30 عاماً من الأبحاث في «أوكسفورد» لم تكشف سر المعــدن الثمين

بوشرار يقتني كنزاً مــن سيوف «الجوهر»

جواد بوشرار: «الجوهر» اندثر منذ 250 عاماً. الإمارات اليوم

الجوهر وحده هو محور شغف جامع المقتنيات النادرة البحريني جواد علي بوشرار، الذي يصف نفسه بـ«عاشق الجوهر». متسائلاً «لماذا لا أغرم بهذا المعدن الجميل وقد شغل العالم قبل ان يشغلني؟ وقد بلغ بي الشغف بهذا المعدن حتى اخترته موضوعاً لرسالة الماجستير التي أقوم بإعدادها، والتي اضطرتني إلى ان اذهب إلى روسيا حيث لم أجد استاذاً متخصصاً في سيوف الجوهر إلا هناك».

وأوضح بوشرار لـ«الإمارات اليوم» ان معدن الجوهر الذي اندثر منذ ما يقرب من 250 عاماً، يعد من المعادن النادرة، إذ يتمتع بمميزات عدة، فهو من القوة لدرجة تجعله قادراً على اختراق أي معدن آخر، كما يمر السكين الحاد في قطعة جبن، وهو أيضا المعدن الوحيد القادر على امتصاص السوائل، لذا كانت الأسلحة المصنوعة منه أكثر فتكاً، لأنها كانت تنقع في السم فتمتصه، وقد كان للأسلحة والدروع المصنوعة من معدن الجوهر دور حاسم في انتصار العرب على الغرب في الحروب الصليبية، لافتاً إلى أن جامعة اوكسفورد قامت بإجراء أبحاث استمرت 30 عاماً حتى تكتشف أسرار معدن الجوهر، لكنها لم تنجح في ذلك، فأسرار صناعته تعتمد على علمي التعدين والكيمياء معاً.

وأشار بوشرار الذي يمتلك مركز الروضة للسيوف والخناجر والتحف في مملكة البحرين، وحضر إلى العاصمة أبوظبي للمشاركة في المعرض الدولي للصيد والفروسية في أبوظبي، الذي أقيم في سبتمبر الماضي، إلى ان صناعة الجوهر انتقلت إلى المنطقة من الهند، وبالتحديد من منطقة تسمى «دكن»، وأتقن سكان المنطقة هذه الصناعة، وجودوا فيها، حتى أصبح لكل منطقة ولكل عصر سمات معينة تتسم بها أسلحة الجوهر التي تنتمي إليها، موضحا ان صناع هذا النوع من الأسلحة اخذوا في التناقص مع الوقت، خصوصاً خلال الهجوم التتاري المغولي على المنطقة العربية، حيث قام جنكيز خان بجمع كل صناع الجوهر ووضعهم في ما يشبه المخيم أو المعسكر، ومنع اختلاطهم بالناس حتى لا تتسرب أسرار هذه الصناعة المهمة، حتى كان صانع الجوهر في ذاك الوقت في مكانة تماثل مكانة عالم الذرة في وقتنا الحالي».

«يا قاضي الحاجات»

 الجوهر

http://media.emaratalyoum.com/inline-images/331371.jpg

الجوهر هو خليط من المعادن يشكل منه الصانع سيفاً صلباً يستخدم للحرب، وما يميز معدن الجوهر وجود عروق وتموجات واضحة تشكل لوحه فنية جميلة في نصل السيف، ويعتبر هذا الأمر سرا من أسرار صنعة السيوف، إذ لا يعلم أحد كيف تم مزج المعدن وطرقه ليصبح بهذا الشكل. قبضة السيف تصنع إما من القرن أو من العاج أو الخشب أو المعدن، وتختلف أنواع القبضات، وتسمى قبضة السيف العربي «بدّاويه»، وتسمى القطعة الحديدية في أسفل القبضة التي على شكل صليب «البرشق».

وتختلف السيوف أيضاً من حيث الطول و الانحناء، فتوجد سيوف شديدة الانحناء ويسمى الواحد منها «أعكف» أو «هلالي».

واشتهر صانعو السيوف بوضع ختم يدل عليهم، وهذا دليل على براعة التصنيع.

التفريق بين القطع الأصلية عن المقلدة قد يعد مهمة صعبة للأشخاص العاديين أو قليلي الخبرة بالجوهر، لكن بالنسبة لبوشرار، بات الأمر أكثر سهولة بفضل الخبرة التي اكتسبها على مدى سنوات قضاها في هذا المجال. فيكفيه ان ينقر على السيف بإصبعه ويستمع للصوت الصادر عنه حتى يعرف اذا كان السيف أصلياً أم مقلداً، فالأصلي صوته مكتوم مقارنة بالمقلد، مبيناً انه يستطيع ان يفرق بين سيف الجوهر الشامي والهندي والفارسي، كما يمكن ان يعرف السيف الفارسي الصفوي أو الغجري، إذ تختلف سمات السيف مثل نوعيته والأختام والخطوط التي يحملها.

وعرض الخبير البحريني في جناحه بمعرض الصيد والفروسية مجموعة نادرة من السيوف والخناجر «الجوهر»، التي يعود تاريخها إلى مئات السنين، مشيراً إلى ان الأغلى في مجموعته يبلغ سعره 100 ألف دولار أميركي، وهو سيف جوهر يحمل ختم «يا قاضي الحاجات»، ويحمل رمز «اللبؤة» الذي يشير إلى صانع السيوف الشهير أسدالله الذي عاش قبل العصر الصفوي، كما ضمت المجموعة عدداً من السيوف والخناجر بأشكال وأحجام مختلفة راوحت أسعارها بين 27 و45 ألف دولار، وعرض خوذة وترساً من الجوهر أيضا بسعر 54 ألف دولار، حيث كان العرب يصنعون من الجوهر أيضا دروعا تشبه «الجاكيت»، ولم يكن من الممكن اختراقها سوى بخنجر خاص يسمى خنجر الدفع، موضحاً ان المجموعة التي عرضها هي جزء من مجموعة أكبر يحتفظ بها، والتي عمل على جمعها على مدى سنوات عبر الشراء أو البدل مع مقتنين آخرين، وكثيراً ما اضطر إلى السفر لساعات طويلة للحصول على قطعة جديدة، أو حتى إلقاء نظرة على قطعة نادرة، معتبراً أن المعلومات التي توضع على الانترنت تفتقر إلى الصدقية، وكثيراً ما تكون وسيلة للاحتيال، ولذلك لا يعتمد على هذه الوسيلة في الحصول على مقتنياته.

أسلحة حديثة

شدد بوشرار على أن لديه مجموعة من المقتنيات النادرة المصنوعة من الجوهر، لا يفكر على الإطلاق في بيعها أو التنازل عنها، وهي مجموعة يحرص عليها بشدة، ولا يحب ان يظهرها لأحد، وكثيراً ما يجلس أمامها يتأملها في صمت وإعجاب.

وعما ينتجه حالياً من سيوف وخناجر قال «ارتبطت السيوف والخناجر بالعربي عبر عصور متعددة، وكانت تتم صناعة سيوف الأبطال بناء على حجم المحارب وطوله وطول ذراعه، كما كان السيف يختلف من المحارب العادي وقائد الجيش والحاكم أو الأمير. أما الآن فاختلفت صفات السيوف والأسلحة مع اختلاف وظيفتها، فقد أصبحت تستخدم حالياً في الزينة والاستعراضات، ولذلك يجب ان تكون خفيفة الوزن، وأيضا تعد الأسلحة من الهدايا الشائعة في شبه الجزيرة العربية، بالإضافة إلى كونها جزءا من العادات والتقاليد في بعض الدول العربية، إذ يعلقها الرجال في الاحتفالات الوطنية المختلفة».

تويتر