طالبات يقتحمن « المسكوت عنه » بالفن السابع
تصدّت مجموعة من طالبات كليات التقنية العليا لقضايا وصفنها بـ«المسكوت عنها»، ضمن أعمال مهرجان دبي الأول لأفلام الطلبة. وفي الوقت الذي توقع فيه الحضور، الذين وصل عددهم إلى نحو 100 شخص، مطالعة قضايا مرتبطة بشكل مباشر بالشباب، فوجئ الجميع بأن 10 أفلام من جملة 12 فيلماً هي لطالبات سعين إلى مناقشة قضايا مجتمعية بجرأة، مثل غلاء المهور والزوجة الثانية.
وحظي فيلم الافتتاح «المهر» للطالبة ميثاء حمدان بتصفيق حار من قِبل المدعوين، بعدما تمكّنت بسلاسة لافتة من التطرق إلى قضية شائكة لا تبتعد كثيراً عن دائرة المسكوت عنه مجتمعياً، بالنسبة للفتيات على الأقل، وقالت حمدان: «سعيت إلى الاستعانة بالكوميديا، من أجل استدراج المشاهد لنقاش فكري مع الفيلم، الذي تتشابه تفاصيله مع تفاصيل حياة المئات من بنات جيلي».
وأضافت: «الفيلم يتطرق أيضاً إلى الإشكاليات المجتمعية الناجمة عن الزواج بأجنبيات، لكنني تلقيت نصيحة فنية بالتركيز على قضية واحدة، فاخترت غلاء المهور، بما في ذلك لجوء بعض الفتيات إلى منح المتقدمين لخطبتهن أموالاً لمساعدتهم على الإيفاء بمهورهن من دون علم الأهل، وخطورة هذا السلوك بالأساس على مستقبل الحياة الزوجية».
وناقش فيلم آخر لطالبة من كلية التقنية العليا فرع الفجيرة، القضية ذاتها، ولكن من زاوية أخرى هي «العزوبية»، وشهدت قاعة العرض حالة توحّد وجداني مع طفلتين تلهوان بدمية وتهمسان بأحلام النضج، وفستان الزفاف وطقوسه، قبل أن تنتقل الكاميرا بفعل مرور السنين إلى مشهد حزين لهما ينبئ بمعاناة الوحدة بعد الوصول إلى مرحلة العنوسة، على خلفية إصرار الأب على المغالاة في مهريهما.
وفي مقابل غياب قضايا مرتبطة بمخيلة الشباب في معظم الأفلام المطروحة في المهرجان، الذي أقيم أمس، في كلية دبي التقنية بمنطقة الروية في دبي، بدا جلياً أن هؤلاء الشباب أنفسهم يمتلكون طاقات تنظيمية هائلة، إذ قام عدد محدود منهم بالإعداد للحدث بصيغة المهرجانات الكبرى، من حيث قبول الأعمال المرشحة، وعرضها على لجنة مشاهدة واختيار، ثم لجنة تحكيم تمارس عملها وفق آليات محددة سلفاً، إضافة إلى توجيه الدعوات، ومتابعة إعداد المسرح، واستقبال الضيوف، وغيرها، في ظل ميزانية محدودة لم تتجاوز 10 آلاف درهم.
واعتبر الطالب فيصل الريس، أحد أعضاء اللجنة المنظمة للمهرجان، أن سيطرة أعمال الطالبات على المهرجان، أحد مؤشرات نزاهة لجنة الاختيار، مضيفاً: «لم تحكمنا سوى المعايير الفنية، ولم يكن في مصلحة المهرجان التنازل عن معايير الجودة، بهدف إحداث نوع من التوازن في المشاركة بين أفلام الطلاب والطالبات، ومن جملة 30 فيلماً وصلتنا، لم تكن مصادفة أن يكون أنضجهن فنياً هو أفلام الطالبات، اللائي يتمتعن بحس سينمائي مميز».
من جانبها، توقعت مدير توعية المجتمعات المحلية في كلية التقنية بدبي للطلاب، الدكتورة هيام عبدالحميد، أن يتحوّل المهرجان إلى حدث سنوي يقوم الطلبة بتطويره، ونقل خبراتهم إلى الصفوف التالية، مضيفة: «هناك كثير من الإيجابيات التي تحققت في هذا اليوم، تتعدى مجرد كون المهرجان بالأساس مشروع تخرج، في مقدمها اكتساب ثقة تنظيم الأحداث الكبرى والمقدرة على إدارتها، وسيادة روح الإبداع والتنافس، سواء في الناحية التنظيمية أو الإبداعية بين الطلبة».
وتنوّعت الأفلام المعروضة بين الوثائقية والقصيرة، وشهدت أفلام مثل «الكندورة» و«التائهين» و«الجندي المجهول» و«الأمل المقيد» حضوراً ملحوظاً للتقاليد الراسخـة في المجتمع الإماراتي، فيما استوحى مخرج الفيلم الأخير، الطالب محمد يوسف، فكرته من وظيفته السابقة في مركز علاج الثلاسيميا بدبي، واحتكاكه بأسر المصابين، ما جعل العمل يمزج بين المحتوى المعلوماتي الدقيق والمستوى الفني الممتع، فاستحق به الجائزة الوحيدة لفئة «الوثائقي»، في مقابل حصول فيلم «القنينة» للطالبتين مريم آل علي، وأسماء عبيد، على جائزة الأفلام القصيرة.