ربيع الثورات وخريف الـدراما

هل يفرز ربيع الثورات العربية خريفاً للدراما الرمضانية؟ سؤال أصبح مطروحاً جدياً، إذ لم يتبق سوى ثلاثة شهور تقريباً على بدء رمضان، الذي يمثل ذروة الموسم الدرامي العربي، وحتى الآن مازالت الرؤية ضبابية بالنسبة لخريطة الدراما الرمضانية على القنوات الفضائية العربية، حيث لم تتضح للآن وبشكل نهائي ما الأعمال التي ستعرض في هذا الموسم، نتيجة لتأثر حركة التصوير بالأحداث السياسية والثورات التي شهدتها ومازالت تشهدها حالياً بعض الدول العربية، وفي مقدمتها مصر وسورية، وهما من المراكز الرئيسة للدراما العربية.

الموسم الرمضاني الجديد الذي شهد بداية ساخنة تشي بزخم درامي غير مسبوق هذا العام، خصوصاً مع تنافس نجوم السينما في الإعلان عن توجههم إلى الشاشة الصغيرة لتقديم أعمال درامية، وهو ما عزاه بعض المراقبين إلى إغراء الملايين التي سيتقاضاها هؤلاء النجوم نظير أعمالهم، أو لانحسار بريق النجومية عن هؤلاء النجوم في السينما. ومن أبرز النجوم الذين أعلنوا عن نيتهم المشاركة في دراما رمضان المقبل عادل إمام وعمرو دياب وتامر حسني ومحمد هنيدي ومحمود عبدالعزيز. ولكن بعد قيام ثورة 25 يناير الشعبية في مصر، وتغير نظام الحكم، وما تبعه من تغير في الأحوال الاقتصادية وإحجام شركات عن الانتاج، خصوصاً في ظل إعلان التلفزيون المصري عن عدم شرائه أًعمالا، أو المشاركة في إنتاجها.

ونتيجة لهذه الظروف خفت الحديث عن معظم اعمال النجوم الدرامية، وأعلن بوضوح عن تأجيل عدد كبير منها، من بينها مسلسل «نوسة» الذي كان يعد العمل الدرامي الأول للفنانة اللبنانية هيفاء وهبي، و«شربات لوز» ليسرا، ومسلسل إلهام شاهين «قضية معالي الوزيرة»، وكذلك ليلى علوي في «الشوارع الخلفية»، و«قطار الصعيد» لجمال سليمان، و«الملك» لمحمود عبدالعزيز، و«اللمبي وجولييت» لمحمد سعد، و«على الله» لكريم عبدالعزيز، و«رسائل» لحنان ترك، و«الزوجة الثانية» لصلاح السعدني، و«شجرة الدر» لسلاف فواخرجي. وفي سورية ترددت أخبار عن تأجيل تصوير مسلسل «في حضرة الغياب» الذي يتناول سيرة الشاعر الراحل محمود درويش، بطولة فراس إبراهيم، بسبب ظروف الاحتجاجات والوضع الأمني في سورية.

من جانب آخر، وبعد أن كان النجوم يتبارون في التنافس على لقب «الأعلى أجراً»، تسارعوا لتخفيض أجورهم، وهو ما اعتبر من إيجابيات ثورة 25 يناير. أما أبرز الأعمال التي تم الإعلان عن استمرار تصويرها لتعرض في رمضان المقبل، فهي «فرقة ناجي عطا الله» لعادل إمام، ولكنه واجه صعوبات في التصوير في سورية دعت لانتقاله إلى تركيا، ومسلسل «آدم» لتامر حسني، والذي يعاني أيضاً من صعوبات التصوير في مدينة شرم الشيخ المصرية للكثافة الأمنية فيها لتواجد الرئيس المخلوع حسني مبارك هناك، بينما طار محمد هنيدي إلى باريس لتصوير بعض مشاهد مسلسله «مسيو رمضان مبروك أبوالعلمين حمودة».

في المقابل، تبدو هذه الأوضاع فرصة نادرة أمام الدراما الخليجية لتتصدر المشهد الدرامي الرمضاني، وتخرج إلى حيز جغرافي اكثر اتساعاً، في ظل انحسار المنافسة التقليدية من الدراما المصرية والسورية. ولكن للأسف يبدو أن حالة الضبابية طالت الدراما الخليجية أيضاً، وربما كان للاحداث التي شهدتها البحرين في الفترة الماضية تأثيرها في هذا الجانب، فإلى الآن يجري تصوير عدد من الأعمال ولكن لم تتضح الخريطة النهائية. ومن هذه الأعمال الجزء الثالث من «ليلى» و«وجع الانتصار» لهيفاء حسين، و«جفنات العنب» لهيفاء عادل ومنى شداد، و«الدخيلة» لهدى حسين، و«الاعماق» لعبدالله بوشهري.

ورغم كل ذلك؛ وكما في القول المأثور «مصائب قوم عند قوم فوائد»، لا تبدو الصورة بمثل هذه القتامة للجميع، فهناك من ستعود عليهم هذه الأوضاع بالفائدة، فمن المتوقع ان تستفيد الدراما التركية ونظيرتها الإيرانية، حيث بدأت أنظار أصحاب القنوات الفضائية العربية تتجه إليهما لتعويض النقص الدرامي، وهناك أيضا بعض المسلسلات المصرية التي لم تعرض الموسم الماضي وتم تأجيلها لأسباب مختلفة، والتي ستجد هذا العام مجالا واسعا لتعرض بعيدا عن المنافسة الشرسة التي تحدث عادة، ومنها مسلسل «الدالي 3» لنور الشريف، و«مكتوب على الجبين» لحسين فهمي، و«عابد كرمان» الذي يروي أحد أهم عمليات المخابرات التي تم تنفيذها أثناء حرب الاستنزاف ويقوم ببطولته تيم الحسن، وأيضا أمسلسل «انا القدس» وتدور أحداثه داخل فلسطين خلال 50 عاماً وهي فترة الاحتلال البريطاني وتنتهي نكسة 67 وهو من بطولة فاروق الفيشاوي، ومسلسل «رجل هذا الزمن» الذي يحكي قصة العالم المصري مصطفى مشرفة، من بطولة أحمد شاكر عبداللطيف، إلى جانب عملين للفنانة غادة عادل هما «فرح العمدة» الذي لم يلحق السباق الرمضاني العام الماضي، ومسلسل «شبرا تي في».

الأكثر مشاركة