غلاف الرواية الجديدة. من المصدر

«قبل أن تنام الملكة».. رواية جديدة لحبايب

صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت أخيراً رواية «قبل أن تنام الملكة» للروائية والقاصة الفلسطينية حزامة حبايب. في عملها الجديد، تقدّم حبايب سرداً ملحمياً، تطعّمه ببوح حكائي، يبلغ ذرى عاطفية على نحو يقبض على قلب القارئ وفكره، ويشحذ روحه برغبة حثيثة للمضي في الطريق الذي ترصفه كلماتها، متورطاً في فصول الحياة التي تعيد الكاتبة بناءها من مجموع مِزق من الحزن والوجع وضياعات وفرح منحسر، وحبّ أثير، ووطن مُرام يلامس المستحيل.

وترسم حبايب في «قبل أن تنام الملكة» صفحات شائكة وشائقة، مشغولة بالألم، مترنّحة بالخسارة، لامرأة تسعى إلى استنطاق الحبّ ومقاربة الحياة ضمن الحدّ الأدنى من الهزيمة، الشخصية والعامة، واستجلاء المعنى المجرد من مجاز الوجود، وتوسّل الوطن، كفكرة مخاتلة، من خلال سرد حكايتها لابنتها. الملكة في الرواية هي الأم، كما أنها هي الابنة؛ إذ تمنح كل منهما الأخرى سبباً مشروعاً، أو حتى محتملاً، للحياة. تروي الأم المطاردة بالرحيل والهجر والفراق حكاية رحلة من عذاب لا يتوقف، لا عزاء فيها سوى ما تجده بين يدي الطفلة التي تكبر، حيث تفتح حكاية على أخرى، في وثباتٍ سردية تتواصل، كأن الأم من خلالها تحاول أن تشدّ ابنتها إلى البقاء، بينما تشب الابنة عن الطوق، وتبحث عن حريتها في انفصال لا يعني للأم سوى تكريس المزيد من الفقد. الحكّاءة في الرواية هي امرأة حزينة، مقهورة، تتلبّس حياتها وحيوات آخرين دون خيار أو اختيار، وفي الأثناء تجاهد كي تصنع حباً وحياةً ووطناً، فتقطع طرقات وصحارى وبلاداً لا تضمن لها الوصول إلى ما تريد. حتى البيت، إذ يستحيل وطناً بطريقته، يضيع في كل مرة تحاول أن «تستوطنه» أو تصنعه بأي ثمن خلال الرحلة، رحلة السرد، تعيد البطلة بناء حياتها وكتابة تاريخها، وتستكشف ذاتها، ولعلها تتصالح مع هزائمها ومواسم الخذلان الكثيرة التي طبعت وجودها، ولا يعود الفقد، كإحساس ملازم، ضاغطاً بشدة.

إن الساردة الشغوف، ملكة الحياة الشقية، إذ تشارف رحلتها المضنية على نهايتها، بعد فيض من الحكي المتوهج، تستطيع ربما بعد كل هذه السنين، وكل هذا الفقد، أن تنام بعمق.

الأكثر مشاركة