرقة ان يكون ريع حفلاتها دعماً لصندوق الرئيس محمود عباس لدعم الطلبة الفلسطينيين في لبنان، الذي تأسس قبل اشهر عدة لدفع مصروفات تعليم طلبة المخيمات الفلسطينية في لبنان.
ويرى الهباش أن نجاح الفرقة في احياء حفلات في المدن الفلسطينية حلم تحقق وقال «بعد مرور 33 سنة وجدنا انفسنا نحقق حلمنا الذي طالما راودنا ان نغني على تراب الوطن»، واضاف «سيكون ريع هذه الحفلات لمساعدة الطلبة الفلسطينيين في لبنان، ونحن على استعداد ان نخصص ريع حفلات اخرى من اجل ذلك». وتفاعل الجمهور الفلسطيني من مختلف الأعمار مع اغاني الفرقة التي طالما رددها في المناسبات الوطنية المتعددة ومنها «من سجن عكا وطلعت جنازة» و«اشهد علينا يا عالم وعلى بيروت وعالحرب الشعبية»، وغيرهما من الأغاني التي عرفت بها فرقة العاشقين التي بدأت مشوارها تحت «مجموعة اغاني العاشقين» قبل ان يصبح اسمها فرقة «العاشقين» وتضم بين صفوفها فنانين من جنسيات عربية مختلفة.
وبدا الهباش فخوراً بنجاح الفرقة واستمرارها كل هذه السنوات، وقال «أنا أقول دائماً إننا نحن الفرقة والجمهور هو (العاشقون)، الجميل انك تنظر إلى الأطفال يغنون اغاني العاشقين، وفي جيل كامل لم يكن حاضراً من بدايات (العاشقين)، لكنه حافظ كل اغانيها».
واضاف «هناك سبب مهم لوجود هذا الجمهور واستمرارية فرقة العاشقين نفسها في اذهان الناس وذاكراتهم، والسبب الأهم ان اغاني العاشقين لم تأخذ اغاني مرحلة، ولكنها وثّقت التاريخ، وهذا سبب استمراريتها»، وأوضح الهباش ان الفرقة تغادر الأراضي الفلسطينية على امل العودة في شهر مارس المقبل للمشاركة في احياء يوم الأرض، وقال ستبدأ الفرقة جولة في عدد من الدول العربية والأجنبية منها الكويت وجنوب إفريقيا في الأيام المقبلة.
وتستعد فرقة العاشقين الى اضافة مجموعة جديدة من الأغاني تتناسب والتطورات التي شهدتها القضية الفلسطينية.
وقال عازف العود وملحن الفرقة نزار العيسى، بعد العرض «عملت على كتابة ألحان جديدة للفرقة مع الحفاظ على هوية فرقة العاشقين واللون الوطني الفلسطيني بحيث لا نخدش هذا اللون». وأوضح انه شعر بالرهبة عندما وقف على المنصة امام الجمهور في حفل الليلة قبل الماضية، وقال «كان مزيجا من الحزن والفخر، إنني موجود على الأرض، لم أفاجأ بعدد الجمهور، لكن الرهبة ان تكون امام ناس كانوا يحلمون ان يروا هذه الفرقة واليوم هم وجه لوجه»، وأضاف «في كل حفل نقيمه في كل بلد له طعم خاص ولكنه هنا له طعم مميز، اصبحت لدينا طاقة لدرجة اننا لا نريد ان ننام، نريد ان نكسب كل الوقت قبل ان نغادر»، واشار الى ان الفرقة تبدأ في البحث عن الطاقات الفلسطينية في المستقبل القريب، الفرقة حالياً 41 شخصاً.
وقالت عضو الفرقة الفنانة السورية ميرفت شلهوب «كان حلماً بالنسة الينا أن نأتي إلى هنا، الحمدلله وصلنا فلسطين، شعورك هنا بأنك تغني من قلبك لبلد كنت تغني له من الخارج، يختلف تماماً وأنت تغني لشعبه وأنت في قلب هذا البلد»، ووصفت شعورها بالصعب وهي تغني بجانب الجدار الذي اقامته اسرائيل على الأراضي الفلسطينية، ويمنع الفلسطينيون من الوصول الى المدينة المقدسة الا بتصاريح خاصة، وقالت «شعور صعب والجدار كان قريباً، وتبقى القدس حلماً أن ندخلها ان شاء الله». وترى أن تعدد جنسيات المشاركين في فرقة العاشقين يعطيها مزيداً من القوة، فـ«الفرقة فيها سوريون ولبنانيون وفلسطينيون، وكلنا نغني لفلسطين ونحب فلسطين وهي قضية الوطن العربي».
وشاهد الجمهور خلال الحفلة الأخيرة لفرقة العاشقين عروضاً راقصة قدمها 10 من الراقصين والرقصات ارتدوا خلالها ازياء من التراث الفلسطيني كانت تتناسب مع طبيعة الأغنية المقدمة، وكثيراً ما وقف الجمهور مردداً مع الفنانين كلمات الأغاني ولم تتمالك عجوز فلسطينية، ترتدي الثوب الفلسطيني المطرز، نفسها ونزلت الى الساحة ورقصت ملوحة بالعلم الفلسطيني.