جمهور عريض حضر حفلها في «مؤسسة العويس»
«فرقة رضا» في «يوم الاتحاد»
حظيت استضافة مؤسسة العويس الثقافية، أول من أمس، أشهر الفرق المصرية وأعرقها في مجالها، وهي فرقة رضا للفنون الشعبية، باهتمام كبير من جمهور غفير، حرص على حضور فعاليات الأمسية الفنية التي شهدت تنوعاً كبيراً جاء بمثابة «البانوراما» التي تتضمنت مزجاً واعياً بين التقاليد والعروض القديمة والحديثة للفرقة التي يمتد نشاطها على مدار أربعة عقود كاملة، تخطت عبرها حواجز المحلية والإقليمية لتصبح وجهاً حاضراً دائماً في المحافل الخارجية الدولية للإحالة إلى خصوصية الفلكلور الشعبي المصري. الحدث الذي أقيم تحت رعاية وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، عبدالرحمن العويس، بالتعاون مع وزارة الثقافة المصرية، ضمن احتفالات الدولة باليوم الوطني، شمل تقديم مجموعة من اللوحات الاستعراضية الراقصة والمغناة، ولقيت تجاوباً شديداً من الحضور الذين وجدوا أنفسهم في سياق خصوصية اللحن والأداء والأغنية الشعبية، بكل ما يحيط بها من مشاعر الحنين إلى الماضي، على الرغم من أن كثيراً من تلك الأعمال تمت استعارتها من قبل الكثير من الفنانين في أعمال فنية حديثة، إلا أن عراقة فرقة رضا التي تم تأسيسها العام ،1951 واقترابها من الحس الشعبي المميز لفلكلور بلدها، كان في كل مرة أكثر قدرة على التلاحم مع روح الوجدان والمزاج الشعبيين في مجال التواصل مع التراث الأدائي.
سفير شعبي حفظُ كلمات الأغنيات المرافقة للاستعراضات من الجمهور كان دلالة على أن الثقافة والفنون الشعبيين مازالا قادرين على أن يكونا سفيراً ناجعاً لبلدهما في مختلف الأقطار العربية خصوصاً، وهو ما وضح في مسايرة الكثير من الحضور كلمات الأغاني ونغمها بتمتمات شفاهية لم تكن مسموعة، لكنها كانت معبرة عن مدى قدرة التراث الفني على إيجاد مساحة مهمة للتواصل وتمثيل بلده، عندما يستثمر جودة التعبير عنه ويلاقي ترحيباً دائماً لحضوره خارج حدود بيئته. ومع ألحان وموسيقى وأداء راقص لأغنية «الأقصر بلدنا» وجد الحضور أنفسهم داخل سياق مكاني وزماني مختلفين في تلك المنطقة الأثرية في جنوب مصر، لينتقل مشهد آخر إلى بيئة ساحلية مصرية عبر أغنية «الإسكندراني»، الأمر الذي مثل نقلة مختلفة أيضاً في سائر اللوحات الاستعراضية التي تنوعت في تمثيل بيئات مختلفة وصلت إلى واحة «سيوة» المصرية المتطرفة مكانياً قبل أن تعود إلى قلب القاهرة بمواويل وموشحات دالة، تحضر فيها ملامح الحس الشعبي وجمالياته بصوره المتباينة باختلاف أماكن إبداعها، وهو ما تعكسه اللهجة والإيقاع الموسيقي أحيانا، والأزياء والإكسسوارات والملابس أحياناً أخرى، لكنها جميعاً تصب في القدرة العبقرية للتراث على الحضور وحسن التمثيل لثقافته، خارج بيئته الأصلية. |
وباستعراض «حلاوة شمسنا» بدأت الأمسية الفنية، قبل تقديم مساحات أخرى من البوح والتعبير عن الحس الشعبي عبر الاستعراض الراقص من خلال لوحة أدائية بعنوان «الإسكندراني»، فيما مثل استعراض «موشح يدعاني» التفاتة إلى أهمية حضور هذا القالب التعبيري في الفنون الشعبية في المنطقة العربية عموماً وفي مصر خصوصاً.
وكأنها أحد الفنون المرتبطة بالتراث الأدائي المصري مثلت رقصة «التنورة» حضوراً خاصاً لدى الجمهور الذي تفاعل معها كثيراً، قبل أن تعود الفرقة مجدداً إلى الموال الشعبي عبر «جرحوني عيونه، ثمرنة الخلخال، الأقصر بلدنا، البحر بيضحك ليه، الحلم،موشح غريب الدار، المولوية أو سيوة، الأغاني، استعراض العصايا».
الحفل الذي حضره السفير المصري في الدولة، تامر منصور وعدد من مجلس أمناء مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية يتقدمهم الأديب عبدالغفار حسين، والدكتور محمد عبدالله المطوع، والدكتورة فاطمة الصايغ، وشخصيات ثقافية وإعلامية بدأ بالسلام الوطني للإمارات، تلاه السلام الوطني المصري، وكان بمثابة الوجود في زخم أجواء الأغنيات والرقصات الشعبية المختلفة التي مثلت ألواناً من الحياة المصرية بكل أطيافها وتنوعها بين بيئات صحراوية وريفية وبحرية حضرية وغيرها، فيما أسهمت الأزياء المزركشة في تعزيز التواصل بين الجمهور والفرقة العريقة التي نجحت في توظيف الأزياء كمفردات دالة على مناطق بعينها زادتها طبيعة الرقصات تلوناً، وسردت كل لوحة حكاية من حكايات الحياة في مصر، وتعد فرقة رضا للفنون الاستعراضية من أوائل الفرق الفنية المصرية الخاصة التي أسسها الفنان محمود رضا في خمسينات القرن الماضي، بالاشتراك مع الراقصة الأولى فريدة فهمي، وكانت الفرقة تتكون آنذاك من ست راقصات وستة راقصين و12 موسيقيا، وفي العام 1961 بدأت وزارة الثقافة المصرية تشرف على الفرقة، وفي منتصف السبعينات أصبحت تضم 150 عضواً بين راقصين وراقصات وموسيقيين وفني خشبة ومصممي ملابس، وأصبح رصيد الفرقة يتجاوز الـ150 رقصة بين ألحان ثنائية ومسرحيات راقصة تضم من ثلاثة إلى 30 راقصاً وراقصةأ على الخشبة في الوقت ذاته.
50 عاماً، تاريخ فرقة رضا للفنون الشعبية المصرية، إذ بدأت فرقة عائلية مع التقاء عائلتي رضا وفهمي وارتباطهما بالزواج، وحبهما المشترك للرقص والتقاليد والثقافة المصرية، وفي النهاية، هي فرقة عائلية نشأت على تبادل الاحترام بين أفرادها واحترامهم تخصصات كل منهم. استفاد محمود رضا من تقنيات الجاز والبالية والرقص الهندي والرقص الفلكلوري في الاتحاد السوفييتي (سابقا)، وقد استطاع أن يمزج كل ذلك في تقنيات خاصة هي ما تعرف الآن باسم الرقص الشرقي.
وكان القرار الحاسم الذي نقل الفرقة نقلة موضوعية هو تبني الأعمال الموسيقية للموسيقار الراحل علي إسماعيل، الذي زاوج بين الآلات الموسيقية الغربية والآلات المصريةأ، لتقديم موسيقى تراثيةأ بحلة جديدة، وكان لذلك أثره الأكبرأ في أن تصبح تلك الموسيقى بمثابة الإلهام لجيل جديد من الموسيقيين المصريينأ الذين راحوا يحذون حذوه، ومنذ السبعينات تولت فريدة بنفسها تصميم الملابس، إضافة إلى إسهام خديجة فهمي والدة فريدة على عملية الإشراف وتنفيذ الملابس ومرافقة الراقصات من النساء. وحازت فرقة رضا شهرة في مصر،أ وقامت بزيارةأ أكثر من 50 بلداً، وقدمت عروضها في مصر وفي مسارح مرموقة حول العالمأ مثل رويال البرت هول في لندن، كارنيجي هولأ في نيويورك،أ كونغرش هول في برلين، مسرح اولومبيا في باريس،أ مسرح ستانسلافيسكي في موسكو،أ مسرحأ جي لا زرزولا في مدريد وغيرها، كما نالت الفرقة جوائز عديدةأ في مهرجانات الفلكلور في دول عدة منهاأ النمسا، روسيا، بريطانيا، تركيا، بلجيكا، وحاز مؤسسو الفرقة فريدة فهمي، محمود رضا، وعلي رضا، وعلي إسماعيل، أوسمة من قبل الملك حسين ملك الأردن في العام ،1965 والرئيس جمال عبدالناصر في العام ،1967 والحبيب بورقيبة رئيس الجمهورية التونسية في العام .1973
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news