رسمت العقل الباطن للإنسان في معرضها الفردي الأول
وفاء آل مكتوم تتعقّــب الأحلام
تخاطب المشاهد من خلال أحلامه، فهي على قناعة تامة بأن الأحلام تتشابه أينما حلت وارتحلت، فالطيور والجبال والبحار والصرخات جميعها حالات تحل ضيفة في وقت النوم اما ان تعكر الصفو أو تضيف إليه الجمال. الأحلام بالنسبة إليها هي التناقضات التي نعيشها والتي لا نجرؤ على مواجهتها الا أثناء النوم. يمكن للوصف السابق أن يكون النقطة التي استندت إليها الفنانة التشكيلية الشيخة وفاء حشر آل مكتوم في معرضها الفردي الأول، الذي أقيم أخيرا في «بونهامز» في دبي، وحمل عنوان «في الأحلام»، إذ قدمت أكثر من 10 أعمال رسمت جميعها بالحبر الأسود، وتناولت فيه العقل الباطن للإنسان وأجواء لا تخلو من سريالية.
حلمت بطير، وحين أسرت بحلمها إلى صديقتها أكدت أنها حلمت قبل فترة بطير أيضا، هكذا خرجت الشيخة وفاء بفكرتها التي حولتها إلى أعمال فنية، وتنبهت إلى أن الأحلام تجمع الثقافات والناس أثناء النوم، وأوضحت «ذهبت مباشرة إلى أفراد عائلتي وسألتهم هل حلمتم بالطير فأجابوني بنعم، وبعدها أصبحت أرسم أحلامهم، أجلس مع دائرتي المقربة وأسمع أحلامهم وأرسم الأفكار الرئيسة من تلك الأحلام في دفتر صغير». وأضافت «أحببت بعدها أن أوسع نطاق الاستطلاع وقمت بكتابة ثلاثة أسئلة تتعلق بالأحلام وأرسلتها عبر البريد الالكتروني إلى القائمة الموجودة لدي، وخرجت بالتحليل الذي وصلت إليه وشرعت في رسم دواخلهم التي كانت تترجمها الأحلام وخبأت الدفتر ونسيته أشهراً عدة». إلى أن جاءتني الفرصة بعد لقائي مسؤولين في دار «بونهامز» للمزادات العالمية فوجدت الدفتر مرة أخرى، وقلت ان القدر يلعب لعبته معي في دفعي إلى أن انجز تلك الوريقات الصغيرة على لوحات كبيرة، وقدمت الدفتر إلى «بونهامز»، ونظروا إليه ووافقوا على الفكرة.
السريالية هو أحد الفنون التي تعبر عن الأفكار اللاشعورية للفنان والتي ترتبط بالعقل الباطني والأحلام. وتهدف إلى البعد عن الحقيقة وإطلاق الأفكار المكبوتة والتصورات الخيالية وسيطرة الأحلام. لهذا تبدو لوحاتها غامضة ومعقدة، تحمل المضامين الفكرية والانفعالية التي تحتاج إلى ترجمة من الجمهور المتذوق، كي يدرك مغزاها حسب خبراته الماضية. والانفعالات التي تعتمد عليها السيريالية تظهر ما خلف الحقيقة البصرية الظاهرة، فالفنان السيريالي يكاد أن يكون نصف نائم ويسمح ليده وفرشاته بأن تتصورا إحساساته العضلية وخواطره المتتابعة دون عائق، وفي هذه الحالة تكون اللوحة أكثر صدقا، انبثقت السريالية بفضل اطلاع الشاعر آندريه بريتون على أفكار الفيلسوف فرويد بين العقل والخيال وبين الوعي واللاوعي، من أهم السرياليين : خوان ميرو، آرب، آيرنست سلفادور دالي. |
عناوين سريالية
«دوامة من الأفكار على وشك أن تدور في رأسك، جسمك نائم، عقلك يحلم، أنت على وشك أن تكون عالقاً بوهم، لكن تجرّأ أن تحلم على الرغم من خطر مواجهة الكابوس، لا يمكنك التحكّم في الرحلة بواسطة المشاعر والإلهام، ولكن فيما يحلّ الظلام تتحوّل إلى بطل هذه الحكاية من نسج الخيال، لا شيء مستحيل في الحالة الذهنية المتغيرة، يمكنك تذوّق الألوان، ورؤية الأصوات، وحتى تحدي الجاذبية، ما الذي سيمنعك؟ أنت ثمل بالانطباعات من عرض المشاعر، يمكنك الذهاب إلى آخر العالم والعودة في لمحة البصر». هذه جولة حول عناوين لأعمال، حيث اختارت صاحبتها أن تصف الحالات الداخلية للإنسان تجاه حلمه، «ارتأيت أن أصف الحالات بشكلها الظاهر المكتوب، كي أوصل الفكرة إلى المشاهد بشكل أبسط وأدخله في هذا العالم الذي نعرفه كلنا».
وأكدت «كما أنني اعتمدت على أن تكون عناوين اللوحات سريالية، مثل طبيعة المدرسة التي اعتمدتها في الرسم في هذه المجموعة».
تكنيك
الشيخة وفاء التي تعتبر أن «الفن وسيلة لنعبر من خلاله عن ما نريد، والجميل أن تكون الفكرة تخاطب الجميع أيضا»، استخدمت الحبر الأسود في رسم لوحاتها، وارتأت أن الأبيض والأسود هما الحاضران فقط، وإذا ما كان اعتمادها اللونين الأبيض والأسود، لأن الأحلام التي نراها تكون بالأبيض والأسود، أوضحت «ليس للون علاقة بلون الأحلام، لكني وجدت أن الأبيض والأسود كما هو متعارف عليهما فيهما القوة والمباشرة فلا مكان للحيادية فيهما، من يشاهد أعمالي يعتقد انها مطبوعة أو فوتوغرافية مع انها مرسومة بالحبر وداخلة في تفاصيل التفاصيل، وهذا النوع من الرسم لا يعتبر هينا ابدا»، وعن اللون الثالث الذي تحب إضافته اذا احتاجت قالت «الأحمر فمن خلاله تتضح الرؤية، إلا أنني لم استخدمه في أعمالي الحالية».
الإمارات
عن الحركة الفنية التشكيلية في الإمارات، أكدت أنها تعتبر أي فنان يعيش على أرض الدولة إماراتي الانطباع «فمهما اختلفت جنسياتنا، إلا أننا نتوحد بالبيئة المحيطة بنا والتي تؤثر في مخيلتنا وتدفعنا إلى أن نكون جزءا ناقلا لها، فاللوحة الفنية مثل القصيدة «التي تختلف فيها العبارات والمفردات، من بيئة إلى أخرى»، مشيرة إلى أن الحراك الفني في الدولة يمشي بطريقة سريعة، «وهذا ليس صحيا بل نحن نحتاج الى التأني»، مؤكدة ان «عصر رواد الحركة التشكيلية في الدولة مثل عبدالقادر الريس والدكتورة نجاة مكي كان أكثر غنى، اعتمادنا نحن على التكنولوجيا التي تقدم الأشياء على طبق من فضة وفي الفن تحدّ التكنولوجيا من المخيلة، التي كانت تنبض بعصر رواد الحركة التشكيلية في كل مكان».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news