منع القبلات لتحسين حال المسلسلات

الممثل التركي كيفانش تاتليتوغ المعروف بـ «مهند». أرشيفية

هل يستحق القرار الذي أصدرته إدارة التليفزيون المصري بمنع القبلات على شاشات القنوات المصرية الرسمية، والذي تناقلته وسائل إعلام ثم عادت بعضها لتنفيه، كل هذا الجدل والضجيج الذي أثير حوله؟ بمعنى أكثر وضوحاً.. هل القبلات هي المشكلة الرئيسة في الدراما العربية؟ وهل منع مشاهد القبلات سيرتفع بمستوى الأعمال التي تعرض على شاشات الفضائيات العربية؟

من المؤكد أن مشكلة الدراما على القنوات الفضائية العربية أصبحت في السنوات الأخيرة أكثر عمقا وتشعبا، ومن المؤكد ان حلها لن يكون بمثل هذه البساطة والسهولة، فما الذي يمكن ان يفيده منع مشاهد القبلات أو المشاهد الساخنة، إذا كان الحوار الدائر بين الفنانين في العمل الدرامي يحمل من الألفاظ الخارجة والإيحاءات المسيئة ما يفوق في جرأته وخروجه على الآداب العامة ما يمكن ان يحمله مشهد القبلة بمراحل، وباتت الشتائم والألفاظ الجارحة أمراً عادياً في بعض الأعمال الدرامية، وهو ما يتعارض مع جوهر الفنون الذي يهدف إلى الارتقاء بالذوق والسلوك وإعلاء قيمة الجمال في نفس ووجدان المشاهد.

حتى عندما نتعرض للأعمال الدرامية التي حملت في مضمونها هدفاً أو حاولت طرح قضية جادة والدفاع عنها، نجدها لم تسلم من مثل هذه التجاوزات، مثل مسلسل يطرح قضية الاغتصاب وما يسببه للمرأة من آلام نفسية ومشكلات اجتماعية تتحمل وزرها بمفردها رغم أنها ضحية، وهي قضية مهمة نجد مخرج العمل يفرد لمشهد حادثة الاغتصاب مساحة زمنية تزيد على خمس دقائق، وهي فترة طويلة مقارنة بمدة الحلقة، وربما يكون الامر مقبولاً في فيلم سينمائي، ولكنه يصبح محل تساؤل عندما يعرض على شاشة التلفزيون التي غالبا ما تجتمع حولها الاسرة العربية بمختلف أفرادها بمن فيهم الأطفال.

في المقابل ومن وجهة نظر درامية، نجد ان الحاجة لعرض مثل هذا المشهد وتطويله ليست ملحة بل كان يكفي المرور به سريعاً، خصوصاً أن وحشية الجريمة لا تخفى على أحد، كما ان عرض المشهد لن يسهم، على سبيل المثال، في التقليل من نسبة وقوع هذا النوع من الجرائم، لأن الدراسات تشير إلى ان غالبية مرتكبيها يقومون بجريمتهم وهم تحت تأثير حالة غير طبيعية مثل تناول المخدرات، أي لن يكون للوازع الانساني الذي يسعى المشهد لعزيزه تأثير في هذا الشخص.

ما يزيد من صعوبة السيطرة على حالة الدراما على القنوات الفضائية العربية هو عدم اعتمادها على الأعمال العربية فقط، بعد ان أصبحت المسلسلات المستوردة مثل المكسيكية والارجنتينية والتركية وغيرها، تلقى رواجا واسعا بين الجمهور العربي، رغم ما تحمله من مضمون يختلف كثيرا عن عادات وتقاليد المجتمع العربي، ويكفينا ان تظل الاسر العربية تتابع مسلسلاً واحداً على مدى يزيد على شهرين، وكل ما يدور حوله هو قصة خيانة زوجة شابة لزوجها العجوز مع ابن أخيه، الطريف أن غالبية المتابعين للبرنامج شعروا بتعاطف شديد على مدى الحلقات مع الزوجة الجميلة وحبيبها الوسيم، وكانوا يشعرون بالقلق والضيق من مجرد فكرة اكتشاف الزوج للخيانة التي يتعرض لها، وهو ما يخالف الفطرة السليمة وكل ما تنص عليه الشرائع السماوية والقوانين الوضعية والعادات والتقاليد، بأن الخيانة جريمة مرفوضة حتى لو كان مرتكبها يتمتع بمثل ما يتمتع به (مهند) التركي من وسامة وجاذبية، مثل هذه القيم المستحدثة التي يتم زرعها تدريجياً في نفس المشاهد، هي الخطر الحقيقي الذي يجب أن ينتبه إليه القائمون على القنوات الفضائية، ولن يستطيع قرار «منع القبلات» ان يضع له حداً، فما الذي يفيده حذف مثل هذه المشاهد من عمل كله يدور حول علاقة محرمة؟ لا شيء بالتأكيد.

تويتر