أردني أول المتأهلين في «أمير الشعراء»
بالشعر وحده؛ دون غناء أو نجوم كما في عاميه الأخيرين، انطلقت مساء أول من أمس، أولى حلقات الموسم الرابع من برنامج «أمير الشعراء» الذي تنظمه هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، وتخلى البرنامج هذا العام عن عادته في استضافة احد نجوم الغناء لتقديم فقرة غنائية على مسرح شاطئ الراحة الذي تجري عليه المنافسات، وتبث على الهواء مباشرة على قناة ابوظبي الأولى. ليقتصر الحضور الفني في البرنامج على الفنان السوري باسم ياخور الذي تم اختياره لتقديم الدورة الحالية من البرنامج، وهي التجربة الأولى له في مجال تقديم البرامج. حرص ياخور على إنجاح التجربة، كان وراء الحماس الشديد الذي اتسم به أداؤه على المسرح، والذي ارتفعت حدته ليبدو متكلفاً بعض الشيء. وعلى الرغم من محاولات ياخور التمسك باللغة العربية الفصحى في تقديم البرنامج، فإنه لم يصمد طويلاً، لتتغلب اللهجة العامية عليه في معظم الأحيان، الأمر الذي قد لا يتناسب مع طبيعة البرنامج الأضخم المتخصص في الشعر الفصيح في العالم العربي.
الحلقة الاولى التي ضمت أربعة شعراء هم محمد محمود العزام «الأردن»، وزكريا يونس النواري الفاخري «ليبيا»، ومحمد سليمان أبونصيرة «فلسطين»، ونادية أحمد الملاح «البحرين»، شهدت تأهل الشاعر الاردني محمد محمود العزام للدور التالي بقرار من لجنة تحكيم البرنامج التي تضم د.علي بن تميم «الإمارات»، ود.صلاح فضل «مصر»، ود.عبدالملك مرتاض«الجزائر»، ليصبح بذلك اول المتأهلين في المسابقة. ومع بداية الحلقة حرص د.علي على توضيح المعايير التي يتم من خلالها اختيار الشعراء للمشاركة في مسابقة «أمير الشعراء»، والتي ترتكز على أربعة معايير هي: التنوع الإقليمي والجغرافي، والحضور النسوي، وتنوع التجارب والمدارس الشعرية للابتعاد عن الرتابة، وأخيراً مراعاة الدرجات لإعطاء الفرصة للجميع، وختم حديثه بتمنياته التعرف أكثر إلى إبداعات الشعراء من خلال المسابقة ورحلة تنافس بصورة جميلة وواعية.
اللافت هذا العام هو اقتصار التنافس في الحلقة الواحدة على أربعة شعراء فقط، بخلاف الأعوام السابقة، الأمر الذي أرجعته لجنة التحكيم إلى منح المشاركين فرصة كافية لتقديم قصائدهم، وعلى الرغم من ذلك لم يتم تخصيص فترة اطول لكل شاعر، ما اضطرهم للاكتفاء بإلقاء جانب من قصائدهم، في الوقت الذي تم فيه استحداث فقرات أخرى شغلت الوقت المخصص للبرنامج، مثل فقرة المجاراة، وشعراء المستقبل، إلى جانب التقارير المصورة التي تقدم تغطية لابرز الاحداث والانشطة الثقافية والتراثية التي تقام خلال الاسبوع.
حس وطني
الحس الوطني والمشاعر الفردية والوجدانية، كانت أبرز موضوعات القصائد التي قدمها الشعراء خلال الحلقة. وتحت عنوان «أضغاث أقلام»، قدم الشاعر الليبي زكريا النوراني قصيدة كان الشعر موضوعها، عبّر د.فضل عن إعجابه بها، على الرغم من ما يكتنفها من غموض وألغاز. داعياً الشاعر إلى أن يترك شعره لينهمر كالشلال، لأن «الشعر قوة تنبع من القلب، وأنت تمتلك الموهبة والمستقبل». بينما وجد بن تميم في القصيدة لغة عبقرية جديدة. ورأى مرتاض أن الشاعر اشتغل كثيراً في النص، فحاول إثقاله بطائفة من القيم الثقافية والدينية والأسطورية، على الرغم من الصور الكثيرة والغنية الموجودة فيه، وأنهى ملاحظاته بنصيحة، بالمزيد من القراءة.
الشاعر محمد محمود العزام قدم قصيدته «خيمة في مهب الحنين»، وألقاها بكثير من التأني لما تحمله من لغة شعرية مكثفة، وصور لافتة، رأى فيها د.فضل شاعراً متمكناً، وإن عاب قافية الشاعر التي تجبره أحياناً وتقوده، داعياً إياه إلى التخلص منها.
وأبدى د. بن تميم إعجابه بالنص قائلاً «تنفتح القصيدة على كل الجراحات وليس على جرح واحد، كما تتسامى فيها الذات فوق الجرح، وتبتعد قليلاً لتصفها من الداخل والخارج، فالقصيدة تؤلمنا لكنها لا تعذبنا، وهي تحمل لغة عذبة، حيث تمزج الأصوات بحميمية مطلقة». وأشار د.مرتاض بداية إلى عنوان القصيدة المعبّر عن البيئة العربية، وإلى الخيمة التي تهتز كما يهتز الحنين.
الشاعر الفلسطيني محمد سليمان أبونصيرة ألقى قصيدة بعنوان «الفادي» وكان حاضراً كفلسطيني من خلال ذلك النص، وفي البداية توجه د. فضل بالقول للمتسابق «أن تكون فلسطينياً فهذا مدعاة فخر»، قبل أن ينتقل إلى نقد النص وتفنيده. في حين اعتبر د.بن تميم أن القصيدة وقعت في الرتابة في القافية لاعتمادها على الفعل المضارع «تبتهل، يعتقل، تنتشل، تنتهل»، إضافة إلى استحضار بعض التصورات مثل القيم الدينية المسيحية التي تبرزها مفردات مثل «قربان، خطيئة، عشاء».
وقال د.مرتاض «في النص هنات، كما في البيت الذي تقول فيه «نسوا يديك التي تشفي» فثمة خطأ لغوي، لأنه عليك أن تقول «اللتين تشفيان»، وأخيراً أرى أنك لاتزال بحاجة إلى إدمان فحول الشعراء، وحفظ آلاف الأبيات، ومع ذلك نحن نتوسم فيك فلسطين العزيزة.
مشاركة نسائية
المشاركة النسائية الاولى في المسابقة قدمتها الشاعرة نادية الملاح بقصيدتها «خارج تقويم الروح» التي قال د. فضل عن عنوانها إنه شاعري، مع العلم أن القصيدة تتحدث عن الغربة والألم وتبدل الحياة. وأضاف «إن وجودك في قائمة الـ20 يلقي عليك مسؤولية كبيرة، ونحن لابد أن يكون توقعنا من الشعراء أن يكون مستواهم في الأعلى، وأرى من خلال القصيدة التي قدمتها أن القافية تأسرك، وتضطرك أحياناً لقول ما لا تقصدينه، فمتى تشنق الروح، أرى في النص ضياع الحلم، وأرى أنك لاتزالين بحاجة لإنضاج تجربتك وشعريتك، وإزالة الزوائد». بن تميم وجد أن القصيدة أشبه بخاطرة تتكرر فيها المفردات، وتحاول توسيع آفاق المعنى، متذكراً الحديث الشريف «رفقاً بالقوارير». د. عبدالملك مرتاض رأى أن شعرية النص ليست طافحة وليست متوهجة، ومن ناحية أخرى ليست منطفئة، فالنص يقع في الوسط بين كل ذلك.
مجاراة
بعد أن ألقى المتسابقون قصائدهم قُدمت فقرة استثنائية تقوم على إجراء مجاراة بين شاعرين يكتب أحدهما الشعر الفصيح، والآخر يكتب الشعر النبطي، حيث تمت استضافة كل من الشاعر كريم معتوق أمير شعراء الموسم الأول، والشاعر النبطي محمد حماد الكعبي الحاصل على المركز الثاني في الموسم الثاني من مسابقة «شاعر المليون»، ليقدما على مسرح شاطئ الراحة قصائدهما أمام الجمهور في فقرة أضيفت على البرنامج المسابقة. قبل ان يعرض تقرير مصور عن مهرجان الظفرة في المنطقة الغربية تحت عنوان «أضواء على المهرجان»، وفيه تم استعراض واقع المهرجان، والمشاركات الخليجية التي أضافت إليه بعداً آخر وأصداء أوسع عربية ودولية.
كما عُرض تقرير مصور آخر عن امير الشعراء في المستقبل، إلى شاعر آخر، وهو الطفل عبدالرحمن الشميري الذي عرف الجمهور بأنه «أمير الشعراء» حينما يكبر، وأدهش الجمهور على الرغم من صغر سنه، وبملكته التي لا يمكن إنكارها في فن إلقاء الشعر.
نتائج
في نهاية الحلقة الأولى أعلن الفنان ياخور نتائج الحلقة، حيث تأهل الشاعر محمد العزام بقرار لجنة التحكيم، بعد ان حصل على 44٪، فيما حصل زكريا النوراني على 38٪، تلاه محمد سليمان بحصوله على 32٪، وجاءت أخيراً نادية الملاح بحصولها على 31٪. أما بالنسبة لتصويت جمهور المسرح، فقد صوت لنادية الملاح التي حصلت منه على 39٪، ثم تلاها محمد سليمان الذي حصل على 34٪، وأخيراً زكريا الذي حصل على 27٪.
واعتبر العزام أن كل المشاركين في البرنامج فائزون، وهم نخبة الشعراء الذين تقدموا للمسابقة، لافتاً إلى «اهمية المسابقة، خصوصاً من ناحية الإعلام، حيث تساعد الشاعر على الوصول إلى جمهور عريض، جمهور يحب الشعر الفصيح، فالشاعر هنا يحصل على فرصته الحقيقية، وما لفتني الجمهور الذي أثر في أدائي إيجاباً، وحفزني على تقديم الأفضل».