اكتشاف أعماق «ماء الصحراء»
تحت عنوان مثير للدهشة، جاء معرض الصور الفوتوغرافية للفنان السويسري ميشال روغو «ماء الصحراء»، فالعنوان يحيل المتلقي لتلمس علاقة هشة بين طرفين يكتسب كل منهما فرادته من هذا التباعد. لكن مع المجموعة الأولى من الأعمال التي ضمها المعرض، تنحصر الدهشة من الجمع بين الماء والصحراء في العنوان، ليحل محلها نوع آخر من الدهشة لما تضمنته الأعمال من لقطات مبهرة لفرص تلاق نادرة بين الطرفين، من أبرزها تلك التي التقطها الفنان في محمية وادي الوريعة الوطني التي تعد أول محمية طبيعية إماراتية، وبالتحديد في أعمال مياهها التي تحتضنها الجبال والصخور من كل جانب، في تلك الصور تبدو كهوف ومغارات كأنها مدينة كاملة تحت الماء، بينما اتسم الماء بشفافية ونقاء مفرطين بدا معهما كأنه هواء.
جميع الصور التقطت بواسطة كاميرا صغيرة ترسل إلى الأعماق تصوير : إيريك أرازاس |
أمر آخر مثير للدهشة ظهر في المعرض الذي افتتح، أول من أمس، في «الغاف» غاليري، ويستمر حتى 16 أبريل الجاري، شغف الفنان ميشال روغو الشديد بتصوير المياه وأعماق البحيرات والبحار، حيث يعتبر «الماء هو الحياة».
ورغم أن من يشاهد لقطات الفنان يوقن بأنه التقطها أثناء فترات طويلة من الغوص تحت الماء، إلى أن المفاجأة هي أن الفنان لا يجيد الغوص إطلاقاً، وأن جميع الصور التي تضمنها المعرض ومعارض أخرى له أقامها في معارض عدة في أماكن مختلفة، التقطها بوساطة كاميرا صغيرة الحجم جداً يقوم بإنزالها في الماء لأعماق مختلفة بوساطة ذراع تشبه التليسكوب، بينما يتابع مسار الكاميرا وتحركاتها تحت الماء عبر شاشة تلفزيونية معه، ومن خلالها يختار اللقطات التي يقوم بتصويرها. معتبراً أن التصوير بالكاميرا يتيح فرصاً جيدة للتصوير من دون إثارة للأسماك والكائنات تحت الماء.
ويستأثر وادي الوريعة بجانب كبير من الصور التي ضمها المعرض، خصوصاً شلال المياه الاستثنائي الذي يتميز به، وبركته التي تتخلل النتوءات الحجرية والصخور الجبلية المحيطة بالمكان، كما كان لسمكة الوادي التي تعرف بـ«سمكة الكهوف العمياء الإماراتية»، والتي تعيش فقط في جبال الحجر. أيضاً يضم المعرض صوراً للكثبان الرملية في صحراء الربع الخالي، وغابات المانغروف النائمة على سطح الماء في وادي كلباء، واللافت في هذه الصور ألوان المياه العجيبة، وما تضفيه عليها لعبة الضوء والظلال من جاذبية لافتة. في المقابل يؤكد روغو أنه لا يستخدم التقنيات الحديثة مثل الفوتوشوب وغيرها في أعماله، «فالطبيعة لديها القدرة على تقديم مفاجآت أكثر بكثير مما نتوقعه أو نحاول تنفيذه بأنفسنا». ويأتي هذا المعرض للفنان الذي اشتهر بتصويره العالم الكامن في أعماق مسطحات مائية مختلفة في العالم، ليبرز الجمال الاستثنائي الذي تتميز به مسطحات الماء العذب المختلفة، وتعزيز الإرادة لإنقاذ البيئة، خصوصاً انه عمل في مشروع «المياه العذبة»في الإمارات خلال شهر نوفمبر ،2010 في كل من وادي الوريعة والشوكة، وهو مشروع يهدف إلى إبراز صور تحت الماء، وتقديم وثائق فوتوغرافية عن أهم أماكن المياه العذبة في مختلف أنحاء العالم.