«دبي للثقافة» اختتمت «معالجات النـص».. ومسـارح الشارقة استهلت ورشة «الصوت»

دورات الدراما.. نشاط الصيف وإبداع الشتاء

الورش المسرحية المختلفة تنشط صيفاً وُيطالب بها شتاءً.. جدلية دائمة بين الإبداع وتوصيات لجان التحكيم. من المصدر

على أعتاب الصيف تبدأ في الانتشار، دورات متخصصة في فنون الدراما، استجابة لمطالبات لجان تحكيم في معظم المهرجانات المختلفة، خصوصاً مهرجان دبي لمسرح الشباب، باعتباره الوحيد الذي يتعامل مع أصحاب المواهب الناشئة، وما بين مطالبات الشتاء وإبداعاته الممثلة في إقامة المهرجانات المسرحية المختلفة، وتلبياتها صيفاً، تتفاوت حظوظ الفئة المستهدفة من هذه الدورات، تبعاً لمعايير كثيرة منها عملية الإعلان عن تلك الدورات، ووصول دعوات الاشتراك بالفعل للفئة المستهدفة، فضلاً عن طبيعة تخصص كل دورة، والاختلاف فيما بين الشباب أنفسهم في السعي إلى تطوير أدواتهم.

وفي الوقت الذي تفتح فيه الدورات أبوابها مثل دورة «المعالجات المتعددة للنص»، التي اختتمت اول من أمس، بإشراف هيئة دبي للثقافة، وورشة «تقنيات الصوت»، التي افتتحت أمس بتنظيم مجموعة مسارح الشارقة، فإن التحاق اسماء معروفة في مجالات إبداع أخرى مثل الشعر والقصة والتشكيل، في دورات فنون مسرحية مؤشر آخر إلى أن المسافات بين الفنون أضحت وهمية، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بأهداف اكتساب خبرات جديدة.

وحسب مدير الفنون الأدائية التي تشمل قطاعي المسرح والسينما، في هيئة دبي للثقافة والفنون، الفنان ياسر القرقاوي فإن الساحة المسرحية سوف تستقبل عدداً من الورش والدورات المسرحية في هذه المرحلة، سواء بتنظيم وإشراف مباشر من قبل الهيئة، أو بمبادرات مختلفة من بعض الفنانين والمسارح، بعضها قد تم بالفعل مثل دورة «الممثل الواعد»، التي أشرف عليها في مسرح دبي الأهلي الفنان بلال عبدالله، ودورة «المعالجات المتعددة للنص المسرحي» التي اختتمت مساء أول من أمس، في مكتبة دبي العامة بالطوار، وقام خلالها د. أسامة ابوطالب بتدريب 19 موهبة على مدار 42 ساعة على نحو مازج ما بين الجانبين الأكاديمي والعملي.

مهمومون بالخشبة

قال مدير الفنون الأدائية في هيئة دبي للثقافة والفنون، ياسر القرقاوي، إنه إلى جانب الدورات التي تقام بمبادرات رسمية سواء من قبل الهيئة أو سائر المؤسسات الثقافية، فإن هناك أشخاصاً مهمومين بالخشبة، تمثل مشروعاتهم المختلفة فرصاً استثنائية لاستيعاب الكثير من المواهب المسرحية الشابة، مضيفاً «الفنان مرعي الحليان يكاد يكون علامة مسجلة في هذا الإطار، فهو دائم الاعتماد على مواهب بعضها يصعد في كل عمل جديد معه على الخشبة للمرة الأولى، وهو أمر مرهق ويحمل مخاطرة فنية وفق معايير الجودة، قد لا يأخذه البعض في الحسبان في ضوء إصدار أحكام نقدية على المسرحية».

وإلى جانب الحليان، فإن الفنان عبدالله صالح الذي لا يخاطبه ابنه الفنان الشاب مروان عبدالله فقط بلفظة «ابوي»، بل يشاركه فيها ربما العشرات من زملائه ، حيث يعد صالح حاليا لمشروع استوديو دائم لتدريب المواهب الصاعدة على مدار العام بالتنسيق مع مجلس إدارة مســـرح الشباب، وهو مشروع لم يتم الكشف عنه حتى الآن، في حين يبقى صاحب «سفر العميان» و«باب البراحة» الفنان ناجي الحاي مرجعاً مهماً للشــــباب، حتى بعد أن أخـــذه الهم الاجتماعي بوصفه وكيلاً لوزارة الشؤون الاجتماعية، كثيراً عن نظيره المسرحي.

من جانبه، صرح عدد من الملتحقين بدورة «المعالجات المتعددة للنص المسرحي» بأنهم جاؤوا إليها وفي مخيلة كل منهم مشروعات بعينها، منهم الكاتب الشاب محمد الحمادي الذي أكد أنه قادم لمهرجان دبي لمسرح الشباب في موسمه المقبل بمشروع جديد سيستفيد في تقنياته من بعض الخبرات التي أتاحتها له الدورة، وهي وجهة النظر نفسها التي عكستها وفاء الخازندار، مشيرة إلى أن «مثل تلك الدورات فرصة ذهبية لتجويد الأدوات، وتلاقح الأفكار على نحو عالي الحرفية».

وأقر القرقاوي بأن العام الجاري يشهد مزيداً من تفعيل استراتيجية الدورات المتخصصة في مختلف الفنون، مشيراً إلى أنه على تنوع المؤسسات الثقافية عموماً والمسرحية خصوصاً، فإنها تتكامل في أن كلاً منها يولي أهمية كبيرة للاهتمام بحسن استثمار المواهب الناشئة والشابة، مضيفاً في الوقت الذي تختتم فيه دورة «المعالجات المتعددة للنص الدرامي» تقريباً بتنظيم من «دبي للثقافة»، تبدأ ورشة في هندسة الصوت والإضاءة بتنظيم من مجموعة مسارح الشارقة، وأتوقع بعدها أن يعلن أحد مسارح دبي عن مشروع رائد يتعلق أيضاً بتدريب واحتضان المواهب المسرحية، ما سيجعل الموسم الثقافي للعام الجاري أكثر ثراء من سابقه، على الأقل في ما يتعلق بالفعاليات التي تعنى بتطوير المهارات.

وأشار القرقاوي إلى أن «دبي للثقافة» تعتبر تواتر تلك الدورات والورش يمثل استجاة عملية لتوصيات مهرجان دبي لمسرح الشباب الذي يشهد متابعة حثيثة من سمو الشيخ ماجد بن محمد بن راشد آل مكتوم رئيس هيئة دبي للثقافة والفنون، الذي يوجه من جانبه بالسعي الدائم لاستثمار المواهب الإبداعية الشابة في مختلف المجالات الفنية والثقافية.

وأضاف القرقاوي «رغم ذلك يبقى الاهتمام بهذا الجانب بحاجة ماسة إلى استيعاب الشباب ضمن مشروعات مسرحية ودرامية مكتملة، وهو الأمر الذي يوفره في ما يتعلق بالمسرح، مهرجان دبي لمسرح الشباب، ويقوم به في مجالات مختلفة أيضاً العديد من المهرجانات والفعاليات التي تمثل زخماً حقيقياً سواء للمشتركين فيها، أو للجمهور الذي يجد تجارب إبداعية متميزة ولا تفتقر إلى الجدة والالتصاق بتفاصيل المجتمع».

القرقاوي الذي كان حاضراً لمختلف محاضرات دورة «المعالجات المتعددة» من أجل مزيد من الاستفادة الفنية، بل إنه كان أول الأسماء المسجلة للالتحاق بها، كان حاضراً أيضاً لمهرجان دبي السينمائي للطلاب في نسخته الأولى الذي أقيم بجهود ذاتية لـ12 طالباً من طلاب كلية دبي التقنية، وهو ما أحاله إلى ذكريات تخرجه من ذات الكلية، والخيوط الأولى للإبداع، مؤكداً أن «دعم المواهب الشابة قيمة وطنية وضميرية قبل أن يكون واجبا أو تقليدا مرتبطا بأداء وظيفي، أو حتى يفرضه واقع الانتماء لوسط فني بعينه».

من جانبه، أكد دكتور أسامة ابوطالب الذي يمتلك خبرات متعددة تتعلق بتدريس الفنون المسرحية، أنه رغم أن المسرح فن يمارس على الخشبة، إلا أن تلك الممارسة تبقى مقرونة بخبرة سابقة تصقل الموهبة، لا سبيل للوصول إليها إلا من خلال الجانب الأكاديمي.

وأضاف «المبدعون الـ19 الذين اشتركوا في دورة المعالجات المتعددة يمتلك كل منهم أفقاً مغايراً، وعلى الرغم من أن بعضهم يمتلك خلفيات تشكيلية أو روائية أو شاعرية مثل الشاعرة الهنوف محمد، الكاتبة فاطمة العبدالله، التشكيلية وفاء الخازندار، وأيضاً الممثلة عبير جلال التي فاز عمل لها بأفضل نص لمسرح الطفل في مسابقة التأليف المسرحي للهيئة العربية للمسرح، إلا أن الجميع كان منصهراً في تفاصيل الدورة، بل إن الكاتب المسرحي الشاب محمد الحمادي قدم مشروعاً مهماً لتحويل نص روائي إلى آخر مسرحي، وفق التقنيات التي استلهمها من الدورة».

من جانبه، قال مدير عام مجموعة مسارح الشارقة محمد حمدان بن جرش، إن المجموعة وضعت منذ انطلاقتها أولوية دعم المواهب الشابة من خلال تدشين ورش ودورات تلبي احتياجاتهم المختلفة، مضيفاً «تأتي دورة تقنيات الصوت التي بدأت أمس على سبيل المثال لتستكمل حلقة جديدة من حلقات برنامج التأهيل المسرحي المستمر، حيث كانت الدورة الأولى مخصصة للإضاءة، ونحن نسعى من خلال هذه الدورات إلى تأهيل جيل شاب قادر على التعاطي بشكل علمي مع التقنيات الإبداعية، ما يشكل رافداً للساحة المسرحية ونحن نعتمد في هذه الدورات على كفاءات مشهود لها بالعلم والخبرة من أجل أن يستفيد المنتسبين بأكبر قدر ممكن من الجانبين النظري والعلمي، وقد لاحظنا إقبالاً كبيراً من الشباب والشابات على خوض هذه الدورات، ما يؤكد أن هذا الجيل راغب في دخول المجال المسرحي والفني بشكل علمي ومعرفي، ولديه اهتمام بالإبداع، وهاتان المسألتان تدلان على أن مسيرة المسرح هي في تقدم، خصوصا مع وجود أرضية كبيرة لهذا الفن في الإمارات».

تويتر