يسرا وجه متكرر في المهرجانات. غيتي

نجوم المهرجانات.. بريق أم دعاية على السجادة الحمراء

هل لمهرجانات السينما نجوم؟ ومن هم؟ وما هي مواصفاتهم؟ هذه التساؤلات وغيرها أصبحت تفرض نفسها في ظل تعدد المهرجانات السينمائية في العالم العربي، وتداخل مواعيد إقامتها، وفي الوقت نفسه تكرار وجوه النجوم الذين تستضيفهم هذه المهرجانات، سواء في فعالياتها، او على سجادتها الحمراء، حتى بات الأمر وكأن مشاهد الافتتاح تتكرر من مهرجان لآخر، من دون ان يتغير فيها شيء سوى ملابس النجوم.

يجد الناقد المصري طارق الشناوي أن النظر للنجوم الذين يحضرون المهرجانات السينمائية والفنية باعتبارهم «ترمومتر» لقياس نجاح المهرجان وأهميته، هو نوع من التقليص الشديد لمفهوم المهرجان السينمائي ومعاييره، «التي ترتكز على عوامل اكثر جدية مثل الأفلام التي يتم عرضها، والفعاليات والنقاشات التي تدار خلال المهرجان، وكذلك إقبال الجمهور العادي على حضور الأفلام المعروضة، بينما يقتصر الهدف من حضور النجوم على تسليط الأضواء على المهرجان وعليهم أيضا، وفي كثير من الأحيان يصدر هؤلاء النجوم للرأي العام آراء وتصريحات لا تعبر بالضرورة عن قناعتهم الحقيقية، ولكنهم تعارفوا عليها مع الوقت».

عدوى

يرى الشناوي ان اختيار النجوم ضمن لجان التحكيم بدأ ينتشر من مهرجان لآخر، ربما بفعل العدوى، او لأنه أصبح ضرورة، مضيفا «رغم ان إشراك فنانات ليس لديهن التراكم المطلوب في لجان تحكيم المهرجانات، قد يؤثر في اقتناع المتخصصين بنتائج المهرجان، لعدم توافر الثقة الكاملة في بعض المحكمين، لكن هناك حالات كشفت عن وجه آخر للفنانين وما لديهم من فكر ووعي».

ويتابع «بعد ان توجه معظم الفنانين الذين هجرتهم السينما إلى التلفزيون، لم تعد هناك فروق واضحة بين نجوم السينما ونجوم التلفزيون، الذي يحقق لهم الانتشار مجددا، بالإضافة إلى ما يحصلون عليه من مقابل مادي ضخم، ولكنهم لا ينتبهون إلى الجانب السلبي من العمل في الدراما التلفزيونية، التي تحرق النجم، وتفقده بريقه الذي صنعته له السينما»، مشيراً إلى ان الاختلاف بين السينما والتلفزيون لا يقتصر على النجوم فقط، ولكن يمتد إلى الجمهور أيضا، فجمهور السينما غير صبور، وعندما يخطئ الفنان في اختيار أفلامه مرة وراء الثانية، ينصرف عنه تماما، على عكس جمهور التلفزيون المتسامح، الذي ينسى سريعا، ويمكن ان يطلق عليه «جمهور العشرة والعيش والملح» الذي يتحمل النجوم وإخفاقاتهم المتكررة على عكس جمهور السينما.

تواصل أجيال

علاقات واتصالات

أشار الناقد الأردني عدنان مدانات إلى ان نجاح المهرجانات في استقطاب أفلام متميزة لعرضها لم يعد بالسهولة المتوقعة، فهناك عوامل عدة تؤثر في ذلك مثل عدد الأفلام التي تم إنتاجها في العام، ومستواها الفني، والمنافسة الحامية بين المهرجانات للاستحواذ على الأفلام الجيدة، واتجاه صناع هذه الأفلام للمفاضلة بين المهرجانات وفقاً لاسم والمهرجان ومكانته، والقيمة المادية لجوائزه، والمستوى الثقافي لإدارة المهرجان وما تمتلكه من علاقات واتصالات. ورغم تقارب مواعيد إقامة المهرجانات السينمائية العربية، يجد مدانات ان كلاً منها يمتلك شخصية خاصة به، مثل مهرجاني ابوظبي ودبي السينمائيين اللذين اتخذ لأنفسهما خطاً جديداً مختلفاً عن المهرجانات الأقدم كالقاهرة ودمشق وقرطاج، يعتمد على محور ضروري ومهم هو تنشيط دعم إنتاج الأفلام، واحتضانهما لنصوص ومشروعات أفلام جديدة، ما يقود هذين المهرجانين إلى دور أكبر في مجال تمويل وصناعة الأفلام.

المخرجة الإماراتية الشابة فاطمة مسلم تعتبر حضور النجوم بصرف النظر عن تصنيفاتهم أمراً ضرورياً بالنسبة للمهرجانات الفنية، وجزءاً من وظيفتها، فهذا الحضور يخلق قدراً كبيراً من الحماس بين الموجودين من نقاد وإعلاميين، ويجمع بين مختلف الأطراف المكونة للعمل الفني من مخرجين ومؤلفين ومنتجين وفنانين أيضاً، ما يتيح فرصة جيدة للجميع للحوار والمناقشة وطرح أفكار جديدة ربما تسفر عن مشروعات فنية مقبلة.

وجهة نظر مغايرة قليلا تطرحها الفنانة الشابة نهى رأفت، رافضة ان يكون هناك تعريف محدد لنجوم المهرجانات، إذ لا يجب ان يقتصر حضور المهرجانات على نجوم الصف الأول أو فئة معينة من النجوم، بل يجب ان تكون بمثابة فرصة للالتقاء والتعارف بين الأجيال المختلفة، بما يمنح فرصة للتعرف إلى آراء جديدة وظهور مواهب شابة. معتبرة ان الفائدة بين النجوم والمهرجانات مفيدة للطرفين، فالفنان يحصل على الأضواء وتبادل الآراء مع الحضور، بينما يكتسب المهرجان المزيد من الشهرة والأضواء بحشد أكبر قدر من النجوم.

وظيفة إعلانية

الناقد الأردني عدنان مدانات يرى ان حضور النجوم للمهرجانات يرتبط دائماً بوظيفة إعلانية، فكلما زاد عدد النجوم الكبار الذين يستضيفهم المهرجان، نجح في استقطاب شريحة أكبر من الجمهور، خصوصاً في المهرجانات التي تقام في المناطق القريبة من السكان وفي وسط المدن، بحيث يحرص الجمهور على حضور العروض والتقاط الصور مع نجومه المفضلين ورؤيتهم عن قرب، وغالبا ما يكون هذا الجمهور من الشباب والمراهقين. ورفض مدانات في الوقت نفسه اعتبار معدل حضور النجوم ومدى شهرتهم ونجوميتهم معياراً لتقييم المهرجان، من حيث أهميته أو نجاحه. مضيفاً «يعتمد تقييم المهرجان على عوامل عدة لا يدخل بينها الحضور من النجوم، من أبرز هذه العوامل الأفلام التي يعرضها، والمستوى الإبداعي والفني لها».

واعتبر مدانات مشاركة بعض النجوم في لجان التحكيم بمهرجانات السينما نوعاً من «الزخرفة»، ولكنه لا يؤثر في صدقية اللجان التي تكون أغلبية أعضائها من ذوي الخبرة، ولديهم ثقافة سينمائية عالية، وخلال العمل يكون القرار جماعياً بين مختلف أعضاء لجنة التحكيم، ونتيجة لحوارات مطولة حول الأفلام وقيمتها ومستواها، لافتا إلى أن النجوم عندما ينخرطون في عمل لجان التحكيم غالبا ما يظهرون جدية واضحة في تعاملهم مع هذه المهمة، كلا في حدود خبرته، من دون أي ابتذال للدور الذي يقومون به، خصوصاً أن مشاركتهم في لجان التحكيم يكسبهم ثقة بالنفس.

ويرجع حضور نجوم التلفزيون للمهرجانات السينمائية في رأي مدانات في الأساس إلى رغبة المهرجان في الاستفادة من شعبية هؤلاء النجوم، وهو أمر مقبول باعتبار ان هذه المهرجانات أحداث ثقافية سينمائية لا تقتصر على العاملين في السينما فقط.

الأكثر مشاركة