تامر حسني رفض الكشف عن قيمة عقده الدعائي وفضّل التطرق إلى أعماله الخيرية. تصوير: دينيس مالاري

تامر حسني العائد مــن الحج: أعمال الخير تحكم خـطواتي

لايزال عدد كبير من الفنانين يتردد في الاعتراف بأن المقابل المادي المغري هو المسوغ الأساسي لقبولهم الاشتراك في حملات دعائية بدأت تلجأ إليها الشركات لترويج منتجاتها، وطالت أشهرهم مثل فنان العرب محمد عبده وعمرو دياب وحسين الجسمي ونانسي عجرم وإليسا وغيرهم، ولم تستثن حتى الوجوه التي تكاد لا تكون معروفة مثل الفنانين المبتدئين والكومبارس، وقلة منهم فقط تصر بأن على الفنان ألا يستغل شهرة منحها إياه الجمهور في تمرير قناعات لسلع بعينها لمصلحة المُعلن، بالإضافة إلى ميزات أخرى، منها تحقيق مزيد من الانتشار وتأكيد بريق النجومية.

وأعرب إعلاميون وصحافيون حضروا مناسبة الكشف عن توقيع المطرب المصري تامر حسني عقد دعاية مع شركة نظارات عالمية، يكون بموجبها سفيراً دعائياً لها في الشرق الأوسط على مدار عامين، عن انزعاجهم من تصاعد نهج الخلط بين الأعمال الفنية والدعائية من جهة والأعمال الخيرية والتطوّعية خصوصاً من جهة أخرى. فيما قال المنافس اللدود لعمرو دياب على عرش الأغنية الشبابية المصرية: «الأعمال الخيرية تحكم خطواتي في هذا الإطار».

وشهد فندق «أتلانتس» بدبي، أخيراً، مؤتمراً صحافياً بهذه المناسبة اكتظ بعدد كبير من الحراس الشخصيين للنجم المصري العائدً من أداء فريضة الحج، والذي استثمر الحدث لسرد معلومات عن حفلاته وأعماله الخيرية على نحو طغى أساساً على الحدث الذي تم تمويل المناسبة لأجله، مشيراً إلى أن السبب الأساسي لتوقيعه مع هذه الشركة هـي «التقاؤهما معاً في طريق حب القيام بأعمال خيرية»، مذكراً بأنه كان أحد الذين جمعوا التبرعات لقطاع غزة.

وعلى الرغم من طغيان نوع من المداخلات الناعمة والمجاملة التي يتبرع بها البعض، فإن عدداً من الصحافيين أعربوا عن أسفهم للصورة النهائية التي بدا عليها الحدث، وأعرب مدير الإنتاج في قناة «إنفينتي 2»، مراد النتشة، عن امتعاضه لظاهرة استثمار أحداث تجارية في المقام الأول تتعلق بالدعاية لمُنتج بعينه، من أجل تحقيق دعاية للفنان نفسه، مبدياً استغرابه من لجوء معظم الفنانين العرب إلى محاولة إقناع الجمهور بأن الدافع وراء انخراطهم في أعمال دعائية ليس بسبب المقابل المادي، الذي يظل مشروعاً مادام استوفى شروط الشفافية، وابتعد عن الاتجار في قضايا ضميرية وإنسانية أو مصيرية، مثل القضية الفلسطينية أو المساعدات الاجتماعية.

 خروج عن النص

خرجت إحدى الحاضرات لوقائع المؤتمر الصحافي عن مألوف المداخلات في المؤتمرات الصحافية، وعبّرت عن إعجابها بالمطرب تامر حسني على نحو مثير ومستهجن من قبل سائر الحضور، من دون أن تتدخل الجهة المنظمة للحدث، بل تم السماح لها بالتمادي في وصف مشاعرها الخاصة بحميمية شديدة أمام الميكرفون، قبل أن يكتفي حسني بإجابة مختزلة تؤشر إلى عدم تركيزها في محتوى حديثه.

المتحدثة نفسها عادت مرة أخرى لتؤكد للمطرب بالأسلوب ذاته بأنه سيظل مقبولاً دائماً، بعدما اعتذر للحضور عن ظهوره بشعر حليق للغاية، إذ تبرعت مرة أخرى لتذكر الجميع بأن نجمها الذي أدى أيضاً عدداً من أحدث أغانيه أثناء المؤتمر الصحافي، خلافاً للمألوف، عاد منذ فترة وجيزة من مناسك الحج.

الصحافي صخر إدريس من صحيفة «الاتحاد» كان أحد المنفعلين أثناء المؤتمر الصحافي بسبب الزج بالقضية الفلسطينية كأحد مسوغات قبول العروض التجارية، لكن حسني لم يقم بالرد الدقيق على سؤاله وأصر على الإحالة إلى ميزة استثمار الإمكانات المادية للشركات الكبرى في إطار العمل الخيري، من دون أن يبرر علاقة هذا الاتجاه بتوقيع العقود الدعائية.

الصحافي في مجلة «سنوب»، سعد الهاشمي، من جانبه أبدى تحفظاً حول الظاهرة المقلوبة للمؤتمر الذي أصبح ترويجاً لتامر حسني وليس العلامة التجارية الراعية للمؤتمر، إذ تم عرض تقارير مصوّرة حول جمهور تامر حسني خارج الوطن العربي خصوصاً، وبدا فيه مراهقات ومراهقون محتشدون لحفلات تامر حسني والتقاط صور تذكارية معه على الرغم من عدم معرفتهم للعربية، بل أظهر التقرير إحداهن في حالة فقدان وعي بعدما شاهدت حسني وجهاً لوجه أثناء الحفل.

وعلى الرغم من أن هناك عدداً من الفنانين والفنانات يسوق مبررات لتوقيعه عقوداً دعائية مع شركات بعينها، فإن معظمهم لا يخفي أن المقابل المادي لتلك العقود هو إحدى الثمار المهمة التي يجنونها، وهو ما أشار إليه أيضاً نجوم وقعوا عقوداً لشركات نظارات، مثل راغب علامة ونجوى كرم، وإن كانت النساء يبررن تفضيلهن الدعاية لمنتجات نسائية، كما سبق، وإن بررت كل من نانسي عجرم وإليسا.

تقرير الكشف عن الشراكة الدعائية لم يتضمن الإجابة عن تساؤلات صحافية تبدو في نطاق الشفافية حال الكشف عنها وهي قيمة العقد الدعائي، الذي يبدو أن أحد بنوده تضمنت أن تركز الحملة الدعائية على شخص المطرب ذاته المهتم هذه الفترة بمنافسته مع مواطنه عمرو دياب، وهو ما يبرر ربما الصيغة الإنشائية التي جاءت عليها التقارير المصوّرة على شاشة شكلت خلفية للمؤتمر الصحافي.

وجاء في التقرير أن تامر حسني المطرب والملحن والممثل سيقود حملة الإعلانات الخاصة بالشركة، من خلال الإعلانات التلفزيونية والمطبوعة والحملات عبر الإنترنت، إضافة إلى الحفلات الموسيقية الحية، والالبومات والفيديو كليب في جميع أنحاء المنطقة. كما تم أيضا إطلاق حملة اعلانية الكترونية خاصة بالحدث خلال المؤتمر الصحافي، مشيراً إلى أن «الفنان تامر حسني، الملقب بمطرب الجيل من قبل مشجعيه الشباب، على خطى نجوم عالميين، منهم بروس ويليس وجورج كلوني وأنطونيو بانديراس وديفيد بيكهام الذين كانوا سفراء لهذه الماركة العالمية الشهيرة في السابق». وما يؤكد دخول الدعاية للمطرب الشاب نفسه ضمن شروط عقد الدعاية التي بدت بالنسبة لمتابعين «معكوسة» وغير منطقية، تصريح مسؤول كبير في الشركة المنتجة للعلامة قائلاً: «نحن فخورون باختيار مطرب الجيل تامر حسني سفيراً لمجموعة نظاراتنا الجديدة ،2011 لأن تامر هو واحد من الفنانين الأكثر موهبة وتميّزاً في الشرق الأوسط، إذ برز كنموذج ومثل أعلى يقتدي به جيل شباب الشرق الأوسطي، الذي يشكل بالنسبة لنا الجمهور المستهدف، ونحن على ثقة تامة بأن شراكتنا مع تامر حسني ستساعدنا على الاستفادة من الإمكانات الهائلة لهذه الشريحة في السوق».

الأكثر مشاركة