باسل ياخور يتوسط شعراء الحلقة قبل الأخيرة من «أمير الشعراء»

إمارة الشعر في انتظار فارس الكلمة

أسبوع واحد فقط بات يفصل بين إمارة الشعر في مسابقة «أمير الشعر»، وبين أميرها الجديد الذي سيتم تتويجه في حلقة البرنامج الأسبوع المقبل بعد 10 أسابيع، من المنافسات الشعرية التي هدأت حيناً، واشتعلت جذوتها في حين آخر عندما لامست واقع المجتمع، وتوهجت بنيران ثوراته وأحداثه الساخنة. واللافت أن التنافس على اللقب اقتصر هذا العام على الشعراء الرجال، بعد أن عجزت أي من الشاعرات المشاركات في التأهل إلى المرحلة النهائية.

الأجواء الاحتفالية بالثورة المصرية لم تغب عن حلقة أول من أمس، من البرنامج، إذ بدت في الأعلام المصرية التي حملها الجمهور في أرجاء المسرح، وفي تعليقات أعضاء لجنة تحكيم المسابقة، بينما تعالت في فقرة المجاراة التي ضمت الشاعر السعودي جاسم الصْحيح الذي شارك في مسابقة «أمير الشعراء» بموسمها الأول، والشاعر ناصر العجمي حامل بيرق «شاعر المليون» في النسخة الرابعة، اللذين اختارا البدء بالغزل لتلطيف الأجواء، وأجادا في ذلك، قبل أن ينتقلا إلى الفخر بالثورة المصرية وانجازاتها بأبيات لم تقلّ تميزاً عن سابقتها. ومن بينها ابيات جاسم الصحيح:

لملم الصبر بقايـاه من الصدر الوسيع

واستطال الزند بالعــزة وانتد الذراع

وكبرنا أيهـا الراعي على دور القطيع

وانفطمنا من وصاياك وأنهينـا الرضاع

وأطاعتنا الليــالي والليـالي لا تطيــع

فانتزعنا من طباع الوقت أنياب الضباع

وأسامينا التي تحبل بالمـعنى الوضيـع

سـقطت عـنا فمـا عدنا الرعايا والرعاع

في بداية الحلقة أعلن مقدم البرنامج الفنان باسم ياخور تأهل الشاعر المصري هشام الجخ، بعد حصوله على أعلى نسبة من تصويت الجمهور، بينما خرج من المنافسة الشعرية قاسم الشمري من العراق، ومحمد علي الخضور من سورية، وعلا برقاوي من فلسطين. وجاءت نهاية الحلقة مخالفة للحلقات السابقة، حيث منحت لجنة التحكيم درجاتها للشعراء الستة الذين وصلوا المرحلة النهائية وهم: هشام الجخ من مصر، وعبدالعزيز الزراعي من اليمن، ومحمد تركي حجازي من الأردن، ومنتظر الموسوي من عمان، ونجاح العرسان من العراق، ومحمد العزام من الأردن أيضاً.أ على أن تمنح اللجنة في الحلقة المقبلة والنهائية للمتسابقين الستة بقية النسبة المخصصة لها، وهي 30 ٪، وقد بدأ الجمهور تصويته ـ وهو الذي يملك 40٪ ـ بمجرد انتهاء الأمسية مباشرة، وسيبقى التصويت مفتوحاً حتى موعد الحلقة الختامية، التي يجب على الشعراء فيها كتابة قصيدة يراوح عدد أبياتها بين تسعة و12 بيتاً موضوعها الحوار والتسامح والتواصل ونبذ التعصب وأهمية الوسطية، كما أوضح د. علي بن تميم.

العقل والعاطفة

قصائد الحلقة؛ جاءت في أغلبها هادئة النبرة ميالة لصوت الحكمة والعقل لتتناسب مع طلب لجنة التحكيم منهم كتابة قصيدة عمودية موضوعها ثنائية العقل والعاطفة، على ألا تقل القصيدة عن ثمانية أبيات، ولا تزيد على .10 فقدم هشام الجخ قصيدة بعنوان «الوجهان»، عاد فيها كما أوضح د.صلاح فضل، إلى عودة الشاعر إلى الفكر العاقل، وإصابته في أمرين مهمين، حيث جعل العقل والقلب وجهين لعملة واحدة، وهذا هو الحق في القضية.

وفي قصيدة الشاعر عبدالعزيز الزراعي «نار الحكمة وماء الفن» توقف د.بن تميم أمام خلط الشاعر بين الحكمة التي تحتاج إلى هدوء وترو، والشعر الذي يحتاج إلى نار واصطخاب واشتعال. لافتاً إلى أن «الثنائية هنا لا تقود أبداً إلى العدمية والتحطم، إنما تخلق أفقاً حميمياً يبحث عنه الشاعر، وهو يتصل بالمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وفكرة حضور العقل والعاطفة هي التي تميز ذلك القائد العظيم، وإنك تفضل في مسارك هذا ما يشير إليه الحديث الشريف (دواء القلب العقل، فداوِ قلبك بالعقل)».

وفي تعليقه على قصيدة «تفاح حواء» للشاعر محمد عزام، أشاد د.عبدالملك مرتاض بالعنوان، وقال «حبذا لو قلت بدل «تفاح» تفاحة، فالعنوان يشتمل على ملمحين شعريين، التفاح أم الفواكه، وحواء أم البشر، وهذا جميل، كما أن العنوان في غاية الشعرية والإضاءة، لكن لا بد من الإيماءة إلى اللغة الشعرية لأنها المادة الأولى التي يبني الشعراء بها شعرهم، وإني ألاحظ شعرية في بناء اللغة، أما عامة أدوات البناء الأخرى، فقد قامت على اللغة الدينية بحكم فكرة الموضوع نفسها، والنص كله مستلهم من ثقافية التراث الديني والتاريخي».

فرح للحزن

هشام الجخ حصل على أعلى نسية تصويت من الجمهور .  من المصدر

الشاعر محمد تركي حجازي قدم نصاً بعنوان «فرح لنبتة الحزن» ورأى د. بن تميم أنها «مليئة بالمجازات الساحرة وهي مكمن للشعر»، لافتاً إلى أنه على الرغم من أن لغة القصيدة حديثة إلا أن الشاعر استدعى التراث، مع تضمنها ثنائية الحزن النبيل والفرح الجميل التي تتجلى في القصيدة، أكثر من تجلي ثنائية العقل والعاطفة، «وكأنك تريد أن تضطرنا إلى الوقوع في التأويل، وَلَيّ عنق النص حتى نصل إلى العقل والعاطفة».

في حين جاءت قصيدة الشاعر نجاح العرسان بعنوان «لا تعش عاقلاً»، قال د.صلاح فضل في تعليقه عليها «على الرغم من إكثارك كلمتي العقل والقلب إلا أنك نجحت، وأعتقد أنه من طيش الشعراء الجميل أن تبدأ مطلعك بـ: «أضأت عقلي بطيش القلب فاكتملا»، في حين أن العقلاء يقولون أضأت قلبي بنور العقل، لكن الشعراء يدهشوننا دائماً، ولديك في النص صور شعرية فاتنة». في حين وجد د.بن تميم أن الشاعر لم يقدم رؤية عميقة لموقف واضح من العقل والعاطفة، الأمر الذي أضعف النص، وأطفأ التوهج الشعري، وخصوصاً عندما تحول النص إلى نوع من الوعظ والحكم والنصائح الباردة، لكنه أثنى على البيت الأخير.

سحاب العقل

منتظر الموسوي ألقى قصيدة عنوانها «بين سحاب العقل وسماء العاطفة». وتساءل د.مرتاض عن سبب اختيار العرسان عنوان القصيدة، وهو إما أنه مباشر أو أنه غير مباشر جداً، وقال «أراك تنهى الآخرين أن يعيشوا عقلاء، وبحكم أنك تتأرجح بين العقل والعاطفة فقد تنازعت لغتك قيمتان اثنتان، وهما العقل والعاطفة، اذ هناك العقل والفهم والجدال والأسئلة، وأنت الوحيد من بين الشعراء الذي مجّد السؤال، فالسؤال مفتاح المعرفة، وحسن السؤال من حسن التعلم، ومن جهة أخرى، تقوم قصيدتك على تكامل بين العقل والعاطفة، وتذهب في بعض الأطوار نحو التحذير من العقل والعقلاء، أفتتعصب كثيراً للعاطفة».

يذكر أن مسابقة «أمير الشعراء» للشعر الفصيح هي الأولى من نوعها على مستوى الوطن العربي، وتعتبر قفزة نوعية في ساحة الشعر الفصيح ومسيرة الإعلام العربي، وذلك بعد النجاح غير المسبوق الذي حققه البرنامجان «شاعر المليون» و«أمير الشعراء»، ويحصل الفائز بالمركز الأول على لقب «أمير الشعراء» وجائزة مالية قدرها مليون درهم إماراتي، إضافة إلى جائزة بردة الإمارة التي تمثل الإرث التاريخي للعرب، وخاتم الإمارة الذي يرمز للقب الإمارة، كما يحصل الفائزون بالمراكز الأربعة التالية على جوائز مادية قيمة، إضافة إلى تكفل إدارة المهرجان بإصدار دواوين شعرية مقروءة ومسموعة لهم.

الأكثر مشاركة