أسبابها غير معروفة وغالباً ما تصيب الأشخاص بشكل مفاجئ

«الأرتيكاريا».. بثــور وأعباء نفسية

ليس لـ«الأرتيكاريا» علاج محدد ويمكن لبعض الحميات الغذائية أن تكون مفيدة. د.ب.أ

استيقظت كلارا، ذات صباح في شهر يونيو من العام الماضي، وانتابها رعب شديد بسبب ما رأته على جسمها، وتحكي الفتاة الشابة ما رأته، قائلة «كان جسمي مغطى بالكامل ببثور حمراء اللون. لقد كانت 30 إلى 40 موضعاً تجعلني أرغب في حكها بجنون». وأضافت كلارا، أن حالتها دفعت الطبيب المنزلي إلى اصطحابها إلى قسم الطوارئ. وفي نهاية المطاف جاء تشخيص طب الأمراض الجلدية لحالة الطفح الجلدي الغريبة هذه كالآتي «أرتيكاريا، أو ما يُطلق عليه أيضاً اسم (الشرى)، والسبب: غير معلوم». حال كلارا، هو حال كثير من المرضى الذين يعانون تحت وطأة «الأرتيكاريا» التي تسبب الكثير من الأعباء النفسية. وترجع تسميته إلى الصورة السريرية للمرض. وأوضحت عضو الرابطة الألمانية لأطباء الأمراض الجلدية جانيت آيشهولتس «يبدو المرضى كما لو كانوا قد سقطوا في نباتات القراص، التي تفرز عند ملامستها عصارة محرقة تؤلم الجلد». وعن أعراض «الأرتيكاريا» تقول آيشهولتس «تظهر بثور وتورمات مسببة لحكة شديدة في جسم المريض بأكمله، وأحياناً أيضاً في الوجه». ويعاني شخص من كل أربعة إلى خمسة أشخاص بالغين من «الأرتيكاريا» ذات مرة على مدار حياته.

يطلق أطباء الأمراض الجلدية على هذا النوع شائع الحدوث اسم «أرتيكاريا حادة»، وهي تستمر لفترة تمتد من بضع دقائق فقط حتى أيام عدة، وتزول بعد ذلك من تلقاء نفسها. وأوضح ماركوس ماغيرل، الاختصاصي في عيادة الأمراض الجلدية في مستشفى «شاريتيه» في العاصمة الألمانية برلين، أن «الأرتيكاريا» الحادة غالباً ما تحدث ارتباطاً بعدوى أخرى. وإذا استمر المرض لمدة تزيد على ستة أسابيع، فإن الأطباء يطلقون على هذه الحالة اسم «أرتيكاريا مزمنة». وقد تصاحب هذه الحالة المرضى لسنوات عدة، وهي تحدث بنوبات ذات حدة مختلفة. وتقول آيشهولتس «على العكس من أمراض أخرى مثل ارتفاع ضغط الدم، تختفي الأرتيكاريا مجدداً بعد هذه الفترة تماماً».

مزمنة وتلقائية

يفرق أطباء الأمراض الجلدية بين نوعين من الأرتيكاريا المزمنة، ألا وهما «أرتيكاريا مزمنة مُسببَة» و«أرتيكاريا مزمنة تلقائية». وأوضح ماغيرل قائلاً «في النوع الأول يعرف المرضى سبب الطفح الجلدي، وفي هذه الحالة يمكن أن يرجع سبب البقع والبثور على سبيل المثال إلى البرودة أو الضغط أو الخدش». وتقول آيشهولتس إنه على العكس من ذلك يظل سبب «الأرتيكاريا المزمنة» التي تحدث من تلقاء نفسها غير معروف في 90 ٪ من الحالات، مشيرة إلى أن هذا النوع من «الأرتيكاريا» قد يحدث بسبب الأدوية أو الكحول أو الأطعمة الحريفة للغاية. كما أن هناك مرضى يحدث المرض لديهم كاستجابة ذاتية، إذ تحتوي أجسامهم على مواد تنشط ما يُعرف باسم «الخلايا البدينة» من دون وجود مثيرات خارجية.

وذمة وعائية

مع بعض المرضى تكون «الأرتيكاريا» مصحوبة بما يُعرف باسم «الوذمة الوعائية»، التي تتسبب في تورم الجفون أو الشفاه أو المجاري التنفسية أيضاً. وتصف كلارا مدى خطورة هذه الوذمة، قائلة «كنت أبدو كما لو كان شخص ما أوسعني ضرباً». ويرجع سبب هذه التورمات إلى إفراز المادة الوسيطة «الهيستامين» في الخلايا البدينة بالجسم. ويتسبب الهيستامين في جعل هذه الخلايا نفاذة، ما يؤدي إلى تكون ترسبات مائية بالجلد، ومن ثم يحدث طفح للجلد أو تظهر به بثور وفقاقيع.

ويتمثل العلاج الطبيعي «للأرتيكاريا» في مضادات الهيستامين. وعن هذه الأدوية يقول ماغيرل «جرعة بسيطة من هذا الدواء تحقق تحسناً مع جزء لا بأس به من المرضى»، مشيراً إلى أنه من الممكن أيضاً تناول أدوية الكورتيزون لفترة قصيرة في حال حدوث طفح جلدي أشبه بانفجار. غير أنه لا يجوز تناول أدوية الكورتيزون بشكل مستمر، وذلك بسبب آثارها الجانبية. وتحرص كلارا على أن تصطحب أقراص الكورتيزون في حقيبة يدها للجوء إليها في حالة الضرورة. وتعلل كلارا ذلك قائلة «يمكنني استعمالها في حال تعرضت لنوبة أرتيكاريا حينما أكون موجودة في أماكن عامة».

حمية

من المفيد لبعض المرضى أيضاً الابتعاد عن تناول مواد غذائية معينة. ولهذا الغرض يتبع هؤلاء المرضى حمية غذائية خاصة لمدة أربعة أسابيع. وأشار ماغيرل إلى أن المريض الذي لا يشعر بتحسن على الرغم من تناوله جرعات أعلى من مضادات الهيستامين التقليدية، فإنه يخضع للعلاج بمضادات الليكوترين أو المثبطات المناعية، مشدداً على ضرورة أن يخضع المريض حينئذ لملاحظة دقيقة من قبل الطبيب المعالج.

وفي معظم الحالات يمكن علاج الأرتيكاريا بشكل جيد نسبياً، غير أنه غالباً ما يكون التوتر النفسي الذي ينتاب المرضى أكثر ألماً من الحكة الشديدة. وأوضحت كلارا «أخلد للنوم كل مساء ولا أعرف ما إذا كنت سأبدو في صباح اليوم التالي كما لو كنت الشقيقة الصغرى لكوازيمودو، ذلك الشاب المشوه بطل فيلم الرسوم المتحركة (أحدب نوتردام). إن هذا الأمر يُشكل حقاً عبئاً نفسياً كبيراً».

 

 

تويتر