إشكاليات «الهوية والتراث» هموم النقاد والفنانين
العرض البحــريني ظلّ «مجهولاً» على المسرح الخليجي
كان من سوء طالع فرقة «مسرح الريف» المشاركة في الدورة الحادية عشرة لمهرجان المسرح الخليجي ممثلة لمملكة البحرين، أن يتأخر رفع الستار طويلاً قبل العرض بعد اصطفاف الجمهور بقاعة المسرح الوطني في قطر، مساء أول من أمس، لأمور خارجة عن إرادة الفرقة الضيفة، وهو الأمر الذي كان من الممكن أن يغدو في طي النسيان، في حال تمكن الممثلون والمخرج من نسج خيوط تواصل مع الجمهور من خلال أحداث مسرحية «المجهول» التي ظلت رسالتها تحاكي اسمها حتى بعد إسدال الستارة، وبدء الندوة التطبيقية للعمل التي شهدت تحاملاً كبيراً أيضاً على العرض، وفي غرفة الندوات التطبيقية.
وعبر مجموعة من الشخوص الذين قاموا بأدوار تكاد تكون متشابهة إلا قليلاً سعى المخرج البحريني حسين العصفور إلى طرح تساؤلات فلسفية مقترباً في بعض مفاصله إلى المسرح العبثي، مرتكزاً على طاولة يتحرك أمامها وأحياناً فوقها الممثلون، الذين بدوا طوال المسرحية في انتظار حدث ما، يبدل انفعالاتهم ويجعلهم أكثر اضطراباً وخوفاً من الغد الذي لا يأتي، ومن الضيف الذي لا يأتي أيضاً، حيث قضوا كل الزمن المسرحي في ترقب شخص عظيم، على حد تعبير الجموع المسرحية التي لجأ المخرج إلى استثمارها للإحالة إلى التعبير عما يدور في رؤوس أولئك الأشخاص الذين تتحول هواجس انتظارهم للمجهول، إلى هوس وهواجس تنبش عقولهم، وتسيطر على مخيلاتهم.
ولم يخجل جاسم محمد، الذي جاء لليوم الثاني إلى مسرح قطر الوطني، مدفوعاً بجماليات عرض مسرحية «مجاريح» القطرية في اليوم الأول على حد تعبيره، من الإشارة إلى أنه لم يفهم المضمون الذي يريد أن يوصله العمل، وهو الأمر الذي شاطره فيه فيصل الكواري الذي أشار إلى أن حركة المجاميع وتبدلات مواقع الشخوص، من مسيطر ومتحكم في مصائر سائر المجموعة إلى مجرد فرد كان بحاجة إلى تبرير للجمهور، فيما أحال ناجي المالكي إلى أن التأخير الملحوظ في بدء انطلاقة العرض أفسد متعة المشاهدة لدى الكثيرين، وأصابهم بالملل قبل رفع الستار.
رغم ذلك حظي العرض البحريني بحالة ملحوظة من شد أزر أسرته عقب انتهاء العرض، لاسيما أن فرقة الريف تشارك، وكذلك سائر الممثلين، للمرة الأولى في هذا المحفل الخليجي، الذي ينحاز هذه الدورة بشكل كبير إلى أصحاب التجارب المسرحية الشابة، خصوصاً في ما يتعلق بالممثلين، فقد ضمت أسرة «المجهول» كلاً من هديل كمال وابتسام اللتين تقاسمتا لقب أفضل ممثلة في البحرين العام ،2010 فيما أكد الممثل المشارك في العمل عبدالحسين مرهون البعد الفلسفي العميق للعمل الذي يتكئ عيه «المجهول»، الأمر الذي يجعله شديد الصعوبة سواء للممثلين أو المخرج.
واعتبر المسرحي العماني طالب البلوشي أن «المجهول» متخمة بالكثير من التأويلات من خلال «طاولة» أجاد المخرج التعامل مع دلالاتها، مشيداً بشكل خاص بعناصر الموسيقى، وانسجامها مع الديكور والتبدلات النفسية المختلفة لدى الشخوص، لكنه وجه انتقاداً إلى سيرة النزعة السوداوية في العمل التي أسهمت في مزيد من الفصل بين الخشبة وقاعة المسرح.
ورغم التحفيز والتشجيع الدائمين على استخدام وحضور اللغة العربية في الأعمال المسرحية الخليجية، فإن عدم الإجادة في استخدامها، أو توظيفها درامياً بعيداً عن الاهتمام بالتنميق اللفظي كانت إحدى الملاحظات المهمة في هذا السياق، فضلاً عن المغالاة في التجريب والتغريب على نحو فصل النص كثيراً عن جمهور الحضور، رغم أن مخرج العمل اعترف بأن هناك بعض المناطق التي يقترب فيها من المسرح العبثي، إلا أنه رفض تصنيف «مجاريح» على أنها تندرج إبداعياً تحت هذه الفئة تماما، لافتاً إلى أن الفرقة المسرحية واجهت عقبة كبيرة بسبب ضيق الوقت أمام الوصول إلى الجاهزية الكاملة قبل بدء المهرجان.
حبيب غلوم:المهرجانات فرص ذهبية للقاءات المسرحيين. من المصدر نغموش مكرماً استبق رئيس الوفد الإماراتي د.حبيب غلوم وصول الفنان جابر نغموش، أمس، إلى الدوحة من أجل تكريمه على مجمل عطائه وإنجازاته للمسرح الإماراتي خصوصاً، والخليجي عموماً، بتوزيع كتيب يتضمن نبذة عن أبرز المحطات المسرحية والفنية لنغموش، بدءاً من بداياته مروراً بمراحل الانتشار، فالنجومية. غلوم الذي أعرب عن توقعه بدورة تقدم تجارب مسرحية لا تفتقد في مجملها الألق والتجديد والجرأة في الطرح، فضلاً عن كونها فرصة مهمة لتبادل الخبرات والالتقاء على جماليات وقضايا وهموم الخشبة الخليجية، أكد ثقته بفرص العرض الإماراتي المشارك «السلوقي» في نقل الصورة المتطورة التي تسود الحركة الإبداعية المسرحية في الإمارات. من جهة أخرى، يعد نغموش عاشر العشرة المكرمين وصولاً إلى الدوحة، فقد انتخبت شخصيات مسرحية من مختلف دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي للاحتفاء بها تقديراً لإنجازاتها المسرحية، باستثناء الدولة المنظمة قطر التي رشحت مكرمين اثنين هما علي حسن وعلي سلطان، ومن البحرين إبراهيم بحر، ومن الكويت عبدالمجيد البلوشي وعبدالرحمن عقل وعبدالله غلوم، ومن السعودية يوسف، ومن سلطنة عمان محمد بن الياس، الخميس، فضلاً عن مكرم اللجنة الدائمة للمسرح القطري د.حسن رشيد. |
في المقابل، فرضت هموم كثيرة نفسها على «الهوية والتراث» في المسرح الخليجي أمام حضور ندوة حملت العنوان ذاته، وتحدث فيها بشكل رئيس الكاتب المسرحي السعودي فهد رد الحارثي، والكاتب العماني محمد الحبسي، فيما أدارها الإعلامي سعد بورشيد، وشهدت أيضاً مشاركة رئيسة للكاتب المسرحي السعودي عباس الحايك، والناقد السرحي حسن الحسن.
وأشار الحارثي إلى أن «المسرح الخليجي لم يتعمق بشكل جذري في مفهوم الهوية، لأن هذا الفن الذي صدرته أوروبا إلى المنطقة لا يرتبط من حيث قالبه التعبيري بالهوية أو التراث»، مؤكداً أن الفن المسرحي رغم كل تلك العقود لم يحظ بعد بالاعتراف الشرعي التام به.
وانشغل محمد الحبسي في ورقته بالبحث عن تعريف دقيق للهوية، مطالباً بما أسماه «مسرح خليجي أصيل يوائم بين الاستفادة من التقنيات الحديثة وتناول الموروث بأشكاله المختلفة، في العمل المسرحي»، مؤكداً ضرورة تمثل قضايا المجتمع الخليجي الحقيقية، وعدم الاكتفاء بالمعالجات السطحية، والبعد في الوقت ذاته عن التجارب التي تزيد المسافة الفاصلة بين المسرح والجمهور من خلال التجريب» .
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news