«الجامعة».. نبض الشـــــباب
«الجامعة» عنوان المسلسل الذي تعرضه قناة «إم بي سي 4» حالياً، ويتناول تفاصيل الحياة الجامعية، وما تتضمنه من علاقات وأحداث بين طلبة الجامعة، معبرا عن نبض الشباب. وهذا الموضوع ليس جديدا على الشاشة العربية، سواء في التلفزيون أو السينما، حيث سبق ان تم تناوله في عدد من الأعمال. وعلى الرغم من ذلك، يأتي مسلسل «الجامعة» حاملاً الجديد في اسلوب التصوير، لاعتماده على التصوير السينمائي بكاميرا واحدة، ما شكل عامل اختلاف واضح في الصورة التي يظهر بها المسلسل أمام المشاهد، ويقترب به من طابع بعض الأعمال الدرامية الأجنبية.
قد لا نستطيع القول إن ما يتناوله «الجامعة» من قضايا ومشكلات الشباب، لم يسبق تناوله من قبل، فهناك كثير من الأعمال تناولت قضايا انتشار المخدرات، وعلاقات الحب والصداقة في الجامعة، وطبيعة العلاقات الاجتماعية بين الطلبة، وقضايا المرأة، والحرية السياسية، وهي القضايا نفسها التي يطرحها العمل استنادا إلى أبحاث ودراسات أجريت في سبع دول عربية على مدار عام، لدراسة أوضاع الشباب ومعرفة المضمون الذي يمكن أن يجتذب انتباههم على شاشة التلفزيون، والقضايا التي تشغلهم. وتعطي الاحداث في المسلسل مؤشرا الى ان هذه القضايا متجددة، واننا لم ننجح وربما لم نحاول جدياً إيجاد حلول لها.
المميز في المسلسل ان هذه القضايا تطرح بهدوء ودون إقحام على الإحداث، كما في بعض الأعمال الأخرى، وأيضا دون صراخ وعويل أو مبالغات تفقد المشهد واقعيته وتنفر المشاهد منه، كما في بعض المسلسلات الخليجية. وحاول المؤلف ان يبتعد عن صيغ المعالجة المستهلكة لقضايا الشباب، خصوصاً الإدمان على المخدرات والحب في الجامعة، والتي عادة تظهر فيها شخصية تفرض وصايتها على الأحداث، مثل الأب أو الأم، لكن المؤلف فضل تقديم نموذج من الطلبة أنفسهم، فنجد الطالب الذي يضطر إلى إنفاق كل ما تركته له والدته من إرث على المخدرات، ثم يقوم ببيع أثاث شقته، ليقدم بذلك إنذاراً لـ«يوسف»، وهو احد أبطال العمل الرئيسين ويقوم بدوره الممثل الشاب أسامة جاويش، الذي كان يشاركه تعاطي المخدرات.
ويحسب للمسلسل اعتماده على فريق عمل من الشباب، بعضهم من الوجوه الجديدة والبعض الآخر لم يمثل من قبل، ليتخلص من عيوب أساسية في المسلسلات العربية بشكل عام، والمصرية خصوصا، من أهمها التخلص من سطوة النجم المسيطر على الأحداث، لتصبح الدراما والحدث هما النجم ومحور اهتمام المشاهد. كما تخلص العمل من آفة الاستعانة بنجوم لا تتناسب أعمارهم مع طبيعة الدور، وكثيراً ما شاهدنا فنانات في عمر الأربعين مازلن يقدمن دور طالبة جامعية أو فتاة في العشرين.
الاستعانة بالشباب انعكست على روح العمل واللغة التي يتحدث بها أبطاله، ليس فقط من حيث المفردات التي باتت متداولة بين الشباب في الوقت الحالي، ولكن أيضا في اسلوب الكلام والحوار بينهم، وكذلك في الحركات والتصرفات التلقائية التي تميز بها أداء المشاركين في العمل، الذين تم اختيارهم عبر اختبارات استغرقت ستة أشهر. وكان تصوير المسلسل استغرق ثلاث سنوات كاملة. واكتسب مسلسل «الجامعة» مزيدا من المصداقية عبر التنوع في جنسيات الطلبة، وتقديم كل منهم شخصية تعكس ملامح من مجتمعه، فهناك طلبة من السعودية ولبنان ومصر، وكل منهم يتحدث بلهجته.
أما السلبيات التي قد يأخذها البعض على «الجامعة» فتتمثل في تركيزه على فئة معينة من الشباب تنتمي إلى اسر غنية قادرة على إلحاق أبنائها بجامعات خاصة وليست حكومية، وهذه فئة لا تمثل أغلبية في الشعب المصري أو الشعوب العربية عموما.
لكن تزامن عرض المسلسل مع ثورة 25 يناير في مصر، ربما يخفف حدة الالتفات الى هذا الأمر، بعدما شاهد الجميع هؤلاء الشباب، من طلبة الجامعات الخاصة وخريجيها، في قلب ميدان التحرير وميادين مدن مصرية متعددة، ينامون على ارصفته، ويتقاسمون الغطاء والطعام مع غيرهم من المعتصمين، بما يثبت انهم لا يشكلون فئة منعزلة عن هموم مجتمعاتهم او قضاياها. وبالفعل كان بعض أبطال العمل ضمن المتظاهرين في الميدان، كذلك ربما يمكننا القول ان قيام الثورة منح بعض أحداث العمل بعداً واقعيا ومنطقيا أيضا، مثل إعلان بطلة العمل «ملك» التي تدرس العلوم السياسية، وتقوم بدورها نادية خيري، في بداية الحلقات عن رغبتها في ان تكون «أول رئيسة جمهورية تحكم مصر»، وهي جملة كانت أقرب إلى الـ«كوميدية» قبل الثورة.
ولكن يظل السؤال قائما عن أسباب وتأثير اشتراك مخرجين بإخراج حلقات العمل الذي كتب له السيناريو محمود الدسوقي، اذ قدم المخرج هاني خليفة من قبل فيلماً متميزاً يحمل روح الشباب أيضا هو «سهر الليالي»، وعمرو قورة وهو منتج العمل أيضا من خلال منصبه مديراً لشركة «الكرمة» للإنتاج الفني.